علم الأعصاب يكشف أسرار التقدم بالعمر والرياضة
تثبت تجارب عدد من كبار الرياضيين أن التقدم بالعمر والرياضة يمكن أن يجتمعا لتحقيق إنجازات استثنائية، بعكس ما قد يتوقعه الكثيرون. فبينما يعتمد الرياضيون الشباب على السرعة والقوة، يبرع النجوم المخضرمون مثل نوفاك ديوكوفيتش وليبرون جيمس وتوم برادي في استثمار خبراتهم الطويلة، معتمدين على مرونة الدماغ والتكيف العصبي للحفاظ على مستواهم العالي.
ووفقًا لتقرير نشره موقع MedicalXpress، تكشف الدراسات أن قشرة الفص الجبهي، المسؤولة عن التخطيط والتركيز، تزداد كفاءتها مع التعرض المتكرر للضغوط.
فالرياضيون الذين يشاركون بانتظام في المنافسات الكبرى يطورون قدرة مميزة على التحكم في قراراتهم حتى خلال اللحظات الفاصلة، مثل مواجهة نقطة حاسمة في نهائي بطولة كبرى.
وفي الوقت نفسه، يتراجع تأثير اللوزة الدماغية المرتبطة بالانفعالات المفاجئة، مما يساعدهم على الحفاظ على قدر أكبر من التوازن العاطفي.
يبرز في هذا السياق دور بروتين BDNF الذي يُعرف بكونه بمثابة "سماد عصبي"، إذ يسهم في إعادة تشكيل الشبكات العصبية ويعزز التحكم في الانفعالات والدقة الحركية.
وترتفع مستويات هذا البروتين بفضل النشاط البدني المكثف والممارسات الذهنية المنتظمة، إلى جانب استراتيجيات التعافي مثل النوم العميق وتمارين التنفس الواعي.
هذه العوامل مجتمعة تمنح الرياضيين القدرة على استعادة توازنهم والعودة بسرعة إلى قمة الأداء بعد لحظات الضغط أو الانتكاسات.
اقرأ أيضًا: ليست مجرد ماء.. سر الأعصاب الخفي وراء تجاعيد الأصابع
تأثير العمر على الرياضيين
لا يقتصر الأمر على التدريب البدني فقط؛ فالتعافي النشط مثل ركوب الدراجة أو السباحة بعد المباريات يساعد في تهدئة الجهاز العصبي تدريجيًا.
يبقى النوم عنصرًا محوريًا في عملية التعافي العصبي والعضلي، إذ يتم خلاله تعزيز الروابط العصبية التي خضعت للتحدي أثناء التدريبات أو المنافسات. وعند دمجه مع ممارسات التعافي الأخرى، يتشكل توازن ديناميكي بين الدماغ والجسد يمنح الرياضيين مرونة أكبر وقدرة أعلى على التكيف.
توضح الأبحاث أن هذه المبادئ لا تقتصر على المحترفين. أنشطة مثل الرقص أو المشي السريع مع التفكير الذهني، وحتى التدرب على مواقف حياتية ضاغطة، كلها قادرة على رفع مستويات "BDNF" وتعزيز مهارات مثل التركيز وضبط الانفعالات.
ورغم أن القوة البدنية قد تتراجع مع العمر، فإن القدرة على التوقع والوعي الإستراتيجي وصناعة القرار تتحسن بمرور الوقت، ما يجعل الرياضيين المخضرمين يتفوقون على منافسين أصغر سنًا.
في النهاية، يبين علم الأعصاب أن التقدم بالعمر والرياضة ليسا نقيضين، بل قد يكونان ركيزة لاستمرار الإنجاز. فمع التدريب الذهني والبدني المناسب، يمكن للإنسان أن يحافظ على أداء متميز في مختلف مراحل حياته.
