دراسة حديثة تربط بين إيقاعات الدماغ وتخزين الذكريات
كشفت دراسة حديثة أجراها فريق من علماء الأعصاب في جامعة بون (University of Bonn) وجامعة فرايبورغ (University of Freiburg) عن وجود إيقاع داخلي في الدماغ يساعد على تنظيم الذاكرة.
النتائج، التي نشرت في دورية Nature Communications، أوضحت أن الخلايا العصبية في الفص الصدغي الإنسي للإنسان بما يشمل الحُصين (Hippocampus) والقشرة الشمية الداخلية (Entorhinal Cortex) واللوزة الدماغية (Amygdala) تميل إلى التزامن مع موجات كهربائية بطيئة تُعرف بموجات "ثيتا" (Theta waves)، والتي تتراوح تردداتها بين 1 و10 هرتز.
هذا التزامن، أو ما يعرف بـ "Theta-phase locking"، يشبه عزف الموسيقيين بتناغم مع إيقاع محدد، ويُعتقد أنه يمثّل آلية طبيعية تساعد الدماغ على تنظيم عمليات التعلّم واسترجاع الذكريات.
اقرأ أيضًا: دراسة تكشف العلاقة بين تقلبات دخل الأسرة أثناء الحمل ودماغ الجنين؟
تجربة Treasure Hunt تكشف دور موجات ثيتا في الذاكرة
اعتمدت الدراسة على سياق سريري نادر، حيث خضع 18 مريضًا بالصرع المقاوم للعلاج لزرع أقطاب كهربائية دقيقة داخل الدماغ بهدف تحديد بؤر النوبات.
وبموافقتهم، استغل الباحثون هذه الفرصة لرصد نشاط الخلايا العصبية أثناء أداء المشاركين لمهمة افتراضية تُعرف باسم "Treasure Hunt"، والتي تطلبت منهم استكشاف بيئة رقمية على شكل شاطئ وتذكر مواقع الأجسام المخبأة.
أظهرت التحليلات أن نحو 86% من الخلايا العصبية أظهرت ارتباطًا وثيقًا بموجات ثيتا، خاصة عند قيعان الموجة. كما كشفت النتائج أن هذا التزامن يزداد قوة عندما ترتفع شدة موجات ثيتا، ما يشير إلى أن الإيقاع ليس ثابتًا بل يتأثر بالظروف العصبية اللحظية المحيطة.
دراسة تكشف دور إيقاعات ثيتا في فصل التخزين عن الاسترجاع
أحد أبرز ما توصلت إليه الدراسة أن نسبة صغيرة من الخلايا (نحو 9%) غيّرت توقيت إطلاقها بين مرحلتي التعلّم والاسترجاع، وهو ما ينسجم جزئيًا مع نظرية SPEAR model التي تفترض أن الدماغ يفصل بين تخزين المعلومات الجديدة واسترجاع القديمة في نقاط مختلفة من دورة ثيتا لتقليل التداخل.
اقرأ أيضًا:جامعة طيبة تساهم في كشف جين نادر مرتبط بخلل في نمو الدماغ
ورغم أن النتائج لم تُظهر ارتباطًا مباشرًا بين قوة التزامن والنجاح في تذكر المعلومات، إلا أنها دعمت فكرة أن الدماغ يستخدم إيقاعات داخلية لتنظيم العمليات المعرفية.
الباحثون أكدوا أن هذه النتائج قد تسهم في تطوير أساليب علاجية جديدة لاضطرابات الذاكرة مثل الزهايمر، لكنها تحتاج إلى دراسات أوسع لفهم الأبعاد الوظيفية الكاملة لهذه الظاهرة العصبية.
