رجيم الوجبة اليومية الواحدة: هل تستحق خسارة الوزن خوض التحدي؟
رجيم الوجبة الواحدة يوميًا (OMAD)، رجيم سريع وفعال في إنقاص الوزن، وهو إحدى صور الصيام المتقطع في حقيقته، الذي يسهِم أيضًا في الوقاية من بعض الأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب ومرض السكري.
لكن هل يمكن أن تكتفي بوجبة واحدة فقط طوال يومك؟ وإذا كان الأمر كذلك فلا بُدّ أن تكون الوجبة مميّزة ومتنوّعة، ولكن قبل ذلك: هل تستحق خسارة الوزن الاقتصار على وجبة واحدة فحسب؟
رجيم الوجبة اليومية الواحدة
رجيم الوجبة الواحدة (OMAD)، هو خطة لإنقاص الوزن تتضمّن تناول وجبة واحدة فقط يوميًا، ومن ثم فإنه شكل من أشكال الصيام المتقطع، المعروف بنظام 23:1، وهو ما يعني أنّك تقضي 23 ساعة في الصيام، ويُتاح لك ساعة واحدة فقط يوميًا لتناول السعرات الحرارية.
وأغلب من يلتزمون هذا النظام الغذائي، يتناولون وجبتهم الوحيدة في المساء، ثُمّ يصومون حتى وجبتهم المسائية في اليوم التالي.
فوائد رجيم OMAD لخسارة الوزن
بالتأكيد يساعد هذا الرجيم على خسارة الوزن الزائد؛ إذ إنّ تقليل السعرات الحرارية التي تتناولها، بغض النظر عن كيفية القيام بذلك، سيُؤدِّي حتمًا إلى فقدان الدهون المتراكِمة في أنحاء الجسم.
ورجيم الوجبة الواحدة يوميًا يُحقِّق ذلك بالتأكيد؛ إذ تلك الوجبة الواحدة لا تُساوِي النظام الغذائي العادي في السعرات الحرارية، بل هي أقل منه بكثير.
وعلى سبيل المثال، بيّنت دراسة منشورة عام 2022 في دورية "Frontiers in Physiology"، أُجريت على بالغين أصحاء ذوي بنية جسدية نحيلة، أنّ تقييد تناول السعرات الحرارية بفترةٍ زمنية مُدّتها ساعتين في المساء (من الساعة 5 مساءً إلى 7 مساءً)، أدّى إلى زيادة كبيرة في فقدان دهون الجسم، مقارنةً بتناول ثلاث وجبات منفصلة طوال اليوم.
كما كشفت مراجعة أخرى عام 2018 نُشِرت في "JBI Database of Systematic Reviews and Implementation Reports"، أنّ الصيام المتقطّع، بما في ذلك فترات الصيام الممتدة، مثل رجيم الوجبة الواحدة يوميًا، من المُرجّح أن يؤدِّي إلى فقدان الوزن.
ولم تتوقف الدراسات عند هذا فقط، فقد بيّنت مراجعة نشرت عام 2017 في "مجلة التغذية The Journal of Nutrition"، أنّ الصيام طوال الليل على مدار 18 ساعة أو أكثر، كان مرتبطًا بانخفاض وزن الجسم، مقارنةً بفترات الصيام الأقصر.
الفوائد الصحية لرجيم OMAD
نظام OMAD الصحي ليس مفيدًا فقط في خسارة الوزن، بل مُفيد أيضًا في تحسين الصحة من جوانب عِدّة، مثل:
1. الوقاية من الأمراض المزمنة:
ذكرت دراسة نشرت عام 2019 في "The New England Journal of Medicine"، أنّ الصيام المتقطّع قد يحمي من الأمراض المزمنة، مثل:
- الاضطرابات العصبية المعرفية المرتبطة بالعُمر، مثل مرض ألزهايمر.
- مرض القلب.
- بعض أنواع السرطان.
- مرض السكري من النوع الثاني.
اقرأ أيضًا:رجيم الفواكه.. هل يكفي المذاق الحلو لخسارة الوزن؟
2. تحسين صحة الدماغ:
يُؤثِّر الصيام المتقطّع -بغض النظر عن شكله- في وظائف الدماغ، فقد اقترح بحثٌ نُشِر عام 2022 في مجلة "Nutrients"، أنَّ التغيّرات الأيضية المرتبطة بالصيام، تُعزِّز وظائف المخ، وتُحسِّن الأداء المعرفي، مثل التركيز وأداء المهام.
