انضباطك قد يطيل حياتك.. كيف تؤثر سمات الشخصية في الصحة؟
أكدت دراسة موسعة أجرتها جامعة ليميريك الأيرلندية أن سمات الشخصية تُعد من أبرز المؤشرات المرتبطة بطول العمر وخطر الوفاة، بعد تحليل بيانات ضخمة غطّت ما يقارب ستة ملايين سنة شخصية من تتبّع الحالات.
وأظهرت النتائج أن العوامل النفسية لا تؤثر فقط في جودة الحياة والعلاقات الاجتماعية، بل تمتدّ أيضًا لتؤثر في الصحة العامة واحتمالات النجاة على المدى الطويل.
ونُشرت نتائج البحث في مجلة Journal of Personality and Social Psychology، وجاءت ضمن مراجعة شاملة جمعت أدلة من عدد هائل من الدراسات الطولية على أربع قارات.
وضمت قاعدة البيانات أكثر من 569,859 مشاركًا تم تتبعهم عبر 5,997,667 سنة شخصية، وخلالها سُجّلت 43,851 حالة وفاة.
وركزت الدراسة على تحليل خمس سمات أساسية تُكوِّن الشخصية، هي: العصابية، والانبساطية، والانفتاح، والقبول، والضميرية.
وتبيّن للباحثين أن الأشخاص الذين يسجلون مستويات عالية من العصابية، وهي السمة التي تتسم بالقلق الدائم والتوتر وسرعة التأثر العاطفي، أكثر عرضة للوفاة المبكرة مقارنة بغيرهم.
بينما أظهرت النتائج أن الأفراد ذوي الضميرية العالية، الذين يتميزون بالانضباط الذاتي والتنظيم والالتزام، يتمتعون بمخاطر أقل، ما يشير إلى أثر واضح للسلوك المنضبط في تعزيز فرص البقاء على قيد الحياة.
كذلك، أظهرت الدراسة أن الأشخاص الأكثر انبساطية، الذين يتميزون بحب النشاط الاجتماعي والانخراط في العلاقات، يتمتعون بانخفاض أكبر في معدلات الوفاة.
وأرجع الباحثون هذا التفاوت الجغرافي إلى اختلاف أنماط الحياة والعلاقات الاجتماعية وتأثيرها الصحي في كل بلد.
تأثير الشخصية على طول العمر
أشارت التحليلات إلى أن العمر يلعب دورًا حاسمًا في العلاقة بين العصابية وخطر الوفاة، إذ كانت التأثيرات أقوى في الأعمار الأصغر. وفي المقابل، لم تظهر الأدلة ارتباطًا كبيرًا بين سِمَتي الانفتاح والقبول والنتائج الصحية.
وقالت الدكتورة مايري مكغيهن، أستاذة علم النفس المساعدة في قسم علم النفس بجامعة ليميريك وعضو معهد أبحاث الصحة، إن هذه المراجعة «تجمع عقودًا من الدراسات الطولية وتؤكد الدور الحاسم الذي تلعبه الشخصية في طول العمر».
وأضافت: «تُظهر النتائج أن طريقة تفكيرنا ومشاعرنا وسلوكنا لا ترتبط فقط بالرضا عن الحياة والعلاقات، بل تُسهم مباشرة في تحديد مدى بقائنا على قيد الحياة».
وأكدت مكغيهن أن تأثير سمات الشخصية يُقارب في حجمه عوامل الصحة العامة المعروفة مثل الوضع الاجتماعي والاقتصادي.
ومن جانبه، أوضح الدكتور بارِك أو سوليبان، الأستاذ المشارك في قسم علم النفس بالجامعة والمشرف الرئيس على الدراسة، أن النتائج «تمثل خطوة علمية متقدمة ستفتح المجال أمام أبحاث واسعة حول العلاقة بين ميولنا الفكرية والعاطفية وسلوكنا وطول أعمارنا».
وأكد أن «الشخصية عامل أساسي في الصحة عبر مراحل الحياة المختلفة».
