العلاقة بين السمنة وضعف الانتصاب: كيف تؤثر الدهون على صحتك الجنسية؟
ربّما لم تتوقّع قط أن تكون الدهون المتراكمة في البطن سببًا في حدوث ضعف للانتصاب (ED)، والحقيقة أن هذه المشكلة قد تكون هي المُحرِّك الرئيس لأسباب ضعف الانتصاب كافة، من نقص هرمون التستوستيرون أو الإصابة بمرض السكري، أو ارتفاع الكوليسترول في الدم، أو حتى زيادة التهابات الجسم، فما تفصيل العلاقة بين الوزن الزائد والانتصاب لدى الرجال؟ وكيف تحقّق وزنًا مثاليًا مع صحة جنسية جيدة؟
العلاقة بين الوزن الزائد وصحة الانتصاب لدى الرجال
تضرّ زيادة الوزن أو السمنة الصحة الجنسية عند الرجال؛ فثمّة علاقة بين السمنة وضعف الانتصاب؛ إذ بيّنت دراسة نشرت عام 2023 في دورية "Frontiers of Endocrinology"، وجود علاقة إيجابية بين السمنة وخطر الإصابة بضعف الانتصاب المتوسط أو الشديد.
كما أظهرت مراجعة نشرت عام 2018 في دورية "The World Journal of Men's Health"، أنّ السمنة تزيد خطر الالتهابات والإجهاد التأكسدي لخلايا وأنسجة الجسم، وهذا بدوره قد يسهِم في مشكلات صحية قد تسبّب ضعف الانتصاب، مثل:
1. مقاومة اللبتين:
هي حالة لا يستجيب فيها الدماغ لهرمون اللبتين كما يجب، وهو هرمون تفرِزه الأنسجة الدهنية في الجسم، ينظِّم الإحساس بالجوع والشبع، ويمكِن أن تؤدي مقاومة اللبتين إلى الإفراط في تناول الطعام، والسمنة، بل انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون، ما قد يؤدّي إلى ضعف الرغبة الجنسية عند الرجل.
2. مقاومة الإنسولين:
مقاومة الإنسولين، هي حالة لا تستجيب معها الخلايا الموجودة في العضلات والدهون والكبد لهرمون الإنسولين بشكلٍ صحيح، ما يجعلها أقل قدرة على امتصاص السكر من الدم لاستخدامه لإنتاج الطاقة.
ونتيجة لذلك، يستمر إفراز الإنسولين من البنكرياس، لمساعدة السكر "الجلوكوز" على دخول خلايا الجسم، وبمرور الوقت، تحدث مقاومة الإنسولين، التي قد تؤدي إلى الإصابة بمرض السكري، الذي قد يزيد خطر الإصابة بضعف الانتصاب.
3. مرض السكري:
حسب جمعية السكري الأمريكية، فإنّ مرض السكري قد يؤثِّر في الأوعية الدموية وأعصاب القضيب، بما قد يسبّب ضعف الانتصاب، كما أنّ بعض الأدوية المستخدَمة لعلاج مرض السكري أو تخفيف أعراضه، قد تسبّب أيضًا ضعف الانتصاب أو تسهِم فيه.
اقرأ أيضًا:ببساطة.. خطة دايت صحية لعلاقة جنسية أفضل عند الرجال
4. نقص هرمون التستوستيرون:
حسب موقع "Obesity Action"، فإنَّ نقص هرمون التستوستيرون مرتبِط بالسمنة، ونقص هذا الهرمون من العوامل التي قد تزيد خطر الإصابة بضعف الانتصاب؛ فالحفاظ على مستوياته طبيعية ضروري لتحقيق الانتصاب والحفاظ على الرغبة الجنسية عند الرجال.
أمّا عندما تتراكم دهون كبيرة على البطن، فإنّ تلك الدهون تحوّل هرمون التستوستيرون إلى الاستروجين، ما يخلّ بالتوازن الهرموني.
وقد لا تعود مستويات التستوستيرون سريعًا مع خسارة الوزن، ومِنْ ثمّ فقد يحتاج بعض الرجال إلى الحصول على التستوستيرون بالأدوية تحت إشراف الطبيب.
5. تأثيرات إضافية للسمنة:
قد تسبّب السمنة تلف الأوعية الدموية (بما في ذلك التي تغذّي القضيب) بسبب الأمراض المصاحبة لها، مثل ارتفاع ضغط الدم، أو مرض السكري، أو ارتفاع الكوليسترول أو الدهون الثلاثية في الدم.
كذلك تزيد السمنة حالة الالتهاب في الجسم، بما يزيد نشاط الجذور الحرة، التي تتلِف الخلايا والأنسجة، وكلّ هذه العوامل قد تزيد خطر الإصابة بضعف الانتصاب.
كيف يؤثر الكوليسترول والتعب المزمن على ED؟
تُعدّ زيادة مستويات الكوليسترول السيئ في الدم من المشكلات الصحية المصاحبة للسمنة، والتي قد تزيد خطر الإصابة بضعف الانتصاب، كما قد يكون التعب المزمن أيضًا مرتبطًا بضعف الانتصاب.
- ارتفاع الكوليسترول وضعف الانتصاب:
يتطلّب حدوث الانتصاب وصول ما يكفي من الدم إلى القضيب، لامتلاء أنسجة القضيب به، ومِنْ ثمّ انتصابه والحفاظ على صلابته، لكن ارتفاع الكوليسترول في الدم قد يعيق تلك العملية.
