علاقة أعمق مما تظن.. النوم قد يكون سلاحك السري لخسارة الوزن
خطّطت لنظامك الغذائي، وبدأت في ممارسة التمارين الرياضية كلّ يوم؛ أملًا في التخلّص من تلك الدهون المزعجة حول البطن، ثُمّ تمضي الأيام والأسابيع ولا تجد النتيجة التي كُنت تتوقّعها، ربّما قد فاتك أن تسأل نفسك سؤالًا لم يكُن في الحُسبان: فهل تنام جيدًا كل ليلة؟
ربّما لم تتوقّع أي ارتباط بين النوم وتأثيره على خسارة الوزن، لكن الحقيقة أنّ النوم قد يكون المُتحكِّم في شهيتك، وقدرتك على ممارسة أي نشاطٍ بدني، خاصةً مع ارتباط قلّة النوم بزيادة الوزن، فكيف تجعل النوم رفيقك في خسارة الوزن؟ وما عدد ساعات النوم المثالي للتمتّع بقوامٍ رشيق؟
أهمية النوم في تنظيم هرمونات الجوع والشبع
هل تظنُّ أنّك تشعر بالجوع فقط عندما تكون معدتك خاوية من الطعام؟
في الحقيقة فإن الأمر أعمق من ذلك بكثير، فهُناك هرمونات تتحكّم في شهيتك، وهي تتأثَّر بنومك إيجابًا أو سلبًا، فالنوم الجيد ليلًا يجعلك تتحكّم في شهيتك بصورةٍ أفضل؛ إذ يوازن إفراز هرمونات الشهية:
- اللبتين: الذي يُنظِّم طاقة الجسم بمنع الشُعور بالجوع، وكذلك يُنظِّم تخزين الدهون في جسمك.
- الجريلين: هرمون يُفرَز في المعدة، وظيفته مُعاكِسة لهرمون اللبتين؛ إذ يُعزِّز الشهية ومرتبِط بالشُعور بالجوع.
والحصول على قسطٍ كافٍ من النوم ليلًا، يخلق توازنًا بين هذه الهرمونات، فيما قد تُؤدِّي قلّة النوم إلى زيادة هرمون الجريلين (هرمون الجوع)، وانخفاض مستويات هرمون اللبتين، مما قد يزيد الشهية، ويجعلك أكثر عُرضةً لخسارة الوزن.
كيف تؤثر قِلّة النوم في زيادة الوزن؟
مهما كان سبب قلّة نومك، فقد يكون له أثر على شهيتك ونوع الطعام الذي تتناوله خلال يومك؛ إذ يزداد الشُعور بالجوع، كما يرتبط الحرمان من النوم بنقص هرمون النموّ وارتفاع مستويات الكورتيزول، وكلاهما مُرتبِط بالسمنة.
وحسب دراسةٍ نشرت عام 2013 في دورية "Nature Communications"، فإنَّ قلّة النوم تجعل المرء أكثر ميلًا لتناول الأطعمة المليئة بالسُّعرات الحرارية، مما قد ينعكس في صورة زيادة الوزن.
فيما بيّنت مراجعة نشرت عام 2022 في دورية "Nutrients"، أنَّ أنماط النوم المضطربة، قد تؤدي إلى تناول المزيد من السعرات الحرارية، خاصةً من الوجبات الخفيفة والأطعمة الغنية بالدهون والكربوهيدرات، مما يُؤثِّر سلبًا في الوزن.
ليس هذا فحسب، بل قد تزيد قلة النوم الشُعور بالتعب والإرهاق، خاصةً لدى كبار السن، حسب بحثٍ نشر عام 2015 في دورية "The Journal of Gerontology"، مما يعني أنّ الشخص يكون أقل قدرةً على الانخراط في نشاطٍ بدني، مما قد يُسهِم في زيادة الوزن أيضًا.
يتضح مما سبق أنّ قلة النوم عقبة عنيدة أمام فقدان الوزن، فقد لا تتمكّن من ممارسة التمارين الرياضية بالجُهد المتوقّع لحرق السعرات وخسارة الوزن، كما تزداد شهيتك تجاه الأطعمة المليئة بالكربوهيدرات والدهون، فتتناول المزيد من السعرات الحرارية خلال اليوم.
