دراسة تكشف العلاقة بين تقلبات دخل الأسرة أثناء الحمل ودماغ الجنين؟
أشارت دراسة حديثة إلى أن عدم استقرار دخل الأسرة أثناء الحمل قد يكون عاملاً مؤثراً في نمو دماغ الرضع، خصوصاً في المناطق المسؤولة عن تنظيم التوتر ومعالجة المشاعر.
وجد الباحثون الدراسة المنشورة في مجلة Developmental Science أن الأُسر التي واجهت انخفاضاً مفاجئاً في دخلها الشهري خلال فترة الحمل أنجبت أطفالاً لديهم حجم أصغر في منطقتي الحُصين (hippocampus) واللوزة الدماغية (amygdala).
هاتان المنطقتان مرتبطتان بالذاكرة والاستجابة للضغط والخوف، وتُعدان من أكثر الأجزاء حساسية للتوتر خلال مراحل النمو المبكرة.
ولم يُلاحظ هذا التأثير عند قياس مستوى الدخل المتوسط للأسر، ما يشير إلى أن التقلبات المفاجئة في الموارد المالية — وليس الفقر وحده — قد تكون أكثر ارتباطاً بالتغيرات العصبية.
اقرأ أيضًا: نجاح أول تجربة بشرية لحبة منع حمل ذكورية دون هرمونات (تفاصيل)
الدراسة شملت 63 رضيعاً وأمهاتهم بالولايات المتحدة، مع تركيز خاص على الأُسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
تم جمع بيانات مفصلة عن دخل الأسرة شهرياً أثناء الحمل، مع تعريف "الصدمة المالية" بأنها انخفاض لا يقل عن 25% في الدخل من شهر لآخر.
بعد الولادة، خضع الأطفال لتصوير بالرنين المغناطيسي أثناء نومهم، لقياس حجم مناطق الدماغ المستهدفة.
وأظهرت النتائج أن نحو نصف الأسر تعرضت على الأقل لصدمة مالية واحدة أثناء الحمل، وكانت أكثر شيوعاً بين العائلات الأقل دخلاً.
ارتباط الأطفال بالصحة النفسية للأمهات
أظهرت النتائج أيضاً أن الأمهات اللواتي تعرضن لتقلبات مالية أكبر، أبلغن عن مستويات أعلى من القلق والاكتئاب أثناء الحمل.
هذه الأعراض النفسية ارتبطت بدورها بأحجام أصغر في الحُصين واللوزة الدماغية لدى أطفالهن، مما يشير إلى أن التوتر النفسي للأم قد يكون وسيطاً أساسياً في العلاقة بين الدخل غير المستقر ونمو الدماغ.
ترى مؤلفة الدراسة جينيفيف باترسون أن النتائج تحمل رسالة سياسية واضحة: "الاستقرار المالي أثناء الحمل ليس رفاهية، بل ضرورة لحماية الأمهات والأطفال معاً".
وأكدت أن السياسات الاجتماعية التي توفر دعماً مالياً ثابتاً، مثل إجازات الأمومة المدفوعة أو برامج الدعم النقدي، يمكن أن تُسهم في تحسين الصحة العقلية للوالدين ونمو الدماغ السليم للرضع.
اقرأ أيضًا: ابتكارات جديدة تظهر: هل نشهد عصر جديد لوسائل منع الحمل للرجال؟
من المثير أن الباحثين لم يجدوا ارتباطاً يُذكر بين الزيادات المفاجئة في الدخل وبين أي تغييرات إيجابية في الدماغ. كما لم يكن مستوى الدخل الإجمالي (الدخل إلى الاحتياجات) مؤشراً حاسماً، مما يعزز فكرة أن فقدان الدخل المفاجئ أكثر تأثيراً من مستوى الثراء أو الفقر بحد ذاته.
رغم أهميته، يبقى هذا البحث دراسة ارتباطية لا تثبت السببية بشكل قاطع.
وأكد الفريق العلمي أنهم يخططون لمتابعة الأطفال في مراحل لاحقة من حياتهم لفهم كيف تؤثر هذه التقلبات على التطور المعرفي والسلوكي على المدى الطويل.
