كل ما تحتاج إلى معرفته عن الاكتئاب المزدوج.. وكيف تتجاوزه لتعيش براحة نفسية؟
قد تتفاجأ إذا علمت أنّ 3 - 6% من البشر مُعرّضون لخطر الإصابة بالاكتئاب المزدوج، الذي قد يؤثِّر في قدرة الشخص على إنجاز المهام اليومية، والذي قد يسلبه المتعة التي كان يشعر بها سابقًا خلال ممارسة بعض الأنشطة.
ربّما تُعانِي هذا النوع من الاكتئاب منذ سنواتٍ طويلة دون أن تدري أنّك مُكتئِب، فما هو الاكتئاب المزدوج؟ وكيف يمكِن علاجه وعيش حياةٍ سعيدة قدر الإمكان؟
ما الاكتئاب المزدوج؟
الاكتئاب المزدوج يجمع نوعَين مختلفين من الاكتئاب؛ هما:
- اضطراب الاكتئاب المستمر (PDD)، الذي يتطلّب استمرار الأعراض سنتين على الأقل كي يُشخَّص المرء به.
- اضطراب الاكتئاب الشديد (MDD)، الذي يتطلّب استمرار الأعراض أسبوعَين فقط للتشخيص.
- اضطراب الاكتئاب المستمر:
هو شكل خفيف من أشكال الاكتئاب طويل الأمد؛ إذ يُشخَّص عندما يُصاب المرء بالاكتئاب لمدة سنتين على الأقل، مع وجود الأعراض التالية:
- فقدان الشهية.
- الإرهاق.
- ضعف الثقة بالنفس.
- تجنُّب الأنشطة الاجتماعية.
- الشعور بالغضب أو سرعة الانفعال بسهولة.
- الأرق أو كثرة النوم.
وإذا تُرِك دون علاج، فقد يستمرّ اضطراب الاكتئاب المستمر لعقودٍ من الزمن، حسب دراسةٍ نشرت عام 2019 في "مجلة الاضطرابات العاطفية Journal of Affective Disorders".
وحسب "Webmd"، فإنّ هذا الاكتئاب قد يحدث كل يوم تقريبًا، ويمكن أن يستمر لسنوات، بل قد يعانِي بعض الأشخاص هذا الاكتئاب لمدة تتراوح بين 10 - 20 سنة أو أكثر قبل طلب العلاج، وبمرور الوقت فإنّ أكثر من نصف المصابين بالاكتئاب المستمر، قد تتفاقم الأعراض لديهم، بما يؤدِّي إلى الإصابة باضطراب الاكتئاب الشديد، ومِنْ ثَمّ فإذا اجتمع هذان النوعان من الاكتئاب، كان الاكتئاب مزدوجًا.
- اضطراب الاكتئاب الشديد:
أمّا اضطراب الاكتئاب الشديد، فقد يأتي عرَضيًا أو في شكل نوبات، ولكنه ليس مستمرًا، ويتسم الاكتئاب الشديد بمشاعر الحزن واليأس الشديدة، والمتكررة، بالإضافة إلى فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كان الشخص يهتم بها سابقًا، كما قد يصحبه مجموعة متنوعة من الأعراض، مثل:
- الأرق أو كثرة النوم.
- صعوبة التركيز.
- فقدان الطاقة.
- التعب.
- الشعور بانعدام القيمة.
- مشاعر اليأس والأفكار الانتحارية.
ما مخاطر الاكتئاب المزدوج مقارنةً بأنواع الاكتئاب الأخرى؟
أظهرت دراسة حديثة، حسب "Webmd"، أنَّ الأشخاص الذين يُعانُون الاكتئاب المزدوج، لديهم شعور أكبر باليأس، مقارنةً بالأشخاص الذين يُعانُون الاكتئاب المستمر أو الاكتئاب الشديد فقط.
وقد يؤدي هذا الاكتئاب المزدوج إلى تغيّرات في الجسم، تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري، كما قد يصير الشخص أكثر عرضةً لتعاطي الكحول أو المخدرات، أو النظام الغذائي غير الصحي، ما قد يعِيق رحلة العلاج والسعي إلى استعادة المزاج السعيد.
ما الفرق بين الاكتئاب المزدوج والاكتئاب المبتسم؟
الاكتئاب المزدوج هو مزيج بين نوعَي اكتئابٍ معًا؛ اضطراب الاكتئاب المستمر واضطراب الاكتئاب الشديد.
أمّا الاكتئاب المبتسم، فيندرِج تحت مظلّة اضطراب الاكتئاب الشديد، لكنّ من يعانِي الاكتئاب المبتسم، قد طوّر مهارات لإخفاء أعراض الاكتئاب أمام الآخرين، فمثلًا قد يشعر بالحُزن واليأس من داخله، لكنّك تراه مبتهجًا ليس عليه أثر لهذا الحزن أو اليأس.
ما الذي يسبب الاكتئاب المزدوج؟
ليس للاكتئاب سببٌ بعينه غالبًا، لكن قد تتداخل عديد من العوامل في حدوث الاكتئاب، مثل الجينات وهرمونات الجسم، وما إذا تعرّض المرء لصدمة سابقًا أم لا وغير ذلك، وفيما يلي أبرز العوامل التي قد تُسهِم في حدوث الاكتئاب المزدوج:
1. الاختلافات الفسيولوجية في الدماغ:
قد تكون أدمغة بعض الناس مختلفة عن غيرهم، سواء من الناحية البنيوية أو الوظيفية، وهذه الاختلافات قد تجعل بعض الأشخاص أكثر عُرضةً للاكتئاب، مقارنةً بغيرهم.