النوم وتأثيره على خسارة الوزن
حقيقة قد يكون للنوم أهمية كُبرى في خسارة الوزن، فليست خسارة الوزن مرهونة فقط بضبط السعرات الحرارية والنظام الغذائي والتمارين الرياضية، في حين أنّ النوم الجيّد أو السيئ قد يتحكّم في ذلك كلّه من حيث لا تشعر، فالنوم قد يكُون مُعِينًا حقيقيًّا على خسارة الوزن من خلال:
1. ضبط شهيتك
ربّما تشتهي ألوانًا مختلفة من الطعام طوال الوقت، ولا تدري هل هذه طبيعتك المُعتادة أم أنّ هناك أمرًا خفيًّا، فالتوتر مثلًا يزيد الشهية تجاه الطعام غير الصحي، كما تفعل ذلك قلّة النوم أيضًا.
وقد ذكرت مراجعة نشرت عام 2017 في "المجلة الأوروبية للتغذية السريرية European Journal of Clinical Nutrition"، أنَّ الأشخاص الذين عانوا حرمانًا من النوم، قد تناولوا 385 سُعرًا حراريًا إضافيًا كل يوم، مع زيادة السُعرات الآتية من الدهون عن المُعتاد.
لذا فإنّ الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم يمنع تناول كمية كبيرة من السعرات الحرارية، ويساعد على ضبط شهيتك، ومِنْ ثَمّ الحفاظ على الوزن.
اقرأ أيضًا:كيف تستفيد من النوم في خسارة مزيدٍ من الوزن؟
2. تفضيل الطعام الصحي
قد تتأثَّر اختياراتك للطعام الذي تتناوله بنومك، فكُلّما حصل جسمك على ما يحتاج إليه من النوم، كُنت أقدر على اختيار الطعام الصحي.
فالأمر ليس متعلّقًا فقط بالشهية وما يفعله النوم حيالها، بل قد تُؤثِّر قلة النوم في طريقة عمل الدماغ وقدرتك على اتخاذ القرارات، كما أنّ مراكز المكافأة في الدماغ تكون أكثر استجابة للطعام عندما تكون محرومًا من النوم، حسب دراسةٍ نشرت عام 2021 في دورية "Food Quality and Preference".
ولمزيدٍ من الإيضاح، فإنّ الأشخاص المحرومين من النوم، كانت استجابات مراكز المكافأة في أدمغتهم أعلى عند رؤية صور الأطعمة الغنية بالسُعرات الحرارية، كما كانوا أكثر ميلًا لدفع المال مقابل الطعام، مقارنةً بمن حصلوا على نومٍ كافٍ، حسب دراسةٍ نشرت عام 2019 في دورية "Journal of Neuroscience".
لذا فقد يكون من العسير عليك أن تختار أو تُفضِّل الطعام الصحي، بينما تتأثّر مراكز المكافأة في الدماغ، وتتفاعل بصورةٍ أكبر مع الطعام الغني بالسعرات الحرارية مع الحرمان من النوم، ومِنْ ثَمّ فإنّ النوم جيدًا قد يجعلك أقدر على اختيار الطعام الصحيّ، وهو خير مُعِين لك على خسارة الوزن على هذا المنوال.
3. تجنُّب الأكل ليلًا
كُلّما نِمت باكرًا، تجنّبت الأكل في أوقاتٍ متأخرة من الليل المُرتبِط بالسهر، فالأكل في وقتٍ متأخر من الليل مرتبط بزيادة الوزن، وزيادة مؤشر كتلة الجسم، وكذلك انخفاض مُعدّل حرق الدهون، مما يجعل خسارة الوزن أصعب، حسب "Healthline".
بل إنَّ الأكل قريبًا من وقت النوم، خاصةً إذا تضمّن وجباتٍ كبيرة، قد يخفض جودة نومك ويفاقِم الحرمان من النوم.
لذا فإنّ النوم باكرًا مع تجنّب الأكل قبل النوم بـ2 - 3 ساعات، يضمن لك الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم، كما يساعدك على خسارة الوزن أيضًا، وإذا غلبك الجوع في هذه الفترة القصيرة قبل النوم، فاختر وجبة خفيفة غنية بالبروتين، مثل الزبادي اليوناني أو الجبن القريش.
