كيف تعيد الابتسامة توازنك النفسي
كم مرة وجدت نفسك تبتسم تلقائيًا مع رؤية ابتسامة من تحادِثه؟
نعم، الابتسامة "مُعدية"، وبالتأكيد أنت تعلم أنّك تبتسم عندما تكون سعيدًا، لكن هل تعلم أنّ الابتسامة ذاتها تزيد شعورك بالسعادة أيضًا، حتى إذا كانت مفتعلة؟!
هذا ما تم إثباته بالفعل، فالابتسامة تخفّف التوتر، وتزيد بعض هرمونات السعادة، كـ"السيروتونين" و"الدوبامين"، فكيف يمكن لابتسامة بسيطة استعادة توازنك النفسي وتوطيد علاقتك بالآخرين؟
كيف تساعد الابتسامة على تخفيف التوتر وتحسين المزاج؟
لا تُخفِ الابتسامة أثر التوتر الذي قد يبدو واضحًا على ملامحك فحسب، بل هي تخفِّف التوتر أيضًا بالفعل، حتى إذا كُنت تصطنع الابتسامة أو لا تشعر أنّك تبتسم على الإطلاق، حسب دراسةٍ نُشِرت عام 2012 في "Psychological Science".
ليس هذا فحسب، بل إنّ ابتسامتك تجعلك أسعد، حتى إذا كان مزاجك سيئًا أو ليس بحالته المُعتادة، فعندما تبتسم، تنشط بعض المسارات العصبية في الدماغ، التي تؤثر في حالتك النفسية، بمعنى أنّ تعبيرات وجهك السعيدة، تخادِع الدماغ، بما يجعلك بنهاية الأمر تشعر بالسعادة، حسب بحثٍ نُشِر عام 2020 في "Experimental Psychology"، وهذا التأثير يحدث، سواء كانت ابتسامتك نابعة من القلب أم لا.
الابتسامة وهرمونات السعادة
تُحفِّز الابتسامة إفراز عديد من الهرمونات في الدماغ، مثل تلك التي تساعد على تخفيف الاكتئاب والقلق، وتحسين المزاج، ومن هذه الهرمونات:
- الدوبامين مُحرِّك السعادة:
فحصت دراسةٌ نُشِرت عام 2009 في "PLOS One" تأثير الابتسام في مستويات "الدوبامين" في الدماغ والجسم، وهو الهرمون المرتبِط بالشعور بالنشوة والمكافأة.
وقد كشفت التجربة عن أنّ الابتسامة، سواء كانت مقصودة أم مفتعلة، أدّت إلى تغييرات إيجابية في نظام "الدوبامين" في الدماغ، مما يعكس الارتباط بينها وبين الشعور بالسعادة، بل ربّما كُلّما ابتسمت أكثر، أدرك الدماغ سعادتك، فأفرز مزيدًا من "الدوبامين"!
- السيروتونين هرمون السعادة:
"السيروتونين" كذلك من الهرمونات المرتبطة بالسعادة والتفاؤل، والمزاج الجيّد عمومًا، وقد وجدت دراسةٌ نشرت عام 2014 في "Iranian Journal of Public Health"، دليلًا على تأثير الابتسام في مستويات "السيروتونين"، إذ يعزِّز السعادة والمشاعر الإيجابية.
جديرٌ بالذكر أنّ "الدوبامين" و"السيروتونين" مرتبطان ببعضهما، مما يعني أنّ إفراز أحدهما، يزيد مستويات الآخر، وبزيادة إفراز "الدوبامين" التي سبق ذكرها، يزداد "السيروتونين" تباعًا، ومِنْ ثَمّ سعادتك.
الابتسامة مُعدية!
عندما يبتسم لك شخص ما، تجد نفسك تبتسم تلقائيًا، فالابتسامة مُعدية؛ إذ يتحفّز الدماغ ليجعلك تقلّد هذه الابتسامة، ومِنْ ثَمّ الشعور بالسعادة، وقد فحصت دراسة نُشِرت عام 2003 في "Psychiatry Research: Neuroimaging" العلاقة بين تفاعل المرء مع ابتسامة من أمامه، وكيف يستقبل الدماغ تلك الابتسامة.
ووجدت الدراسة أنَّ رؤية وجوهٍ سعيدة (ربّما مبتسمة أو ضاحكة)، يُنشِّط مناطق مُعيّنة في الدماغ، مرتبطة بمعالَجة العواطف، فقد لُوحِظ كيف يؤثر إدراك السعادة في وجه الآخر في تحفيز حركة الوجه ناحية الابتسامة تلقائيًا.
كما أكّد ذلك دراسة نُشِرت عام 2016 في "Trends in Cognitive Sciences"، فقد كانت رؤية الابتسامة أو ملامح السعادة على وجه الآخر، باعثة على الابتسامة أيضًا على وجه من يراه.
كيف تنتقل إليك عدوى الابتسامة من طفلك؟
حتى الأطفال في مهدهم يبتسمون، وإن كانت الابتسامات المبكرة رد فعل لا إرادي غالبًا، ومع ذلك تنشأ "الابتسامة الاجتماعية" لدى الأطفال حديثي الولادة عندما تتراوح أعمارهم بين 6 - 8 أسابيع، حسب "Psychology Today".
وهذه الابتسامة مُوجّهة بالأساس إلى من يرعونهم، وغالبًا ما تؤدي ابتساماتهم إلى إفراز "الدوبامين" عند الآباء، مما يزيد سعادتهم ويجعل مزاجهم أفضل، ويقوّي ارتباطهم بأطفالهم.
