Deload Week: استراتيجيات ذكية لتقليل الإجهاد واستعادة القوة
لا تقلّ الراحة والتعافي أهمية عن رفع الأثقال وتحمّل المشاقّات الهائلة خلال ممارسة التمارين لبناء العضلات، إذ تستعيد العضلات عافيتها وتبني أنسجتها، بما ينعكس لاحقًا في زيادة في حجم العضلات، وهو ما يطمح إليه أي رجل يواظِب على الرياضة.
لأجل ذلك كانت الحاجة إلى فترة مناسبة لإراحة تلك العضلات وتقليل العبء عليها من خلال أسبوع تقليل التحميل "Deload Week"، لكن متى تكون بحاجةٍ حقيقية إلى أسبوع تقليل التحميل؟ وهل يمكن اكتساب عضلات حقًا خلال تلك الفترة؟
ما هو Deload Week ولماذا هو مهم؟
أسبوع تقليل التحميل "Deload Week" هو استراحة في نظام التدريب المُعتاد بهدف تحسين التعافي، وعادةً ما تتم جدولة ذلك مسبقًا، ويُكرّر كل 4 - 8 أسابيع تقريبًا.
وقد تعني الاستراحة تخفيف عبء العمل عليك في ذلك الأسبوع أو تجنّب الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية تمامًا، وبغض النظر عن مقدار التدريب الذي تمارسه يوميًا، فإن كُنت تتدرّب بجد واستمرار، ستحتاج إلى أسبوع تقليل التحميل.
والغرض من أسبوع تقليل التحميل هو السماح لجسمك بالتعافي بشكلٍ كامل، وتجنّب الإفراط في التدريب، فهذا أفضل للعضلات والمفاصل كي تتعافى وتصبِح أقوى، مع منح جسمك وذهنك بعض الوقت للاسترخاء.
متى تحتاج إلى فترة Deload بالفعل؟
إنّ أفضل وقت لأخذ أسبوع تقليل التحميل هو عندما تلاحظ توقّف تقدُّمك، إذ ربّما تواجِه صعوبة في رفع أوزان أثقل أو القيام بتكرار واحد إضافية، أو تشعر بالخمول بدلاً من النشاط خلال حصتك المُفضّلة في التدريب.
وفي استطلاع أُجري عام 2024 على ما يقرب من 300 رياضي، في مجلة الطب الرياضي المفتوح، أخذ المشاركون أسابيع تقليل التحميل، عندما توقّف أداؤهم عن التقدُّم، أو خلال فترات زيادة آلام العضلات أو آلام المفاصل.
كما قد يكون من الجيد أيضًا أخذ أسبوع إضافي لتقليل التحميل عندما تمرّ بفترة مرهقة نفسيًا، مثل الانتقال إلى وظيفة جديدة أو إنهاء علاقة أو الحُزن على أفراد أسرتك، فقد يكون هذا الوقت هو المناسب لاختبار شكل من أشكال النشاط البدني أقل كثافة من روتين التمرين المُعتاد.
العلامات التي تدل على حاجتك لفترة Deload
ثمّة بعض العلامات التي تؤكِّد حاجتك إلى الرجوع خطوة للوراء وإمهال جسمك وقتًا للتعافي، بالحصول على أسبوع تخفيف الحمل، إذ تمرّ العضلات ببعض المراحل قبل أن تُنهك تمامًا، وتضمّ هذه المراحل، حسب موقع "Muscle and strength":
1. الإنذار المبكر
هو رد فعل أولي للتوتر الواقع على العضلات، كما في حالة رفع الأثقال، إذ يضطّر الجسم إلى التكيّف مع الضغط الذي تسبّبه لجسمك بزيادة تدفق الدم والأكسجين إلى عضلاتك، وربّما تواجِه ألمًا عضليًا لمدة تتراوح من 24 - 72 ساعة بعد الانتهاء من التمرين.
اقرأ أيضًا:أطعمة تسرّع تعافيك وتعيد طاقتك بعد التمرين.. تعرّف عليها الآن
2. تطوير المقاومة
في المرحلة الثانية من مراحل التوتر، يزيد جسمك من قدرته على التعامل مع مُسبِّبات التوتر، واعتمادًا على شكل التدريب، يمكن أن تتخذ العضلات أشكالا مختلفة من التكيف، مثل زيادة القدرة على تجنيد ألياف العضلات "زيادة القوة"، أو زيادة النموّ العضلي، وحتى هذه اللحظة، فكلّ شيءٍ على ما يُرام، بل ومثالي.
