بين حلم الطول والمخاطر: عملية تطويل الساقين هل تستحق الألم؟
تعِد عملية تطويل الساقين بزيادة الطول، وتُعدّ حلًا سحريًا لمن يعانُون قصر القامة بما يؤثِّر في توازنهم النفسي، لكن هذه العملية تتضمّن إحداث قطعٍ في العظام، كي تنمو عظام جديدة، على مدار أشهر، كما أنّها لا تخلو من مضاعفات، مثل إصابة الأعصاب أو احتمال تأخّر التحام العظام، فهل تستحق زيادة الطول تحمّل تلك المضاعفات؟ وهل هناك بدائل طبيعية لزيادة طول الجسم؟
عملية تطويل الساقين
هي عملية جراحية تهدف إلى زيادة الطول وتحسين توازن المشي؛ إذ تُستخدَم في الأساس لتصحيح الاختلافات في أطوال الساقين، سواء كان بسبب عيب خلقي أو إصابة أو غيرها من المشكلات، كما قد تُستخدَم لغرض تجميلي، وهو زيادة الطول؛ إذ يمكِن للعملية أن تزيد الطول بنحو 15 سم، حسب "Penn medicine".
من المرشّحون لإجراء عملية تطويل الساقين؟
يمكِن إجراء عملية تطويل الساقين لأغراضٍ علاجية أو جمالية على النحو التالي:
1. علاج المشكلات الطبية:
إذا كان الشخص مولودًا بعيب خلقي أو تعرض لصدمة جسدية أو مشكلة طبية مُعينة، سبّبت اختلاف طوال الساقين، فقد تكون العملية مناسبة له، ومن أمثلة المرشحين لعملية تطويل الساقين على هذا النحو:
- سوء أو عدم التحام الكسور: بعد كسر العظام، في بعض الأحيان، لا يلتئم العظم بشكلٍ صحيح أو يفشل في الالتئام على الإطلاق، مما يؤدي إلى عدم تساوِي أطراف الجسم.
- استئصال السرطان: قد يتضمّن علاج سرطان العظام إزالة العظام، مما يترك أطرافًا غير متساوية الطول، ومِنْ ثمّ تكون الحاجة إلى عملية زيادة الطول.
- أمراض مثل الجنف أو شلل الأطفال: الجنف هو انحناء غير طبيعي في العمود الفقري، وسواء هو أو شلل الأطفال، فقد ينتج عنهما اختلافات أو تشوهات في الأطراف.
- العيوب الخلقية مثل انعدام النصف الطرفي "Hemimelia": هو عيب خلقي، حيث يكون جزء من أحد الأطراف مفقودًا أو غير مكتمل النمو.
2. الأغراض الجمالية:
قد يختار بعض الأشخاص عملية تطويل الساقين لتحسين أطوالهم، والهدف هُنا ليس تصحيح مشكلة طبية، بل تحسين نوعية الحياة والثقة الشخصية، كما في حالة:
- القزامة: يصل الأشخاص المصابون بالتقزم إلى ارتفاع نهائي لا يزيد على 147.32 سنتيمتر، ومِنْ ثمّ فقد يختارون عملية تطويل الساقين لزيادة الطول.
- قِصر القامة: إذ يكون الشخص أقصر من متوسط الطول الطبيعي، لكن لا يُوجَد اضطراب أو مشكلة طبية سبّبت ذلك.
كيف تتم عملية تطويل الساقين؟
تتضمّن عملية تطويل الساقين خطوتين أساسيتَين، حسب "Cleveland Clinic":
- شقّ العظم المُراد زيادة طوله إلى قسمين.
- تثبيت جهاز إطالة الأطراف بالجزأين المقطوعَين من العظام.
وجهاز إطالة الأطراف قد يكون أحد الخيارات التالية:
- مُثبِّت خارجي: يربط الجراح إطار معدني رفيع وخفيف بالعظام باستخدام دبابيس أو أسلاك، ويقع الإطار ومعظم الجهاز خارج الجسم؛ إذ يكون الجهاز بارزًا على بُعد سنتيمترات من الجسم، ما يجعل من الصعب ارتداء ملابس مُعيّنة.