الابتسامة واجِهتك الاجتماعية
لا تُحسِّن ابتسامتك مزاجك أو تزيد سعادتك فحسب، بل تُسهِم أيضًا في خلق أجواء إيجابية، وتقوية أواصر العلاقات الاجتماعية، فهي دليل على الوُدّ قبل أي شيءٍ آخر، وعندما تبتسم تكون أكثر جاذبية للآخرين، كما يشعر من يخالطك بالراحة جراء ذلك.
كذلك فإنّ الابتسامة تخفّف التوتر، وتجعلك أكثر قدرة على إيصال أفكارك ومشاعرك إلى من حولك بوضوح، بما يجعل التواصل معهم أكثر سلاسة، وأبعد عن الوقوع في النزاع.
الابتسامة تطِيل العُمر!
نعم، كما قرأتها، وهذه ليست مزحة، فالابتسامة قد تساعد على إطالة العُمر، وقد وجدت دراسةٌ نُشِرت عام 2010 في "Psychological Science" أنَّ الابتسامة النابعة من القلب، يميل أصحابها إلى العيش لفترةٍ أطول، مقارنةً بغيرهم.
كما أشار بحث نشر عام 2011 في "Applied Psychology: Health and Well-being"، إلى أنَّ السعادة يمكن أن تزيد العُمر الافتراضي لسنوات، مما يدلّ على أنّ الحفاظ على المزاج الجيد والسعادة -والابتسامة وسيلة لذلك- قد يساعد على إطالة العُمر، ورغم الحاجة إلى مزيدٍ من الأبحاث لمعرفة سبب ارتباط العيش بسعادة بطُول العُمر.
اقرأ أيضًا:هل تعلم أن نقص هرمون السعادة ليس سببًا في الاكتئاب؟ إليك التفاصيل
كيف تتقِن الابتسامة الحقيقية؟
الابتسامة، وإن بدت بسيطة، لكن يمكن التدرّب عليها لجعلها مثالية، مُؤثِّرة فيمن يراك، مُبتسمًا تلقائيًا؛ إذ يرى ابتسامتك تملأ وجهك، وفيما يلي بعض الخطوات للتدرّب على ابتسامةٍ جذّابة:
1. الابتسامة الحقيقية تشمل العينين:
يمكن للمُصوِّرين دائمًا التقاط الابتسامة المزيّفة من عدم وجود تجاعيد حول العين، المُميِّزة للابتسامة النابعة من القلب، بل حتى البشر أنفسهم، بارعون في التقاط لغة الجسد، بما في ذلك تعبيرات الوجه، فالابتسامة المفتعلة قد تكون مكشوفة للآخرين فورًا، وربّما لا تشعر بذلك على الإطلاق.
لذا جرِّب الابتسام أمام المرآة، مرة مع إشراك العضلات حول العينين، ومرةً من دونها، وسترى الفارق جليًا.
2. تدريبات عضلات الوجه:
هل تعلم أنّ الابتسامة تتضمّن 12 - 20 عضلة تقريبًا؟
وكُلّما درّبت هذه العضلات، كانت ابتسامتك أفضل، وفيما يلي تمارين بسيطة لتدريب تلك العضلات:
- التمرين الأول: الصفير
- كما يُوحِي اسم التمرين، ابدأ بضمّ شفتيك، كما لو كُنت على وشك الصفير، لكن بدلًا من ترك فتحة صغيرة كما تفعل عند الصفير، أطبِق شفتيك معًا بإحكام.
- اجعل شفتيك مشدودتَين، وحاول أن تحرِّكهما بعيدًا عن وجهك للأمام قدر الإمكان، مما يخلق توترًا في عضلات الوجه المحيطة.
- استمرّ في هذا الوضع لمدة 10 ثوان.
- كرِّر التمرين 10 مرات.
- حاول أن تؤدِّي هذا التمرين أمام المرآة.
- بعد بضعة أسابيع، ستلاحظ أنّ عضلات الوجه المُشارِكة في هذا التمرين أصبحت أكثر مرونة وأقوى، مما يجعل الابتسامة أكثر جاذبية.
- التمرين الثاني: الابتسامة العريضة
- فقط ابتسم مع الحفاظ على فمك متسعًا قليلًا، وحافظ على هذا الوضع لفترة أطول، ربّما 20 ثانية في البداية.
- ستدرك أنّ ابتسامتك عريضة بما يكفي عندما تشعر بشدّ عضلات الوجه وتعبها.
- يهدف هذا التمرين إلى بناء القدرة على التحمّل في عضلات الوجه، وتقويتها بمرور الوقت، لضمان الحفاظ على ابتسامة ثابتة جذّابة وطبيعية لأطول فترة ممكنة دون الشعور بإرهاق.
كيف تستعيد الابتسامة توازنك النفسي وتزيد سعادتك؟
كما ترى، كُلّما ابتسمت، كانت سعادتك أكبر، وتوترك أقل، ومزاجك أفضل، فالابتسامة:
- تعزِّز مستويات "الإندورفينات" وا"لسيروتونين" و"الدوبامين"، مما يزيد الشعور بالسعادة ويحسّن المزاج ويقلّل التوتر.
- تخفض مستويات "هرمون الكورتيزول"، وهو الهرمون المسؤول عن التوتر.
- مُسكِّن طبيعي للألم، بتحفيزها إفراز "الإندورفينات".
- تساعدك على تكوين صداقات جديدة، وتوطيد علاقتك بالآخرين.
- قد تطِيل العُمر مع عيش حياة أسعد.