أضرار رجيم الوجبة الواحدة OMAD
رغم إمكانية حرق الدهون بوجبة واحدة في رجيم OMAD، والفوائد الصحية الأخرى له، فإنّه لا يخلو من أضرار، خاصةً مع الاقتصار على تناول وجبة واحدة فقط كل يوم، ومن بين هذه الأضرار:
1. نقص العناصر الغذائية:
نعم، يسمح لك رجيم الوجبة الواحدة بخسارة الوزن سريعًا، لكن ذلك قد يكون على حساب نقص العناصر الغذائية لديك؛ إذ من الصعب الحصول على جميع العناصر الغذائية التي تحتاج إليها في وجبة واحدة فحسب.
لذا لا يُوصِي خبراء الصحة بالتزام رجيم OMAD لفترة طويلة، لأنّه يكاد يكون من المستحيل الحصول على الفيتامينات والمعادن والألياف الكافية لجسمك في وجبة واحدة فقط.
2. الإفراط في الأكل واضطرابات الهضم:
بسبب الجوع الشديد مع الصيام لـ23 ساعة قبل تناول الطعام في وجبة واحدة، فقد تُفرِط في الأكل، وهذا بحد ذاته قد يؤدي إلى الانتفاخ وإلى مشكلات هضمية أخرى، لذا يُنصَح بالتمهّل في الأكل ومحاولة مضغ الطعام جيدًا قبل بلعه، لتفادي اضطرابات الهضم.
3. اضطراب الحياة اليومية:
التزام نظام OMAD الغذائي قد يعني أن تمرّ عليك المناسبات الاجتماعية دون أن تشارِك في تناول الطعام، لذا فقد يكون من الصعب الالتزام بهذا الرجيم، خلال المناسبات الاجتماعية، خاصةً إذا كُنت تُدعَى إليها كثيرًا.
اقرأ أيضًا:رجيم النمط الأيضي: هل يمكن لخريطة التمثيل الغذائي أن تقودك لخسارة الوزن؟
4. آثار جانبية متوقّعة:
قد يؤدِّي الاستمرار كل يوم في تناول وجبة واحدة فقط يوميًا، والصيام لـ23 ساعة إلى بعض الآثار الجانبية، مثل:
- الشعور الشديد بالجوع.
- الإرهاق بسبب صعوبة إمداد الجسم بالطاقة طوال ساعات الصيام.
- الارتعاش والضعف والانفعال، بسبب انخفاض مستويات السكر في الدم.
- صعوبة التركيز.
- الدوخة.
- الغثيان.
- صعوبة النوم.
من الأشخاص الذين لا يناسبهم رجيم OMAD؟
حتى مع صعوبة التزام رجيم OMAD، فإنَّه غير مناسب لبعض الأشخاص، خاصةً الذين لديهم مخاوف صحية مُعيّنة أو يتناولون أدوية مُعيّنة، وحسب "Verywell Health"، فإنَّ هذا الرجيم قد يزيد المخاطر الصحية في حالة الإصابة بـ:
- أمراض القلب.
- مرض السكري.
- مرض الكلى، خاصةً أنّ الصيام المتقطع قد يكون مرهِقًا للكلى.
كذلك فإنَّ من يصومون لفتراتٍ طويلة يكونون أكثر عُرضةً للإصابة بحصى المرارة، مقارنةً بغيرهم، لذا فقد يكون رجيم الوجبة الواحدة أو الصيام المتقطّع غير مناسب لمن يُعانُون مشكلات المرارة.
الأطعمة المسموح بها في رجيم OMAD
مثل أي نظامٍ غذائي صحي، يُشجِّع رجيم OMAD على تناول الأطعمة المليئة بالعناصر الغذائية:
- الفواكه، مثل التوت أو البرتقال أو الفراولة أو الموز.
- الخضراوات، مثل البروكلي أو الكرنب أو الملفوف أو الفلفل.
- الحبوب، مثل الشوفان أو الكينوا أو الشعير.
- الدهون الصحية، مثل الأفوكادو أو زيت الزيتون.
- البقوليات، مثل البازلاء أو الحمص أو العدس أو الفاصوليا السوداء.
- البذور والمكسرات، مثل بذور اليقطين أو الكاجو أو اللوز.
- منتجات الألبان وبدائلها النباتية، مثل الزبادي غير المُحلّى وحليب جوز الهند.
- مصادر البروتين، مثل الدجاج أو السمك أو البيض.
الأطعمة الممنوعة في رجيم OMAD
لا يُسمَح في رجيم الوجبة الواحدة يوميًا بتناول الأطعمة عالية المُعالَجة أو المُصنَّعة، مثل:
- الوجبات السريعة.
- المعجنات المليئة بالسكر.
- الخبز الأبيض.
- المشروبات الغازية.
- رقائق البطاطس.
فهذه الأطعمة ليس لها قيمة غذائية حقيقية، كما قد تُؤدِّي إلى زيادة الوزن، وأيضًا زيادة فرص الإصابة بالأمراض، حسب دراسةٍ نُشِرت عام 2019 في دورية "Nutrients".
