ليست بعدد ساعاته.. معايير جودة النوم واستراتيجيات تعزيزه

قد تنام بالليل 7 ساعات أو أكثر، ومع ذلك تستيقظ متعبًا، ولا تشعر أنّك نِلْت كفايتك من النوم، لكن هل كانت هذه الساعات السبع متصلة أم استيقظت عِدّة مرات خلال نومك؟ وقبل ذلك، هل دخلت في النوم سريعًا أم كُنت تتقلّب في فراشك لساعات قبل أن تنام؟
في الحقيقة فإن جودة النوم ليست بعدد ساعاته فقط، بل بمدى استمرار نومك دون انقطاع، وكذلك توقيت النوم ومدى شعورك بالنشاط في اليوم التالي، فكيف تحصل على نومٍ عالي الجودة؟ وما فوائده لصحتك؟
ماذا يعني النوم الجيد؟
يعني النوم الجيد أن تنام في غضون 20 دقيقة، بالإضافة إلى أن يستمرّ نومك طوال الليل دون أن تستيقظ، كما ينبغي أن تقضي وقتًا أطول نائمًا في فراشك، بدلًا من محاولة الدخول في النوم.
علاوة على ذلك، ينبغي أن تنام 7 - 9 ساعات ليلًا، كي تواكِب إيقاع الساعة البيولوجية الطبيعية لديك؛ إذ ينبغي أن يجعلك النوم تشعر براحة، وألّا يكون نشاطك منخفضًا، أو تشعر بالإرهاق أو النعاس في أثناء النهار.
ما هي عوامل جودة النوم؟
تُحدَّد جودة نومك بناءً على عِدّة عوامل، فعدد ساعات نومك هو عامل واحد فقط من عوامل جودة النوم، التي تضمّ:
1. زمن الاستجابة للنوم:
وهو الوقت الذي تستغرقه للانتقال من اليقظة إلى النوم، بعد أن تستلقي في سريرك وتحاوِل النوم، ومعظم الناس قادرون على النوم في غضون 20 دقيقة من الذهاب إلى الفراش، أمّا أن تطول هذه المدة، فهذا قد يعني أنّ نومك ليس عالي الجودة.
2. مدى استمرار النوم:
وهو قدرتك على البقاء نائمًا، فالنوم عالي الجودة غير متقطع، ومن ثم فلن تستيقظ من نومك بالليل بعد أن نِمْت بالفعل؛ إذ يرتبط النوم المتقطّع بالشعور بالإرهاق، حتى بعد الحصول على عدد كاف من ساعات النوم، ما دام أنّ هذه الساعات لم تكُن متواصلة.
اقرأ أيضًا:"الضوضاء الملونة".. كيف تساعدك على النوم العميق وتحسين التركيز؟
3. كفاءة النوم:
تعني كفاءة النوم مقدار الوقت الذي تقضيه نائمًا، مقابل الوقت الذي تقضيه في محاولة الدخول في النوم، ويعتبر بعض الباحثين أنّ قضاء ما لا يقل عن 85% من إجمالي وقتك في السرير في حالة نومٍ فعلي، هو الحد الأدنى في معيار جودة النوم.
وبإيجاز فإن كفاءة النوم = (مدة النوم الفعلي ÷ إجمالي الوقت في السرير) × 100%، فكُلّما قلّت عن 85%، كان نومك أقل جودة.
4. توقيت النوم:
تجعلنا الساعة البيولوجية نشعر باليقظة والنشاط في أوقات مُعيّنة من اليوم (النهار عادةً)، والنعاس في أوقات أخرى (الليل غالبًا)، ويتماشى النوم عالي الجودة مع إيقاعات الجسم اليومية، وهذا يعني أن توقيت النوم المتناغم مع الساعة البيولوجية لديك من عوامل النوم عالي الجودة، خاصةً مع النوم والاستيقاظ في الموعد نفسه كل يوم.
5. الانتباه في أثناء النهار:

الانتباه خلال ساعات الاستيقاظ من العوامل التي تُحدِّد جودة نومك، ويتمثّل في قدرة جسمك على الحفاظ على يقظته في أثناء النهار، وهذا يشمل القدرة على البقاء مستيقظًا، بالإضافة إلى القدرة على العمل بكامل قواك العقلية والبدنية.