2. التغيُّرات الهرمونية:
قد تكون طريقة الجسم في الحفاظ على توازن الهرمونات من أسباب الاكتئاب، وهذا قد يُفسِّر سبب زيادة أعراض الاكتئاب لدى المراهقين والسيدات اللاتي أنجبن مؤخرًا.
اقرأ أيضًا:ليسا وجهين لعملة واحدة.. ما الفرق بين الاحتراق النفسي والاكتئاب؟
3. عوامل وراثية:
قد تكون أكثر عُرضةً للاكتئاب إذا سبق إصابة أحد أفراد عائلتك المقرّبين باكتئاب، لكن العوامل الوراثية ليست وحدها سبب الاكتئاب بالتأكيد.
4. الطبع:
الأشخاص الذين لديهم ميول إلى القلق أو المشاعر السلبية، أو ما يُوصَف بـ"العصابية العالية"، أكثر عُرضةً للإصابة باضطراب الاكتئاب المستمر، ومِنْ ثَمّ فقد يكونون أكثر عرضةً للاكتئاب المزدوج.
5. الاضطرابات النفسية:
قد تزداد فرص الإصابة بالاكتئاب، حال المعاناة من اضطرابات نفسية أخرى، مثل اضطراب القلق، لذا يجب علاج أي اضطراب نفسي حال تشخيصه على الفور، كي لا يسبِّب مشكلات إضافية.
كيف يتم تشخيص الاكتئاب المزدوج؟
لا تُوجَد معايير حاليًا لتشخيص الاكتئاب المزدوج بعينه، لكن إذا استوفى الشخص معايير كل من اضطراب الاكتئاب المستمر واضطراب الاكتئاب الشديد، تبعًا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية "DSM-5"، فهذا يعني تشخيصه بالاكتئاب المزدوج، الذي يكون علاجه أصعب، مقارنةً بعلاج اضطرابات الاكتئاب الأخرى.
اقرأ أيضًا:الاكتئاب وزيادة الوزن.. ما العلاقة بينهما؟ وكيف تتخلص منهما؟
ما علاج الاكتئاب المزدوج؟
رغم صعوبة علاج الاكتئاب المزدوج، فإن هُناك خيارات علاجية تساعد على تخفيف الأعراض وعلاج الاكتئاب؛ إذ يُحدِّد الطبيب الخطة العلاجية المناسبة حسب حالة مريض الاكتئاب:
1. الأدوية:
يصف الطبيب أدوية مضادة للاكتئاب، لتخفيف أعراض الاكتئاب المزدوج، سواء كانت الأدوية مُستخدَمة وحدها أو إلى جانب العلاج النفسي، حسب تقدير الطبيب المعالِج.
وتأثير الأدوية عمومًا ليس فوريًا، بل قد تستغرق بضعة أسابيع أو حتى أشهر في بعض الحالات، للحصول على نتيجة مرجوة.
2. العلاج النفسي:
للعلاج النفسي صور مُتعدِّدة؛ أبرزها العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، الذي يتضمَّن معرفة الأفكار والمشاعر والسلوكيات، لتوجيه المشاعر والسلوك نحو أفعالٍ صحية لا تجلب الاكتئاب.
فهذا النوع من العلاج يساعدك على معرفة الأفكار والسلوكيات الخاطئة، التي تُسهِم في حدوث الاكتئاب، ومساعدتك على تحديها، والتفكير بشكلٍ إيجابي أكثر للتعافي من الاكتئاب.
3. تحفيز الدماغ:
إذا كان الاكتئاب غير مستجيب لأشكال العلاج الأخرى، فقد ثبت أنّ أنواعًا مُعيّنة من تحفيز الدماغ، تساعد على علاج الاكتئاب، بما في ذلك:
- العلاج بالصدمات الكهربائية.
- التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة.
وقد أظهر بحث نشر عام 2018 في مجلة "Depression and Anxiety"، أنَّ التحفيز العميق للدماغ، يمكن أن يكون مفيدًا لمن يعانُون أشكالًا من الاكتئاب يصعب علاجها، وإن كانت هناك حاجة إلى مزيدٍ من الدراسات بالطبع.
4. العناية بالنفس:
تحتاج أيضًا إلى العناية بنفسك جيدًا إذا كُنت مكتئبًا، سواء كُنت تخوض تجربة علاجية أم لا، وفيما يلي أهم النصائح المُفِيدة للمساعدة على تخفيف الاكتئاب:
- الحصول على الراحة التي تحتاج إليها، خاصةً إذا كُنت متعبًا أكثر من المُعتاد؛ إذ إنّ إلقاء اللوم على نفسك بسبب شيء خارج عن سيطرتك -وهو شعورك بالتعب- لن يساعد على تخفيف الأعراض على أي حال، لذا فمن الأفضل الاستماع إلى جسدك وما يحتاج إليه.
- تفضيل الطعام الصحي، مثل الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة على الأطعمة غير الصحية، مثل المقليات والأطعمة المصنعة، على مائدة طعامك.
- ممارسة التنفّس العميق، فقد ذكر بحث نشر عام 2017 في دورية "BMJ Open"، أنَّ التنفّس العميق قد ساعد بالفعل على تخفيف أعراض الاكتئاب.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام كُلّما أمكن ذلك، حتى ولو كانت بسيطة، مثل المشي أو تمارين التمدد.