- قضيب داخلي: جهاز يشبِه المسمار، يضعه الجرّاح داخل العظم، ويُمدَّد هذا القضيب تدريجيًا لزيادة طول العظم، وهو جهاز غير مرئي من خارج الجسم.
كيف يزداد طول العظام بعد عملية زيادة الطول؟
بعد التعافي من العملية، تدخل مرحلة "تشتيت العظام"، والتي تستمرّ حوالي شهرين؛ إذ يبدأ الجزءان العظميان في الانفصال، وعندما تنفصل العظام، يقوم الجسم تلقائيًا بإنشاء عظمٍ جديد لملء الفجوة بين الجزأين، وخلال تلك المرحلة يمكنك:
1. ضبط جهاز إطالة الأطراف:
قد تجري تعديلات صغيرة على الجهاز، بما يُحفِّز عملية تجديد العظام الطبيعية في الجسم، بحيث ينمو الجزءان ويندمجان معًا ببطء، وذلك وفق إرشادات الطبيب.
2. العلاج الطبيعي:
تساعد جلسات العلاج الطبيعي على بناء قوة العضلات ونطاق الحركة، كما يساعد عظامك الجديدة على أن تصبِح أقوى؛ إذ يوضِّح لك المعالج الطبيعي كيفية أداء التمارين اللازمة لذلك في المنزل.
3. مراجعة الطبيب:
وذلك من أجل الفحوصات المنتظمة؛ إذ يستخدم الطبيب الأشعة السينية للتحقّق من نمو العظم الجديد، فإذا كان العظم ينمو بسرعة كبيرة أو بطء شديد، فقد يُعدِّل الطبيب العلاج الخاص بك.
اقرأ أيضًا:الفرق في الطول بين الرجال والنساء.. دراسة جينية تكشف السر
متى يزيل الطبيب جهاز إطالة الأطراف؟
في معظم الحالات، يرتدي المريض الجهاز لمدة 3 أشهر لكل 2.5 سنتيمتر من نمو العظام، فإذا كان يرغب في زيادة الطول بنحو 5 سنتيمترات، فسيحتاج إلى ارتداء الجهاز لمدة 6 أشهر تقريبًا.
وبعد أن يُبنَى العظم الجديد بالكامل، يزيل الطبيب جهاز إطالة الأطراف بإجراءٍ جراحي بسيط، ثُمّ يرتدي المريض جبيرة أو دعامة لعِدّة أسابيع بعد إزالة الجهاز.
مخاطر ومضاعفات عملية تطويل الساقين
رغم إمكانية زيادة الطول بوساطة عملية تطويل القامة، فإنّها لا تخلو من مضاعفاتٍ خطيرة؛ أهمّها:
1. إصابة الأوعية الدموية والأعصاب:
قد تتعرّض بعض الأوعية الدموية أو الأعصاب إلى التلف؛ إمّا في أثناء العملية الجراحية أو بعد إطالة العظام لاحقًا، بما قد يؤدِّي إلى تنميل أو وخز أو مشكلات في الدورة الدموية.
2. العدوى:
العدوى من المخاطر المحتملة لأي عملية جراحية، وقد تحدث في موضع الشق الجراحي أو حول الأجهزة المُدخَلة، مما يتطلّب تناول مضادات حيوية أو ربّما إجراء عملية جراحية أخرى.
3. تيبّس المفاصل وعدم استقرارها:
مع زيادة طول العظام، تتمدّد الأنسجة الرخوة من حولها أيضًا؛ إذ تصبِح العضلات مشدودة للغاية، مما قد يسبب عدم الراحة أو تقييد نطاق الحركة، وهذا يستدعي المتابعة مع المعالِج الطبيعي لمعرفة كيفية التعامل مع تلك المشكلات.
كذلك فإنّ هناك خطرًا ضئيلاً محتملاً لحدوث خلع في المفصل القريب بعد عملية تطويل الساقين.
