التوتر تحت السيطرة: 6 خطوات عمليّة للرجال لاستعادة التوازن النفسيّ
من الطبيعي أن يشعر الرجل بالتوتّر عند مواجهة أي موقفٍ صعب، فيزداد معدّل ضربات قلبه أو ينتابه القلق، ثم تعود الأمور تدريجيًا إلى طبيعتها، لكن عندما يسيطر التوتر بشكلٍ مستمر على حياته، قد يؤدّي ذلك إلى مشاكل صحية مثل اضطرابات الجهاز الهضمي، ضعف المناعة، زيادة الرغبة في تناول الأطعمة غير الصحية، وبالتالي زيادة الوزن.
في نمط الحياة الحديث، يصعب على الرجل الهروب من الضغوط، سواء كانت مرتبطة بالعمل، العلاقات، أو المشاكل المالية، ما يزيد احتماليّة الإصابة بالتوتر المزمن، فما هي العلامات التي تكشف التوتر المزمن؟ والأهم، كيف يمكن للرجل أن يساعد نفسه في التغلّب عليه؟
ما الفرق بين التوتر المزمن والحاد؟
ليكون مفهوم التوتر المزمن واضحًا، لا بُدّ من فهم التوتر الحاد أوّلًا، فهو التوتر الذي تشعر به، كونه نتيجة مباشرة لموقف أو حدثٍ معيّن، مثل التوتر الذي يُصيبك عندما تتأخّر عن موعد، فتبدأ بالشعور بالقلق وصعوبة التركيز مثلًا.
أمّا التوتر المزمن فهو نتيجة التوتر الذي يتراكم بسبب التعرّض المتكرّر للمواقف العصيبة، والهرمونات التي يفرزها الجسم خلال كل نوبة توتّر، وكثير من الأشياء قد تسبّب هذا التوتر المزمن، مثل العلاقات الصعبة أو متطلّبات العمل أو المخاوف المالية.
أسباب التوتر المزمن عند الرجل
تختلف أسباب التوتر المزمن عند الرجل تبعًا للظروف التي يمرّ بها، لكنّها لا تخرج غالبًا عن الأمور الآتية، حسب موقع "Verywell mind":
- الضغط العاطفي: كالمرور بمشاعر صعبة، مثل الغضب أو الحُزن أو الإحباط.
- التوتر البيئي: بسبب المكان الذي تعيش أو تعمل فيه.
- ضغوط العلاقات: كيفية تعاملك مع الأصدقاء والعائلة وزملاء العمل أو تعاملهم معك.
- ضغوط العمل: التحديات والضغوط المتعلّقة بوظيفتك.
وكثيرًا ما تؤثّر هذه الأنواع من الضغوط مجتمعة في حياة الشخص، فقد يؤدّي ضغط العمل إلى خلق ضغوطٍ في علاقاتك، ممّا قد يؤدّي إلى صعوبة في إدارة المشاعر.
أمثلة من واقع الحياة على أسباب التوتر المزمن
نمط الحياة الحديث عادةً ما يحفّز التوتر المزمن، بدءًا من الوظائف ذات الضغط العالي وحتى الشعور بالوحدة وحركة المرور المزدحمة، إذ يبقى الجسم في حالةٍ من التأهّب والتوتر المزمن، ومن أمثلة المواقف التي قد تُنشِئ هذا التوتر المزمن:
- المشاكل المالية.
- المرض المزمن.
- انعدام الأمن السكني.
- انعدام الأمن الوظيفي.
- الصراعات العائلية.
- الحوادث والصدمات.
- التحوّلات الكبرى في الحياة، مثل إنجاب طفل أو الانتقال أو الطلاق.
- الفقر.
- عدم القدرة على الحصول على الرعاية الصحية الكافية.
اقرأ أيضًا:حمام المغنيسيوم: كيف يزيل توتّرك ويحسّن مزاجك بالاسترخاء؟
كيف يتفاعل جسمك مع التوتر؟
التوتر بحد ذاته هو استجابة الجسم الطبيعية للتحدّيات أو التهديدات الجسدية والنفسية، إذ تُفرَز الهرمونات اللازمة لتزويد الجسم بالطاقة لمواجهة التهديد أو الفرار منه، ويؤدّي إفراز هذه الهرمونات (مثل الكورتيزول والأدرينالين) إلى حدوث تغيّرات فيزيولوجية، مثل:
- نبض القلب بمعدّل أسرع لزيادة تدفّق الدم.
