دراسة: التمارين الرياضة تعزز صحة الأمعاء
كشفت دراسة حديثة عن أن فوائد التمارين الرياضية لا تتوقف عند حدود تحسين اللياقة البدنية أو تقوية القلب والعضلات، بل تمتد إلى تعزيز صحة الأمعاء من خلال دعم الميكروبيوم الحيوي وهي مجموعة معقدة من الكائنات الحية الدقيقة الموجود في الجهاز الهضمي.
ويشير الباحثون إلى أن العلاقة بين صحة الأمعاء والرياضة أصبحت محور اهتمام متزايد في الأوساط الطبية والعلمية، لما لها من تأثيرات بعيدة المدى على الوقاية من الأمراض المزمنة وتعزيز جودة الحياة.
نشرت نتائج البحث في مجلة Reviews in Basic and Clinical Gastroenterology and Hepatology، حيث سعى العلماء إلى معرفة ما إذا كان بالإمكان "تدريب" الأمعاء عبر التمارين كما يتم تدريب أعضاء أخرى من الجسم.
النتائج أظهرت أن النشاط البدني يساهم في زيادة تنوع البكتيريا النافعة وتحسين مرونتها، وهو ما يعني قدرة أكبر على مقاومة الاضطرابات وحماية الجهاز الهضمي من الخلل.
اقرأ أيضًا:دراسة: تربية الأمهات الاستجابية تقلل بدانة الأطفال
وتُظهر الدراسات على الحيوانات أن التمارين الرياضية تؤدي إلى تغييرات مفيدة في تكوين الميكروبيوم.
أما على المستوى البشري، فقد وجدت دراسة أن ممارسي ااتمارين يتمتعون بميكروبيوم أكثر تنوعًا مقارنة بالأشخاص الذين لا يمارسون الرياضة بشكل منتظم، ما يعزز الفرضية القائلة إن النشاط البدني يرتبط بشكل مباشر بصحة الأمعاء.
الفوائد الصحية المرتبطة بالميكروبيوم
الباحثون أوضحوا أن هذا التنوع البكتيري ليس مجرد مؤشر بيولوجي، بل يرتبط بانخفاض معدلات الإصابة بأمراض خطيرة مثل سرطان القولون والتهابات الأمعاء المزمنة.
ويعود ذلك إلى أن التمارين تحفز إنتاج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة، وهي مركبات تدعم جدار الأمعاء وتعمل على تقليل الالتهابات الداخلية. إضافة إلى ذلك، يساهم النشاط البدني في تعزيز وظائف الجهاز المناعي وتحقيق توازن أفضل داخل البيئة الميكروبية.
المثير للاهتمام أن الدراسات كشفت عن علاقة تبادلية بين الأمعاء والرياضة. فبينما يؤدي النشاط البدني إلى تحسين صحة الميكروبيوم، فإن التوازن البكتيري بدوره يساعد على رفع القدرة على ممارسة التمارين وزيادة التحمل البدني.
إحدى التجارب على الحيوانات بينت أن حرمان الكائنات من بعض الميكروبات المفيدة أدى إلى انخفاض قدرتها على أداء التمارين بشكل ملحوظ، ما يشير إلى أن الأمعاء السليمة قد تكون مفتاحًا لتعزيز الأداء الرياضي.
اقرأ أيضًا: علم الأعصاب يكشف أسرار التقدم بالعمر والرياضة
ورغم أن هذه النتائج مشجعة، إلا أن العلماء يؤكدون الحاجة إلى مزيد من الدراسات لفهم الآليات الدقيقة التي تحكم العلاقة بين الرياضة وصحة الأمعاء. ومع ذلك، فإن المؤشرات الحالية توفر سببًا إضافيًا يدفع الأفراد إلى الالتزام بنظام رياضي منتظم، ليس فقط من أجل الحفاظ على اللياقة، بل أيضًا لتعزيز صحة الجهاز الهضمي والوقاية من الأمراض.
ومع تزايد الاهتمام العلمي بهذا المجال، من المتوقع أن تسهم الأبحاث المستقبلية في تطوير استراتيجيات جديدة تجمع بين النشاط البدني والتغذية الصحية لتحسين التوازن الميكروبي وتحقيق فوائد أكبر على مستوى الصحة العامة. وفي الوقت الراهن، تبقى النصيحة الأبرز هي إدماج التمارين الرياضية في نمط الحياة اليومي، باعتبارها استثمارًا طويل الأمد لصحة الجسم والأمعاء على حد سواء.
