ابتكار جهاز صغير يتحدث مع المخ "لاسلكيًا"
تمكّن فريق من الباحثين بقيادة جون روجرز، أستاذ الإلكترونيات الحيوية في جامعة نورث ويسترن الأمريكية، من ابتكار جهاز دماغي لاسلكي صغير يستخدم ضوء LED "للتحدث" مباشرة مع المخ، وفق تجارب حديثة على الحيوانات.
الجهاز، الذي يوضع تحت فروة الرأس دون الحاجة إلى زراعة مباشرة في الدماغ، يرسل أنماط ضوئية إلى خلايا عصبية معدلة وراثيًا لتصبح حساسة للضوء، ما يتيح تنشيط الخلايا وكأنها تتلقى معلومات حسية طبيعية.
مشروع دماغي يرسل إشارات ضوئية للخلايا العصبية
وفي الاختبارات، تعلّمت الحيوانات التمييز بين الأنماط المختلفة من الإشارات الضوئية وربطها بمهمات محددة، مثل البحث عن مكافآت غذائية، مما أكد قدرة الجهاز على خلق اتصال حسي اصطناعي فعال.
الجهاز يحتوي على 64 LED صغيرًا ودائرة إلكترونية تتيح التحكم فيه لاسلكيًا عبر موجات NFC، وهو مرن وقابل للانحناء ليتناسب مع شكل الجمجمة.
وأشار الفريق أيضًا إلى مشاركة بين هي، باحث في هندسة الأعصاب بجامعة كارنيجي ميلون، الذي وصف التقنية بأنها "طريقة مبتكرة لاستخدام الضوء لضبط دوائر المخ، ولها تطبيقات محتملة في بحوث العلوم العصبية الحيوانية وما بعدها".
ويُعد هذا الابتكار خطوة كبيرة نحو تطوير واجهات دماغية جديدة (BMI) قادرة على استقبال مدخلات اصطناعية مستقلة عن الحواس التقليدية، ما يفتح المجال لتطبيقات مستقبلية في الأطراف الصناعية وتحسين الإحساس باللمس والضغط، وربما نقل إشارات بصرية أو سمعية إلى أجهزة تعويضية للحواس.
وقال جون روجرز: "يمكننا عبر هذه التقنية مشروع سلسلة من الصور مباشرة إلى الدماغ، كما لو كنا نشغل فيلمًا"، مؤكدًا أن الجهاز يمكّن من التحكم بأنشطة مجموعات متعددة من الخلايا العصبية في أرجاء القشرة الدماغية.
مستقبل الأطراف الصناعية وإدارة الألم بلا أدوية
ويُذكر أن الجهاز يعتمد على تقنية التحكم الضوئي بالخلايا العصبية المعدلة وراثيًا (Optogenetics)، والتي تستخدم الفيروسات الآمنة لإدخال تعديلات جينية تجعل الخلايا حساسة للضوء.
وتسمح هذه الطريقة بتفعيل الخلايا العصبية دون الحاجة إلى تدخل جراحي مباشر في الدماغ.
ورغم إمكاناته الكبيرة، أشار الباحثون إلى أن التحدي الأكبر في المستقبل سيكون الحصول على الموافقات التنظيمية لتطبيق التعديلات الجينية على البشر، لكنهم يعتبرون أن هذا الجهاز يشكل منصة قوية لإجراء أبحاث علمية أساسية، وقد يفتح آفاقًا واسعة في استعادة الحواس وإدارة الألم دون اللجوء إلى الأدوية التقليدية.