3. الإرهاق
في المرحلة النهائية من التوتر، يحدث الإرهاق بسبب فترات طويلة أو لا تُطاق من التوتر الذي يتعرّض له الجسم، بسبب التمارين، وهذا قد يؤدي إلى إصابات، مثل إجهاد العضلات أو آلام المفاصل، لكن يجب عدم الانتظار للوصول إلى تلك المرحلة، بل يكون التخطيط لأسبوع تخفيف الحمل قبل الوصول إلى نقطة الإرهاق تلك في تدريباتك.
فوائد Deload Week للصحة واللياقة
الأمر ليس متعلقًا بالراحة وإعطاء عضلاتك وقتًا للتعافي فحسب، بل من فوائد أسبوع تقليل التحميل لصحتك ولياقتك:
1. تعزيز صحة القلب
من العلامات الدالة على الإفراط في التدريب هو حدوث تغيّر في تقلّب معدل ضربات القلب "HRV"، وهو الفاصل الزمني بين ضربات قلبك، وهذه التغيّرات مرتبطة بمرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية، وكذلك الاضطرابات النفسية، حسب دراسة عام 2018 في دورية "Behavioral Pharmacology".
وعمومًا، كُلّما زاد تقلّب معدّل ضربات القلب كان ذلك أفضل، لكن الإفراط في التدريبات قد يؤدي إلى انخفاض تقلّب معدل ضربات القلب.
وتساعد جدولة أسبوع تقليل التحميل بانتظام في منع ظهور أعراض الإفراط في التدريب، بما في ذلك انخفاض تقلب معدل ضربات القلب، بل قد يكون أخذ أسبوع واحد من تقليل التحميل لكل خمسة أسابيع من التدريب مفيدًا لذلك، حسب دراسة عام 2018 في دورية "Sports".
2. تقوية العظام
يضع رفع الأثقال ضغطًا على عظامك ومفاصلك، وهذا مفيد للعظام إلى حدٍ كبير، إذ إنّ وضعها تحت ضغط بأوزان ثقيلة، يجعلها أقوى في النهاية، ولكن إذا أُخِذ الأمر إلى أقصى حدوده من دون راحة كافية، فلن يكون هناك مُتسع من الوقت لعظامك للعودة أقوى.
بل قد يؤدي هذا النقص في التعافي إلى الألم أو الإصابة أو محدودية نطاق الحركة، لذا قد يكون تقليل عبء التدريب بانتظام، له تأثير إيجابي على صحة العظام، إذ يقلّل إنتاج "السكليروستين"، وهو بروتين يوقِف تكوين العظام، حسب ما أشارت إليه دراسة عام 2018 في دورية "Medicine & Science in Sports & Exercise".
اقرأ أيضًا:"لا تقلق من فترات الراحة".. ماذا تعرف عن الذاكرة العضلية؟
3. كسر الثبات في التدريب
قد تمرّ بفترة ثبات في الأوزان أو التكرارات، من دون زيادة الأوزان، وهُنا تكمن إحدى فوائد تقليل التحميل، إذ تساعدك على التعافي، كما ثبت أنّ أسابيع تقليل التحميل "Deload Weeks"، تعزز القوة والحد من الثبات في التدريب، مقارنةً بالحال مع ممارسة التمارين بدون فترة تقليل التحميل، إذ يكون المرء أكثر عُرضةً للثبات وعدم التقدّم.
4. تجديد الشغف
صحيح أنّ ممارسة التمارين الرياضية بانتظام لها تأثير إيجابي في الصحة النفسية، بل وفي بعض الأحيان، قد يكون حب النشاط الرياضي الذي تمارسه أحد الأسباب التي تجعلك لا ترغب في الراحة، ولكن كما تحتاج عضلاتك إلى الاستراحة، فكذلك يحتاج عقلك إلى الاستراحة من التعب العقلي الناتج عن رفع الأوزان الثقيلة.