4. زيادة النشاط البدني
كما ارتبط النوم بالشهية، فإنه وثيق الصلة أيضًا بالنشاط البدني؛ حيث تؤدّي قلة النوم إلى انخفاض النشاط البدني، وضعف هذا النشاط من أسباب انخفاض جودة النوم، فممارسة التمارين الرياضية بانتظام -ليس مع اقتراب موعد النوم- تقلِّل الوقت المُستغرَق لدخولك في النوم، وتعزِّز جودة النوم عمومًا.
كذلك فإنّ قلة النوم قد تجعلك أكثر إرهاقًا بالنهار، فلا تقوى على ممارسة التمارين الرياضية، وربّما تكون أكثر ميلًا للخمول عن النشاط، مما يجعل خسارة الوزن أصعب.
والحصول على قسطٍ كاف من النوم قد يمنع ذلك الإرهاق، ويجعلك أكثر نشاطًا وحيوية في ممارسة التمارين الرياضية، فتحرق مزيدًا من السعرات الحرارية، إلى أن تصل إلى الوزن الذي ترِيد.
كيف يؤثر السهر على معدل الحرق؟
السهر مرتبط غالبًا بتناول مزيدٍ من الطعام؛ إذ يطول الوقت الذي تظلّ فيه مستيقظًا، خاصةً إذا مرّ وقت طويل على وجبة العشاء، وتناول الطعام في وقتٍ متأخر من الليل مرتبِط بزيادة الوزن.
يؤيِّد ذلك دراسة نشرت عام 2021 في "JAMA Network Open"؛ التي ضمّت نحو 137 ألف شخص من 26 دولة، وفيها ارتبط وقت النوم المتأخر بزيادة خطر الإصابة بالسمنة بنسبة 20% بين من ينامون في منتصف الليل أو بعد ذلك، بالمقارنة بمن كان نومهم بين الساعة الثامنة والعاشرة مساءً، وكان الخطر أعلى (35 - 38%) بين الأشخاص الذين ذهبوا إلى الفراش بين الساعة الثانية والسادسة صباحًا.
من ناحيةٍ أخرى، فإنّ قلّة النوم قد تقلّل حرق الدهون، حسب دراسةٍ نشرت عام 2020 في دورية "Scientific Reports"، ومع ذلك فإنّ تأثير قلة النوم على التمثيل الغذائي أو معدّل حرق السعرات الأساسي غير واضح، ومن الدراسات ما ربط بين قلة النوم وانخفاض معدل حرق السعرات، ومنها من أشار إلى عدم وجود علاقة بينهما، والحقيقة أنه لا تزال هناك حاجة إلى دراسات أكبر لربط العلاقة بين قلة النوم والتمثيل الغذائي.
عدد ساعات النوم المثالية لخسارة الوزن
تحتاج إلى النوم 7 - 9 ساعات كل ليلة لخسارة الوزن؛ إذ أظهرت مراجعة لـ20 دراسة نشرت عام 2020 في دورية "Obesity Research & Clinical Practice"، ضمّت 300,000 شخص، زيادة خطر الإصابة بالسمنة بنسبة 41% لدى من ينامون أقل من 7 ساعات كل ليلة، فيما لم يكُن النوم عاملًا مُؤثّرًا في حدوث السمنة لدى من ناموا 7 - 9 ساعات كل ليلة.
نصائح لتحسين جودة النوم في أثناء الحمية الغذائية
علمت الآن أنّ خسارة الوزن ليست مرهونة فقط بالنظام الغذائي والتمارين الرياضية، وأنّ تحسين جودة النوم عامل لا يقلّ أهمية عن الحفاظ على الوزن، وهذه بعض الطرق لتحسينها:
- تجنُّب تناول المشروبات الغنية بالكافيين، مثل القهوة، بعد الظهر، فقد تسبِّب الأرق ليلًا أو تؤثِّر سلبًا في جودة نومك.
- عدم الأكل قبل النوم بـ2 - 3 ساعات على الأقل.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، لكن ليس مع اقتراب موعد النوم.
- إبقاء غرفة نومك مظلمة هادئة، بدرجة حرارة مناسبة تتراوح بين 15 - 19 درجة مئوية.
- تجنُّب النظر إلى شاشة الهاتف الجوّال أو الحاسوب قبل النوم، وإبقاء الأجهزة الإلكترونية خارج غرفة النوم.
- محاولة النوم والاستيقاظ في موعدٍ ثابتٍ كل يوم.
