بين ضغوط الحياة والعمل.. كيف يحافظ الرجل الناجح على صحته النفسية؟
لا تقلّ الصحة النفسية أهمية عن الصحة الجسدية، ورغم أن كثيرًا من الرجال قد يميلون إلى إخفاء مشاعر الاكتئاب أو القلق لديهم، إلا أن هذه المشاعر تعمل عملها في النفس، فلم يكُن الحل يومًا في تجاهُل مشكلات الصحة النفسية.
فالصحة النفسية الجيدة، تعني قدرة أكبر على التعامل مع ضغوطات الحياة، ونظرة إيجابية نحو الذات، وعلاقات صحية مع الآخرين، ولكن كيف يمكِن للرجل حماية صحته النفسية من ضغوطات العمل والحياة اليومية؟
أهمية تعزيز الصحة النفسية للرجال
لا يعني تحسين الصحة النفسية للرجال أن يكون مزاجك جيدًا فقط، بل يمكِن لـ الصحة النفسية أن تؤثِّر في السلوك والعلاقات مع الآخرين، كما أنّها مؤشِّر على مدى جودة الحياة، وتكمن أهمية تعزيز الصحة النفسية للرجال فيما يلي:
1. زيادة القدرة على التعامل مع ضغوطات الحياة:
عندما يكون ذهنك وعواطفك في أفضل حالاتها، يكون التغلب على تحدّيات الحياة أسهل، أمّا في حالة وجود مشكلات الصحة النفسية، فقد يكون من الصعب التكيّف مع تحديات الحياة، مثل نوبات الغضب أو المشكلات المالية أو تحديات العمل أو غيرها، ومِنْ ثمّ فإن الحفاظ على استقرار الصحة النفسية، يساعد في التعامل مع هذه الضغوطات بأفضل شكلٍ ممكن.
2. تكوين علاقات صحية:
إذا كانت صحتك النفسية جيدة، فقد تكون أكثر قدرة على تقديم وقت جيد ومودة ودعم لأصدقائك وعائلتك، كما أنّه عند غياب الضيق النفسي، يكون من السهل عليك دعم الأشخاص الذين تهتم بهم، ما يساعد على تكوين علاقات صحية مع الآخرين.
3. تعزيز الإنتاجية:
يمكِن أن يؤثر التعامل مع الاكتئاب أو اضطرابات الصحة النفسية على إنتاجيتك، فعندما تكون صحتك النفسية على ما يُرام، فإن من المرجح أن تتمكّن من العمل بكفاءةٍ أكبر، وتقدِّم عملًا عالي الجودة.
4. النظر إلى ذاتك بإيجابية:
ترتبط الصحة النفسية ارتباطًا وثيقًا بمشاعرك تجاه ذاتك؛ إذ إن الثقة في كثير من الأحيان تمثل مؤشّرًا جيدًا على حالةٍ نفسية سوية، فالشخص الذي تزدهر صحته النفسية يكون أكثر ميلًا للتركيز على جوانب الخير في نفسه، ويسعى إلى تنميتها، كما يكون لديه عادةً طموحات لحياة صحية وسعيدة.
ما العوامل التي قد تضرّ الصحة النفسية للرجل؟
التوتر العابر وضغوط الحياة اليومية ليسا فقط ما يضرّ بصحة الرجل النفسية، فربما تكون هناك عوامل أعمق تؤثر في الصحة النفسية دون أن يُنتبه لها كما ينبغي. ومن أمثلة تلك العوامل، بحسب موقع Verywell Mind:
1. التعرّض لإساءة في الطفولة:
سواء كانت إساءة جسدية أو نفسية، فقد تؤدي إلى اضطرابات نفسية شديدة؛ إذ يزيد سوء معاملة الطفل، خطر الإصابة باضطرابات نفسية، مثل الاكتئاب أو القلق أو اضطراب ما بعد الصدمة أو اضطرابات الشخصية، ومِنْ ثمّ فإنّ التعرّض لإساءة في الطفولة، قد يزيد احتمالية الإصابة بمشكلات الصحة النفسية عند الرجال.
