جدل متصاعد حول فيناسترايد أشهر علاج لتساقط الشعر.. تحذيرات تربطه باضطرابات نفسية
أثار دواء فيناسترايد Finasteride المستخدم على نطاق واسع لعلاج الصلع الوراثي لدى الرجال، جدلاً متزايدًا خلال الأشهر الأخيرة بعد تقارير وتحذيرات تربطه باضطرابات نفسية قد تشمل الاكتئاب والقلق وأحيانًا الأفكار الانتحارية.
ورغم أن الدواء يُعد من أكثر العلاجات فعالية في منع تساقط الشعر، فإن قائمة التحذيرات الصحية المحيطة به آخذة في الاتساع، ما يدفع كثيرًا من المستخدمين والأطباء إلى إعادة تقييم مخاطر استخدامه على المدى الطويل.
كيف يعمل فيناسترايد داخل الجسم؟
يرتكز تأثير دواء فيناسترايد على خفض مستويات هرمون "ديهيدروتيستوستيرون"، المسؤول عن تقلص بصيلات الشعر وظهور الصلع الوراثي. ويمنع الدواء عمل الإنزيم الذي يحول التستوستيرون إلى هذا الهرمون، ما يقلل نسبته بنسبة تصل إلى 70% لدى معظم الرجال.
وقد حصلت الجرعة اليومية 1 ملغم على اعتماد طبي منذ أواخر التسعينيات لعلاج الصلع، بينما تُستخدم الجرعات الأكبر لعلاج تضخم البروستاتا.
وبرغم فعاليته الكبيرة، فإن الدواء غير مخصّص للنساء، حتى المصابات بنمط تساقط الشعر نفسه.
ورغم أن الآثار الجانبية الأكثر تداولًا تتمثل في انخفاض الرغبة الجنسية وضعف الانتصاب وتراجع إنتاج السائل المنوي، فإن التقييمات الحديثة فتحت بابًا واسعًا للبحث في آثاره المحتملة على الصحة النفسية، وهو جانب لم يُدرج رسميًا ضمن التحذيرات الطبية في عدد من الدول، مثل أستراليا.
مخاطر نفسية متصاعدة حول فيناسترايد
بدأت المخاوف في الارتفاع بعد تقارير متابعة طويلة المدى أشارت إلى احتمال ظهور أعراض اكتئاب، وتقلبات مزاجية حادة، وأفكار انتحارية لدى فئة من مستخدمي فيناسترايد. وبينما لم تثبت التجارب السريرية الأولى وجود ارتباط مباشر، فإن بيانات ما بعد الاستخدام أظهرت مؤشرات تستدعي الانتباه.
وفي مايو 2025، حسمت وكالة الأدوية الأوروبية موقفها بإضافة "الأفكار الانتحارية" إلى قائمة الآثار الجانبية المؤكدة للدواء، إلى جانب التحذير من احتمال التسبب بالاكتئاب وتقلبات المزاج.
وفي خطوة مماثلة، أكدت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أن التركيبات الموضعية للدواء، والتي ازداد استخدامها مؤخرًا، تحمل المخاطر النفسية ذاتها لنسخته الفموية.
ويرى متخصصون أن عدم حسم الارتباط في بعض الدول يعود إلى اعتمادها على بلاغات فردية، لكن اتساع هذه البلاغات دفع المؤسسات الصحية إلى التعامل بجدية أكبر مع الملف، خاصة مع ازدياد استخدام فيناسترايد بين فئة الشباب.
بدائل استخدام فيناسترايد
وأشار خبراء الصحة النفسية إلى أن الآثار قد تختلف من شخص لآخر، كما قد تتداخل مع ظروف حياتية أو مشكلات قائمة مسبقًا، لكن العامل المشترك في معظم الحالات هو ظهور الأعراض بعد استخدام الدواء بفترة قد تطول أو تقصر.
يحذر الأطباء من تجاهل أي تغيّرات نفسية أثناء استخدام فيناسترايد، وينصحون بالتواصل الفوري مع الطبيب عند الشعور بحالة مزاجية غير معتادة، أو قلق، أو فقدان للطاقة، أو أفكار سوداوية. وقد يتجه الأطباء إلى إيقاف الدواء مؤقتًا لمراقبة التحسن، أو إيقافه نهائيًا في الحالات الأكثر شدة.
ويؤكد المتخصصون أن التوقف عن استخدام فيناسترايد آمن ولا يتطلب خطوات تدريجية، فيما تعود مستويات الهرمونات إلى طبيعتها بعد فترة وجيزة، ما يؤدي إلى فقدان التحسن في كثافة الشعر تدريجيًا.
ويطرح الخبراء بدائل للفئة القلقة من استخدام الدواء، وعلى رأسها "مينوكسيديل" الموضعي المتوافر دون وصفة طبية، والذي يتمتع بفعالية مثبتة وآثار جانبية أقل خطورة، لا سيما من ناحية الصحة النفسية.
ويشدد المتخصصون على ضرورة اتخاذ قرار العلاج بناءً على موازنة دقيقة بين فوائد فيناسترايد في وقف تساقط الشعر ومخاطره المحتملة، مع متابعة طبية مستمرة ودعم نفسي عند الحاجة، خاصة أن بعض الحالات قد تظهر أعراضًا مستمرة حتى بعد وقف الدواء.
وفي ظل الجدل المتصاعد، يبدو أن فيناسترايد سيظل محور نقاش طبي وإعلامي خلال الفترة المقبلة، بين فعاليته المثبتة ومخاوفه النفسية التي بدأت تتكشف بوضوح أكبر، ما يجعل الوعي الطبي والمراجعة الدورية جزءًا أساسيًا من رحلة استخدامه.