فإذا كان نومك ذا جودةٍ جيدة، فمن المتوقّع أن تكون نشيطًا بالنهار، وقادرًا على أداء مهامك بسهولة، أمّا الشعور بالتعب أو النعاس المفرط بالنهار، فقد يدلّ على انخفاض جودة نومك.
6. الرضا عن النوم:
يُقاس بمدى شعورك بالراحة والانتعاش عند الاستيقاظ وفي أثناء نومك، بأن تشعر بأنّك نِلت قسطًا كافيًا من النوم عند النهوض من السرير، دون الشعور بتعبٍ أو إرهاق، وكذلك استمرار الشعور بالنشاط بالنهار، دون الإحساس بالنعاس أو الحاجة لنومٍ إضافي.
اقرأ أيضًا:لماذا يجب أن تستثمر في ملاءات ووسائد فاخرة لنوم أفضل؟
كيف يتحسّن جسمك على كل الأصعدة مع النوم الجيد؟
يُحسِّن النوم الجيد قدرتك على التركيز وأداء مهامك اليومية، كما يُعزِّز أداءك الجسدي، ويجعل مزاجك أفضل على مدار اليوم؛ إذ تضمّ فوائد النوم عالي الجودة:
1. تحسين المزاج:
يستعيد النوم مستويات الطاقة الطبيعية لجسمك، ومِنْ ثَمّ فإن الاستيقاظ منتعشًا بعد نومٍ عميقٍ بالليل له أثر بالغ في مزاجك، وبالتأكيد ليس هذا حال من كان نومه متقطّعًا، خاصةً أنّ ضعف جودة النوم أو قلّة عدد ساعاته مرتبط بالقلق والاكتئاب وسُرعة الانفعال وغير ذلك.
2. الحفاظ على صحة القلب وضغط الدم:
يُعزِّز النوم الجيد صحة القلب؛ إذ يتباطأ عمل القلب ويقلّ ضغط الدم في أثناء النوم، ما يعني أنّ القلب والأوعية الدموية تستريح معك أيضًا، وانعدام جودة النوم يُعد من عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب، كما قد يُبقِي ضغط دمك مرتفعًا لفترة ممتدة من الوقت.
3. تعزيز الذاكرة والتفكير:

تفترض نظرية "المرونة الدماغية" أنّ النوم ضروري حتى يتمكّن الدماغ من النمو، وإعادة التنظيم وإنشاء روابط عصبية جديدة، وتساعد هذه الروابط العصبية الجديدة على تعلّم معلومات جديدة، وتكوين ذكريات في أثناء النوم؛ أي أنّ النوم الجيد ليلًا يعزِّز مهاراتك في حل المشكلات واتخاذ القرارات.
على النقيض من ذلك، فإنّ تدنّي جودة نومك قد يُؤثِّر في قدرتك على التفكير بوضوح، وتكوين الذكريات، والتعلّم الجيد؛ إذ تتباطأ القدرة على التفكير السريع بعد أسبوع واحد فقط من النوم غير الكافي، حسب "Medscape".
4. تحسين الأداء البدني:
النوم الجيد ضروري لتعافي الرياضيين؛ إذ يبلغ هرمون النمو أوج مستوياته في أثناء نومك، وهو هرمون ضروري لإصلاح الأنسجة والمساعدة على نمو عضلاتك، ومن دون النوم عالي الجودة، قد تكون مُعرّضًا للشعور بالإرهاق وانخفاض أدائك، بالإضافة إلى زيادة خطر التعرّض للإصابة، لذا فإنّ النوم الجيد ضروري لتحسين الأداء البدني والحفاظ على لياقتك.
5. الحفاظ على الوزن:
النوم الجيد من العوامل المساعدة في الحفاظ على الوزن، بالتوازي مع ممارسة التمارين وتقليل توترك، فالجسم بطبيعته يفرِز المزيد من الهرمونات المُثبِّطة للشهية، مثل "هرمون اللبتين"، بينما يقلّ إفراز هرمون الجوع "الجريلين"، ما يساعد على ضبط شهيتك والحفاظ على وزنك، بينما قد يحدث العكس مع تدنِّي جودة نومك.