اقرأ أيضًا:رجيم الأطعمة النيئة: كل ما تحتاج إلى معرفته قبل أن تبدأ
أمثلة لوجبات متوازنة لرجيم الوجبة الواحدة يوميًا
فيما يلي مثالَين لوجبة من وجبات نظام OMAD الغذائي:
مثال لوجبة غداء
- 1 ساندويتش ديك رومي يحتوي على شريحتين كاملتين من الخبز، و4 شرائح ديك رومي، وشريحتين من الجبن، و⅓ ثمرة أفوكادو، وخس، وطماطم.
- بيضتان مسلوقتان.
- 1 موزة.
- ½ - ⅓ كوب من مزيج المكسرات.
- 1 عصير يحتوي على 1 كوب من الخضار، 1 كوب من التوت، 2 ملعقة كبيرة من زبدة اللوز، 113 جراما من الزبادي، ⅓ كوب من الشوفان الخام، قاعدة من حليب اللوز.
- 28 جراما من الشوكولاتة الداكنة.
مثال لوجبة عشاء
- 170 - 226 جراما من السمك أو الدجاج أو الديك الرومي أو التوفو.
- 2 كوب من الحبوب الكامل المطبوخة/ النشا (الأرز أو المعكرونة أو البطاطس).
- 2 كوب من الخضار المطبوخ.
- 2 ملعقة كبيرة من زيت الزيتون.
- 56 جراما من الجبن أو ½ ثمرة أفوكادو.
- 1 كوب زبادي يوناني + ⅓ كوب مكسرات مفرومة.
أهم النصائح لتحقيق أفضل النتائج مع رجيم OMAD
قد يكون تناول وجبة واحدة كل يوم أمرًا صعبًا، خاصةً إذا بدأت ذلك فجأة دون تمهيد لجسمك، لكن فيما يلي بعض النصائح التي قد تساعدك على التزام رجيم OMAD بأمان وسهولة:
1. التدرّج:
بدلًا من الالتزام فجأة بتناول وجبة واحدة كل يوم، حاوِل أن تتدرّج في البداية، مثلًا بأن تتناول وجبتين كل يوم مع وجبة خفيفة، ثُمّ الاقتصار على وجبتين فقط كل يوم، ثُمّ تجربة رجيم الوجبة الواحدة، فهذا سيساعد على تخفيف الآثار الجانبية المتوقّعة.
2. تحديد الوجبات:
ما دُمت ستتناول وجبة واحدة فقط يوميًا، فلا بُدّ أن تكون وجبة متوازنة، باختيار الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية؛ إذ يجب أن تحتوي وجبتك على:
- دهون صحية، مثل زيت الزيتون أو الأفوكادو.
- البروتين، مثل اللحوم أو البيض أو الدجاج.
- الأطعمة النباتية الغنية بالألياف، مثل الفواكه والخضراوات.
- مكملات الفيتامينات والمعادن، حسب توجيهات اختصاصي الرعاية الصحية.
كما يجب شُرب كمية مناسبة من الماء، وتجنُّب الأطعمة المُصنَّعة، مثل المشروبات السكرية والحلوى؛ إذ لا تحتوي على قيمة غذائية حقيقية، ولن تكون ذات فائدة كبيرة لصحتك.
اقرأ أيضًا:رجيم لو كارب.. خيارات غذائية متنوّعة مع خسارة مُحقّقة للوزن
3. الترطيب وتوازن المعادن:
الجفاف واختلال توازن المعادن في الجسم من مخاطر الصيام لفتراتٍ طويلة، لذا ينبغي شُرب كميات وافرة من الماء على مدار اليوم؛ إذ يحتاج الرجال إلى نحو 16 كوبًا من الماء يوميًا، حسب "Mayo Clinic".
أيضًا يجب الحفاظ على توازن المعادن في الجسم، من خلال المشروبات الإلكتروليتية أو إضافة مساحيق الإلكتروليت إلى الماء، مع تجنّب المشروبات التي تحتوي على المحليات الصناعية (مثل الأسبرتام، السكرالوز)، التي قد تؤثر سلبًا في حالة الصيام.
4. الاستماع إلى جسدك:
إذا كان نظام OMAD شاقًا عليك، ولم تستطع مقاومة إحساس الجوع، أو لم يكُن مناسبًا لأسلوب حياتك، فربّما يكون الحلّ في أنظمة أخرى للصيام المتقطع، أو تجربة نظامٍ غذائي متوازن، مثل رجيم البحر الأبيض المتوسط أو الأنظمة النباتية، وإن استغرقت نتائجها وقتًا أطول من رجيم الوجبة الواحدة.