فقد تتسبّب زيادة مستويات الكوليسترول السيء في تصلّب الشرايين؛ إذ تتراكم ترسّبات دهنية على جدران الشرايين، ما يجعل الشرايين أضيق، فيكون تدفّق الدم أقل عن المُعتاد بالنسبة إلى العضو الذكري، ما قد يؤدّي إلى ضعف الانتصاب.
- متلازمة التعب المزمن وضعف الانتصاب:
قد تكون متلازمة التعب المزمن مرتبطة بضعف الانتصاب؛ إذ خلصت دراسة نشرت عام 2015 في دورية "Andrology"، أنّ معدل الإصابة بضعف الانتصاب العضوي، كان أعلى بين المصابِين بمتلازمة التعب المزمن، مقارنةً بمن لا يعانون تلك المتلازمة، وكان الرجال في تلك الفئة يبلغون 20 عامًا أو أكثر.
كما كانت نسبة حدوث ضعف الانتصاب أعلى لدى من يبلغون 40 عامًا أو أكثر ممن يعانُون متلازمة التعب المزمن، وكذلك غير المصابِين بها.
اقرأ أيضًا:كيف تعالج انخفاض الرغبة الجنسية عند الرجال طبيعيًا؟
أهمية الوصول إلى وزن صحي في تحسين الأداء الجنسي
إذا كانت السمنة شديدة الخطورة هكذا على صحة الانتصاب، فبالتأكيد تساعد خسارة الوزن الزائد على استعادة الانتصاب الطبيعي وتحسين الأداء الجنسي للرجل.
يؤكِّد ذلك تحليل تلوي لـ5 دراسات، نُشِر عام 2022 في دورية "Andrologia"، شمل 619 شخصًا؛ إذ كشف أنّ فقدان الوزن أدّى إلى تحسّن الانتصاب لدى الرجال الذين يُعانُون زيادة الوزن والسمنة.
وحسب "Obesity Action"، فإنّ فقدان 10% من الوزن الزائد خلال الشهرين، قد يؤدِّي إلى تحسّن الانتصاب عند الرجال.
ليس هذا فحسب، بل أشارت مراجعة نشرت عام 2021 في دورية "Diabetes/Metabolism Research and Reviews"، إلى أنّ فقدان الوزن يجب أن يكون العلاج الأول لضعف الانتصاب لدى الرجال الذين يعانُون مرض السمنة ومرض السكري من النوع الثاني.
وذكرت نفس المراجعة أنّ فقدان الوزن الزائد أدّى إلى:
- تعزيز مستويات هرمون التستوستيرون.
- تحسين مستويات السكر في الدم، بما يساعد على تجنّب مضاعفات السكري، التي قد تسبّب ضعف الانتصاب.
أهمية دمج الرياضة مع نظام غذائي متوازن لخسارة الوزن
لا شكّ أنّ النظام الغذائي المتوازن إلى جانب ممارسة التمارين الرياضية، الخيار الأول لخسارة الوزن الزائد، وإنّ أي نشاطٍ بدني ولو بسيط، له نتائج جيدة في خسارة الوزن، مثل المشي أو ركوب الدراجات أو التمارين المنزلية.
أمّا النظام الغذائي المتوازن، فمن أمثلته:
- رجيم البحر المتوسط: هذا الرجيم ليس فقط لإنقاص الوزن، بل لتعزيز الصحة عمومًا من كل الجوانب، وحسب مراجعة للعديد من التجارب السريرية، نُشِرت عام 2011 في دورية "Metabolic Syndrome and Related Disorders"، فقد ارتبطت حمية البحر الأبيض المتوسط بفقدان الوزن.
- رجيم داش: رغم أنّه مُخصّص للتحكّم في ضغط الدم والوقاية من مضاعفات أمراض القلب، فقد بيّنت مراجعة نشرت عام 2016 في دورية "Obesity Reviews"، أنّ الأشخاص الذين التزموا رجيم داش منخفض السعرات فقدوا وزنًا أكبر، مقارنةً بمن التزموا نظامًا غذائيًا منخفض السعرات.
نصائح إضافية لخسارة الوزن الزائد وتحسين الصحة الجنسية
يُفضّل أيضًا اتباع النصائح الآتية لخسارة أكبر قدرٍ ممكن من الوزن، للحفاظ على الانتصاب الطبيعي عند الرجل:
- تقليل أحجام الوجبات التي تتناولها.
- تفضيل الأطعمة التي تعزّز الشعور بالشبع، كالأطعمة الغنية بالبروتين، مثل الدجاج، البيض، وكذلك الغنية بالألياف، مثل الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة، على الأطعمة غير الصحية.
- وضع أهدافٍ واقعية بشأن خسارة الوزن، فمثلًا قد تحدّد هدفًا قصير الأمد، يتمثّل في ممارسة التمارين الرياضية لمدة 30 دقيقة يوميًا، للمساعدة على تحقيق هدف طويل الأمد، يتمثّل في فقدان 3 - 5% من وزن الجسم.
- تجنّب التوتر قدر الإمكان؛ إذ يرتبط التوتر بزيادة الوزن.
- الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم، لأنّ الحرمان من النوم مرتبط أيضًا بزيادة الوزن.