فقد تؤدي المهام البدنية إلى زيادة التعب العقلي أكثر من المهمات العقلية، وقد يؤدي عدم الحصول على راحة كافية إلى تراجُع الوظائف الذهنية، لذا فإنّ أسبوع تقليل التحميل يُخفّف التوتر الجسدي والذهني، كما يسهم في تحسين الوظائف الذهنية التي قد تكون محدودة بسبب الإفراط في ممارسة الرياضة.
هل يمكن اكتساب عضلات خلال فترة Deload؟
الراحة أمر أساسي لاكتساب العضلات، فأسبوع تقليل التحميل يساعد العضلات على التعافي، وهو أمر مطلوب للعضلات، لأنّ ممارسة التمارين الرياضية، تكسّر الألياف العضلية، لكن الطريقة التي تقوم بها عضلاتك بإصلاح نفسها هي التي تجعلها تنمو مرة أخرى بشكلٍ أكبر وأقوى، فإذا لم تمنحها الوقت الكافي للبناء مرة أخرى، فلن ترى تقدّمًا ملحوظًا في اكتساب العضلات.
وحسب دراسةٍ صغيرة عام 2024 في دورية "PeerJ"، فإنّه من غير المرجّح أن تفقد ما اكتسبته من بناء للعضلات في أسبوع التدريبات الأقل كثافة أو أسبوع تقليل التحميل.
ورغم أنّ الدراسة أظهرت بعض الاختلافات في مكاسب القوة "المجموعة التي لم تلجأ إلى أسبوع تقليل التحميل، كان لديها قوة عضلية أكبر قليلا"، فلم يكُن هناك اختلافات كبيرة في تضخيم العضلات لدى المجموعة التي استخدمت أسبوع تقليل التحميل.
كيفية تنظيم أسبوع Deload عمليًا
من المهم أن تأخذ أسبوعًا أو أسبوعين لتقليل التحميل إن كُنت مرهقًا حقًا، ويمكنك دائمًا جدولة أسبوع للتعافي قبل أن تضغط على نفسك بشدة في التدريبات، وعادةً ما يعتمد تحديد موعد جدولة ذلك على روتين تدريباتك وما يتضمنه من عدد مرات التدريب ومدى كثافته، فمثلا يمكنك أخذ أسبوع تقليل تحميل بعد كل 3 أسابيع من التدريبات، وفيما يلي بعض الإرشادات لتنظيم أسبوع لتقليل التحميل:
1. تقليل الحمل أو الكثافة المستخدمة
وذلك بالحفاظ على نفس الحجم التدريبي، لكنّك فقط ستستخدم 40 - 60% من أقصى وزن يمكنك رفعه لمرة واحدة (التمرين بأوزان أخف بكثير من أقصى طاقتك)، وقد يؤدي هذا في كثير من الأحيان إلى استخدام المتدرّب نصف الوزن الذي يستخدمه عادةً في أثناء المجموعات.
وهذا النوع من تقليل التحميل هو الأنسب لمن لا يخوضون منافسات رياضية، ولكنهم ما يزالون يتطلّعون إلى الحفاظ على مستوى أعلى من الأداء بعد اكتمال تقليل التحميل.
اقرأ أيضًا:ممارسة الرياضة يوميًا؟ إليك ما قد يحدث لجسمك دون راحة كافية
2. تقليل الحجم التدريبي
هُنا تحافظ على الوزن الي تستخدمه لكل تمرين كما هو، لكنّك ستؤدِّي نصف المجموعات التي تؤدِّيها عادةً في جلسة تدريبية مُعيّنة، ويُعدّ هذا النوع هو الأنسب للرياضيين التنافسيين لأنّه يحافظ على الأداء عاليًا بعد اكتمال أسبوع تقليل التحميل.
3. تغيّر شكل التمرين
تغيّر شكل التمرين الذي تختار القيام به أحد أشكال تقليل الحمل، سواء كان ذلك باستبدال تدريب الأثقال بدائرة تمارين بوزن الجسم منخفضة الشدة، أو تمارين تركّز على المرونة والحركة، أو السباحة، أو القيام برحلات مشي طويلة خلال الأسبوع.
وهذا النوع من تقليل التحميل مثالي لمن لا يخوض رياضة تنافسية أو ليس لديه قلق بشأن مستويات أعلى من الأداء في الوقت الحالي.