- تسارُع التنفّس وزيادة عُمقه لزيادة مستويات الأكسجين في الدم.
- انقباض الأوعية الدموية وضيقها لإعادة توجيه تدفّق الدم إلى العضلات.
- إطلاق السكر من الكبد في الدم لتغذية العضلات.
- اتّساع حدقة العين حتى تتمكّن من الرؤية بشكلٍ أفضل في الظلام.
- تباطؤ الهضم لإعادة توجيه موارد الطاقة إلى العضلات.
- تعرّق الجسم لمنع ارتفاع درجة حرارته.
وبعد انتهاء التوتر، يعود الجسم إلى حالته الطبيعية، ويُعرَف التوتر في هذه الظروف بالتوتر الحاد.
كيف يُضعِف التوتر المزمن جسمك ببطء؟
إذا استمرّ التوتر مهيمنًا على حياة الرجل، فقد يخرج الجسم عن حالته الطبيعية المتوازنة جرّاء الارتفاع المستمر لهرمون التوتر، وهذا قد يؤثّر على الجسم بطرقٍ سلبية، لها بعض العلامات، مثل:
- ارتفاع ضغط الدم، الذي قد يؤثّر على الكلى، بسبب الانقباض المستمر للأوعية الدموية.
- تقليل حساسية الجسم للإنسولين، بسبب ارتفاع مستويات السكر في الدم باستمرار، ممّا يجعل السيطرة على نسبة السكر في الدم أكثر صعوبة.
- زيادة الشهية تجاه الأطعمة غير الصحية "السكريات والأطعمة الدهنية"، لأنّ الجسم يحرق مزيدًا من الطاقة بسبب التوتر.
- مشاكل الجهاز الهضمي.
- تأثّر الدماغ والمزاج والتفكير، بسبب التأثيرات الالتهابية لهرمونات التوتر.
- إضعاف المناعة بسبب التنشيط المستمر للاستجابة المناعية بسبب التوتر، ممّا قد يؤدّي إلى انخفاض قدرة الجسم على مكافحة العدوى، خاصةً العدوى الفيروسية.
علامات التوتر المزمن التي يجب الانتباه لها
قد ينعكس التوتر المزمن للرجل في بعض الأعراض الجسدية والنفسية، والتي منها على سبيل المثال:
- الأرق.
- الإرهاق.
- الألم المزمن، خاصةً ألم العضلات وتيبّس الرقبة.
- مشاكل الجهاز الهضمي، مثل الغثيان، ألم المعدة، الإسهال، الإمساك.
- سُرعة الانفعال.
- الغضب.
- صعوبة التركيز.
- الاكتئاب.
- تغيّر في الشهية.
- زيادة أو خسارة الوزن غير المقصودة.
- ضعف الرغبة الجنسية.
- ضعف الانتصاب.
هل للتوتر المزمن مخاطر على الصحة؟
لا يتوقّف الأمر على مجرّد الأعراض المزعجة للتوتر المزمن، بل قد يُسهِم هذا النوع من التوتر في الإصابة بالعديد من الاضطرابات الصحية، والتي تضمّ حسب الجمعية الأمريكية لعلم النفس "APA":
- أمراض القلب.
- ارتفاع ضغط الدم.
- مرض السكري.
- السمنة.
- الإرهاق المزمن.
- اضطرابات الجهاز الهضمي.
- الأمراض المناعية.
- العجز الجنسي.
- اضطرابات القلق.
- الاكتئاب.
- عدوى الجهاز التنفّسي.
اقرأ أيضًا:متلازمة ماري أنطوانيت.. هل يعيد التوتر تشكيل ملامحنا؟
كيف يساعد الرجل نفسه في التغلّب على التوتر المزمن؟
رغم أنّ التوتر صار مزمنًا، لكنّه ليس نهاية المطاف، بل يمكن للرجل أن يتغلّب عليه باتّخاذ نمط حياةٍ صحي، واتّباع بعض النصائح التي تُوصِي بها الجمعية الأمريكية لعلم النفس:
1. وضع حدود
أدرِج جميع المشاريع والالتزامات التي تجعلك تشعر بالإرهاق، ثمّ حدّد المهام التي تشعر أنّه يجب عليك القيام بها، مع الحدّ من أي شيءٍ غير ضروري.