2. البيئة:
قد تتأثّر صحة الرجل النفسية بالبيئة، فمثلًا قد يزيد التعرّض المباشر للكوارث الطبيعية فرص الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة، كما أنّه في بعض الحالات قد يحمل تلوث الهواء تأثيرات سلبية على أعراض الاكتئاب، حسب دراسةٍ نشرت عام 2018 في دورية "International Journal of Environmental Research and Public Health".
وفي المقابل، فإنّ العيش في بيئة اجتماعية إيجابية، يمكِن أن يقلل من احتمالية تعرّض الشخص لمشكلات نفسية، حسب نفس الدراسة.
3. الجينات:
يمكن للجينات أيضًا أن تسهِم في مشكلات الصحة النفسية؛ وبعض اضطرابات الصحة النفسية تنتقل في العائلات، مثل التوحد، اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، الاضطراب ثنائي القطب، الاكتئاب، الفصام، لكن الجينات عامل واحد ضمن عوامل مُتعدِّدة، فلا تُسبِّب وحدها الاضطرابات النفسية.
اقرأ أيضًا: كل ما تحتاج إلى معرفته عن الاكتئاب المزدوج.. وكيف تتجاوزه لتعيش براحة نفسية؟
4. نمط الحياة:
قد يُسهِم نمط الحياة غير الصحي كذلك في زيادة احتمالية الإصابة باضطرابات نفسية، مثل التدخين أو النظام الغذائي غير الصحي أو تناول الكحول، فمثل هذه الأمور مرتبطة بالاكتئاب، حسب دراسة نشرت عام 2019 في دورية "Pshyciatria Danubina".
أعراض الاكتئاب عند الرجال التي لا يجب تجاهلها
سواء وُجِدت هذه العوامل أم لا، فإنّ الاكتئاب من أبرز مشكلات الصحة النفسية التي تواجِه الرجل، والتي قد تؤثِّر سلبًا في حياته اليومية وعمله، فمن أعراض الاكتئاب التي لا ينبغي للرجل تجاهلها:
- سُرعة الشعور بالإحباط أو الغضب غير المناسب.
- مشاعر اليأس أو الفراغ.
- قلة النوم أو الإفراط في النوم.
- زيادة أو خسارة الوزن.
- الإرهاق وصعوبة التركيز.
- فقدان الشغف في الأنشطة التي كانت تُمتِعك سابقًا.
- سلوكيات محفوفة بالمخاطر، مثل الإفراط في شُرب الكحول أو القيادة بتهور.
- سلوك هروبي، مثل الإفراط في العمل أو ممارسة الرياضة لإخفاء المشاعر، لكن الاكتئاب لن يتحسّن بتجاهله، بل قد يصير الوضع أسوأ.
- أعراض جسدية، مثل الصداع، اضطرابات الهضم، ألم الجسم.
- مشكلات الصحة الجنسية، مثل ضعف الرغبة الجنسية أو ضعف الانتصاب أو غياب أو تأخر النشوة الجنسية.
- أفكار انتحارية.
كيف يتعامل الرجل مع ضغوط العمل والحياة اليومية؟
يتطلّب التعامل مع ضغوط العمل والحياة اليومية بعض الجهد، فهذه الضغوطات مستمرة غالبًا، لكن تخفيف آثارها السلبية مرهون بكيفية تعاملك معها، ومِنْ ثمّ هذه بعض النصائح الفعالة للتعامل مع ضغوطات العمل والحياة اليومية، حسب "Healthline":
1. فهم مدى تأثير الضغوطات عليك:
قد تُقلِّل من شأن تأثير الضغوطات اليومية عليك، لذا فإنّ أول ما يجب أن تفعله هو فهم مدى تأثير تلك الضغوطات، فإذا بدأت تتشاءم وتجد نفسك مرهق عاطفيًا بنهاية بعض الأيام، فربّما تكون قد بدأت تدرِك هذه الآثار.
كما أنّ التعرض طويل الأمد للتوتر يمكن أن يؤثِّر في جسمك وصحتك النفسية؛ فهناك علاقة محتملة بين الاحتراف النفسي المرتبط بالعمل والاكتئاب والقلق، حسب بحث نشر عام 2019 في دورية "Frontiers in Psychology".