6. تعزيز المناعة:
يساعد النوم الجسم على إصلاح نفسه واستعادة طاقته، مما يجعلك تشعر بالانتعاش في الصباح، وفي أثناء النوم، يُنتِج الجسم هرمونات النمو إلى جانب "السيتوكينات"، التي تدعم جهاز المناعة في مكافحة العدوى، لذا فإنّ عدم النوم جيدًا قد يكون مصحوبًا بزيادة خطر الإصابة بالأمراض، وتقاعس المناعة عن أداء دورها المُعتاد.
5 استراتيجيات لتعزيز جودة نومك
قد عرفت الآن أنّ عدد ساعات النوم ليست كلّ شيء، فجودة نومك هي الأهم، وفيما يلي بعض الاستراتيجيات التي تساعدك على التمتّع بنومٍ عالي الجودة:
1. إنشاء جدول نوم منتظم:
يساعد النوم والاستيقاظ في الموعد نفسه كل يوم جسمك على مواكبة الساعة البيولوجية، وهو الأمر الذي يُوصِي به خبراء الصحة، حتى في عطلات نهاية الأسبوع.
ولكن ماذا عن القيلولة في أثناء النهار؟
يُفضّل ألّا يزيد زمن قيلولتك على 20 دقيقة، وألّا تكون قُرب المساء، وذلك حتى تتمكّن من النوم في وقت نومك المُعتاد.
2. خلق بيئة نومٍ هادئة:

قد يختلف ما يُفضِّله كل شخص في غرفة نومه عن الآخر، لكنّ النوم في غرفة هادئة مظلمة، درجة حرارتها مناسبة، ليست شديدة الحرارة ولا قارسة البرودة، قد يناسب الجميع، ويُعِينك على النوم بسهولة، وأن يستمرّ نومك بالليل دون انقطاع.
فإن كانت هناك أضواء لا بُدّ منها أو أصوات لا يمكن أن تعزل نفسك عنها، فيمكنك استخدام قناع العين أو سدادات الأذن، كي لا يضطرب نومك.
اقرأ أيضًا:كيف تؤثر إضاءة غرفتك على نومك؟ هذه أفضل ألوان الضوء لنوم مريح
3. تجنّب المنبّهات قبل النوم:
سواء كانت تلك التي تحتوي على الكافيين، كالقهوة، أو التي تحتوي على النيكوتين، كالسجائر، فكلّها أعداء لنومك، خاصةً مع احتساء القهوة أو شُرب السجائر مع اقتراب موعد نومك.
4. الابتعاد عن الشاشات قبل النوم:
قد يساعد وضع الأجهزة الإلكترونية خارج غرفة نومك قبل أن تنام بـ30 دقيقة على الأقل في تسهيل نومك؛ إذ ينبعث من الهواتف والأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر والإلكترونيات الأخرى ذات الشاشات؛ ضوء أزرق، يُعطِّل الإنتاج الطبيعي لهرمون النوم "الميلاتونين" في جسمك، ما قد يجعل دخولك في النوم أصعب.
بدلًا من ذلك، ينصح خبراء النوم بتطوير روتين مريح في ساعة ما قبل النوم، بدلًا من النظر في تلك الشاشات، مثل القراءة أو الاستحمام بماءٍ دافئٍ أو أي نشاطٍ مريح بالنسبة لك.
5. ممارسة الرياضة:
ترتبط ممارسة التمارين اليومية بتحسّن جودة النوم، إذ تساعدك على الدخول في النوم أسرع، وزيادة الوقت الإجمالي الذي تقضيه في النوم، كما قد تكون ممارسة الرياضة خارج بيتك أكثر فائدة؛ إذ تتعرّض لأشعة الشمس.
ومع ذلك لا يُنصَح بممارسة الرياضة في وقت متأخر جدًا من اليوم، خاصةً مع اقتراب موعد نومك، كي يتمكّن جسمك من الاسترخاء قبل أن تنعم بأحلامٍ سعيدة في نومك.