فمثلًا بالنسبة للمشاريع المتعلّقة بالعمل، ناقش قائمة بمسؤولياتك مع المُشرِف الخاص بك، واعرف منه الأولويات وأفضل السبل للتعامل مع المشاريع المطروحة.
وبالنسبة للأنشطة المجتمعية مثلًا، فكّر في الاتصال بالأشخاص الذين تعهّدت لهم بهذه الالتزامات وأخبرهم بأنّك لا تستطيع إتمامها في هذا الوقت.
كما يمكنك الامتناع عن قبول أي التزامات إضافية حتى تشعر بأنّ التوتر بات أخفّ وطأةً عليك، كما أنّ وضع حدود للالتزامات غير الأساسية ضروري لتخفيف التوتر المزمن.
2. تلقِّي الدعم
يمكنك التواصل مع صديقٍ أو قريبٍ له علاقة وثيقة معك، وإخباره بأنّك تواجِه وقتًا عصيبًا، مع الترحيب بدعمه وتوجيهاته، فربّما يكون صديقك أو قريبك يواجه تحدّيات مماثلة، ولديه أفكار ووجهات نظر مفيدة، فلا حاجة لمواجهة الظروف الصعبة بمفردك، بل قد يساعدك الدعم من العائلة أو الأصدقاء على الاستمرار في الاعتناء بنفسك بشكلٍ أفضل.
3. قُم بالتزامٍ صحي واحد
كثيرةٌ هي النصائح المتعلّقة بتحسين الصحة، إذ ينبغي فعل كلّ ما هو ممكن لتحسين صحتك، حتى تتمكّن من توفير الطاقة والقوة اللازمتين لمواجهة التحدّيات التي تواجهها.
لكنّ الالتزام قد يكون صعبًا، لذا يمكنك البدء بخطوةٍ صغيرةٍ واحدة، مثل تقليل تناول الكافيين، إذ قد يجعلك ذلك أقل توتّرًا وعصبية، ويحسّن نومك بشكلٍ أفضل.
أيضًا النشاط البدني، مثل المشي السريع، يمكن أن يزيد مستويات الطاقة لديك والتركيز، كما يقلّل مشاعر القلق، بالإضافة إلى أنّه يعزّز الإندورفينات، التي تساعد على تحسين المزاج.
4. تعزيز جودة النوم
غالبًا ما يعاني المصابون بالتوتر المزمن من قلّة النوم، لذا من الضروري السعي إلى تحسين جودة نومك، إذ يُوصَى بـ:
- الذهاب إلى السرير في وقتٍ منتظم كل ليلة.
- النوم 7 , 8 ساعات على الأقلّ كل ليلة.
- إزالة الهاتف الجوّال وأجهزة الكمبيوتر من غرفة نومك إذا أمكن.
- ممارسة أنشطةٍ مهدّئة للاسترخاء قبل النوم، مثل قراءة كتاب أو الاستحمام أو ممارسة تقنيات الاسترخاء، مثل التنفّس العميق.
- تجنّب تناول وجبةٍ ثقيلة أو ممارسة تمارين رياضية مكثّفة مباشرةً قبل النوم.
- اكتب مخاوفك قبل وقتٍ طويلٍ من النوم، ثمّ حاول تهدئة أفكارك قبل إطفاء الأنوار، كي لا تستمرّ بالتقلّب في الفراش طويلًا قبل النوم.
5. التفاؤل والإيجابية
مهما كانت الظروف الصعبة التي تحيط بك، حاول أن تتمتّع بنظرةٍ إيجابية لما حولك، والنظر إلى المشاكل كفرصٍ للنمو، مع دحض الأفكار السلبية، فهذا قد يساعد في تقليل التوتر.
قد يكون سبب التوتر لدى بعض الأشخاص محاولتهم التعامل مع الأمور بشكلٍ مثالي، لذا فإنّ التحلّي بالإيجابية والواقعية يساعد على تخفيف التوتر.
6. استشارة المُختصّين
ختامًا، إذا كان التوتر مهيمنًا على حياتك أو تشعر باليأس، أو لا تستطيع القيام بروتينك اليومي، فلا بأس من استشارة اختصاصيّ الصحّة النفسية، إذ يساعدك على تطوير استراتيجياتٍ فعّالة لإدارة التوتر والمساعدة في صقل صحّتك النفسية.