2. تسجيل ما يحفّز توترك:
قد يساعد أيضًا تحديد المواقف العصيبة وتسجيلها على فهم ما يزعجك ويحفّز التوتر لديك، فقد تكون بعض هذه الأمور خفية، مثل مساحة العمل غير المريحة أو التنقل لمسافات طويلة للوصول إلى العمل أو غير ذلك.
لذا قد يكون من المفيد الاحتفاظ بمذكّرات لتتبّع مُسبِّبات التوتر وردود أفعالك، كما يمكنك إدراج الأشخاص والأماكن والأحداث التي تسبّب لك استجابة نفسية أو عاطفية أو حتى جسدية مُعيّنة.
اقرأ أيضًا: الهدوء يبدأ من الداخل: كيف يدعم التنفس العميق توازنك النفسي؟
3. إفساح بعض الوقت لإعادة الشحن:
إنّ قضاء بضع دقائق فقط من الوقت الشخصي خلال يومٍ حافلٍ بالضغوطات، يمكن أن يساعد في منع الاحتراق النفسي الناجم عن ضغوط العمل المزمنة.
كما يمكنك سماع بودكاست تهتم به بين الاجتماعات أو مشاهدة مقطع فيديو مضحك، فكُلّما كُنت أكثر استرخاءً، تمكّنت من أن تكون أكثر إنتاجية.
كما أنّه من الضروري أن تأخذ فترات راحة من التفكير في عملك، من خلال عدم التحقق من رسائل البريد الإلكتروني المتعلقة بالعمل في وقت فراغك، أو قطع الاتصال بهاتفك في المساء.
اقرأ أيضًا: هل تُغيّرنا الصدمات؟ وكيف تؤثر التجارب القاسية على أدمغتنا ووعينا النفسي؟
دور الرياضة في تحسين الصحة النفسية للرجل
مهما كانت انشغالاتك اليومية، حاول ألّا تتخلى عن ممارسة الرياضة ولو لفترةٍ بسيطة كل يوم؛ فالنشاط البدني مفيد في تحسين الصحة النفسية للرجل من خلال:
- تخفيف التوتر والقلق؛ إذ تساعد التمارين الرياضية على تعزيز نمو خلايا عصبية جديدة في مناطق رئيسة من الدماغ، بما قد يساعد على تخفيف الاكتئاب والقلق، حسب دراسة نشرت عام 2018 في دورية "Frontiers in Neuroscience".
- تخفيف شدّة الاكتئاب، قد تكون التمارين الرياضية فعالة مثل العلاجات الأخرى للاكتئاب، حسب دراسة نشرت عام 2016 في دورية "Preventive Medicine".
- صرف انتباهك عن الأفكار والمشاعر السلبية.
- تعزيز الثقة بالنفس والمزاج؛ إذ تساعد التمارين على خسارة الوزن وتقوية الجسم.
نصائح لتعزيز التوازن النفسي والعاطفي للرجل
الرياضة ليست هي السبيل الوحيد لتعزيز الصحة النفسية، إذ يمكِن تعزيز التوازن النفسي والعاطفي للرجل أيضًا من خلال:
- تجنّب الأمور التي تحفّز التوتر أو القلق بالنسبة لك.
- قضاء بعض الوقت في الطبيعة؛ إذ يساعد ذلك على تخفيف التوتر وتحسين الصحة النفسية.
- الحصول على قسطٍ كاف من النوم يتراوح بين 7 - 9 ساعات كل ليلة، ومحاولة النوم والاستيقاظ في موعد ثابت كل يوم.
- النظام الغذائي الصحي، مع تجنّب السكريات والأطعمة المُصنَّعة، والإكثار من تناول الفواكه والخضراوات.
- أعِد صياغة تفكيرك، فمثلًا إذا شعرت أنّك تتخيل أسوأ السيناريوهات، فتوقّف واشغل تفكيرك بشيءٍ آخر، وضع توقعات واقعية لنفسك، واجتهد في تقبّل المواقف الخارجة عن سيطرتك.