اقرأ أيضًا:كيف يساهم رفع الأثقال في تقوية العظام مع التقدم في العمر؟
4. تأخّر التحام العظام:
قد يتأخّر التحام العظام مع بعضها، خاصةً إذا لم تتشكّل العظام خلال الإطالة أو استغرقت وقتًا طويلًا، وربّما يكون ذلك بسبب مشكلات في تمدد الأوعية الدموية والأعصاب والأربطة والعضلات، وهذا قد يعرقل نجاح العملية عمومًا في زيادة الطول.
5. خطر كسر العظام
بعد إزالة جهاز الإطالة، هناك خطر ضئيل لحدوث كسور في العظم الذي زاد طوله، لكن إن حدث هذا، فقد تتطلّب الساق عملية جراحية أخرى، أو وقتًا في جبيرة أو دعامة.
6. مشكلات الجهاز:
قد يتعطل قضيب الإطالة الداخلي أو يتحرّك من مكانه، مما يتطلّب إجراء جراحة تصحيحية.
بدائل طبيعية للظهور بمظهرٍ أطول
بعيدًا عن المخاطر المحتملة لعملية تطويل الساقين، فإنّه من الممكن الظهور بمظهرٍ أطول من طولك الفعلي باتّباع بعض النصائح، مثل:
1. الوضعية الصحيحة لجسمك:
لا تساعد الوضعية الصحيحة، سواء في الجلوس أو الوقوف، في إظهار المرء بمظهرٍ أطول فحسب، بل تساعد أيضًا على منع آلام الظهر والرقبة.
ويمكِن الحفاظ على وضعية الجسم الصحيحة في الوقوف من خلال:
- إبقاء الكتفين للخلف.
- سحب البطن قليلًا للداخل باتجاه العمود الفقري، مع شدٍ خفيف للعضلات.
- إبقاء الرأس مستويًا وعلى خط واحد مع الجسم.
- وضع القدمين بمسافة مساوية لعرض الكتفين.
- تجنّب شدّ الركبتين أو قفلهما.
- جعل معظم وزن الجسم مرتكزًا على مقدمة القدم.
- ترك الذراعَين يتدلّيان بشكلٍ طبيعي إلى جانب الجسم.
أمّا وضعية الجلوس الصحيحة، فتتضمّن:
- إبقاء القدمين مسطحتين على الأرض في أثناء الجلوس.
- ضبط ارتفاع الكرسي، بحيث تبقى الفخذين موازية للأرض.
- تجنّب وضع إحدى الساقين فوق الأخرى.
- دعم الظهر باستخدام وسادة صغيرة أو منشفة.
- ترك الكتفين في وضعية مريحة دون رفعهما أو شدِّهما.
اقرأ أيضًا:أهم 6 فيتامينات لتقوية العظام والوقاية من الهشاشة
2. تقوية عضلات البطن والجذع:
تساعد تقوية العضلات الموجودة في البطن وعلى طول العمود الفقري في الحفاظ على وضعية صحيحة، والظهور بمظهر أطول، إذ تدعم هذه العضلات العمود الفقري، والتي عندما تكون ضعيفة جدًا، لا تدعمه، مما يؤدي إلى انحناء في الظهر، ومن التمارين التي تساعد على تقوية تلك العضلات تمرين بلانك أو سوبرمان أو تمرين الكرنش.
3. النظام الغذائي الصحي:
النظام الغذائي ليس لزيادة الطول بالدرجة الأولى، ولكن لمنع فقدانه، خاصةً أنّ الطول يُفقَد مع تقدّم العُمر، ويوفّر النظام الغذائي المتوازن العناصر الغذائية المطلوبة لتقوية العظام ومنع هشاشتها، وكذلك الحفاظ على طول الجسم، ومن أهم الأطعمة الأساسية في النظام الغذائي المتوازن:
- الفواكه والخضراوات.
- الحبوب الكاملة، مثل الشوفان أو الأرز البني.
- اللحوم الخالية من الدهون، مثل صدر الدجاج.
كما قد يساعد الحصول على بعض المكملات الغذائية في دعم صحة العظام وحمايتها من الهشاشة، مثل فيتامين د والكالسيوم، لكن من الصعب أن تساعد على زيادة طُولك بعد البلوغ.
