دراسة علمية تربط بين البيئة والوراثة في أعراض القلق
أشارت دراسة علمية حديثة إلى أن العوامل الوراثية تلعب دورًا محوريًا في استقرار أعراض القلق لدى الشباب في بداية العشرينيات من العمر.
وبحسب النتائج المنشورة في مجلة Psychological Medicine، فإن نحو 60% من استقرار أعراض القلق بين سن 23 و26 عامًا يعود إلى تأثير الجينات، في حين أن العوامل البيئية غير المشتركة كان لها تأثير أكبر في التغيرات اللحظية أو قصيرة المدى في مستويات القلق.
تأثير العوامل الوراثية في القلق
اعتمدت الدراسة على بيانات مشروع Twins Early Development Study، وهو برنامج بحثي طويل الأمد بدأ في منتصف التسعينيات ويقوم بمتابعة آلاف التوائم المولودين في إنجلترا وويلز منذ طفولتهم وحتى بلوغهم مراحل متقدمة من العمر.
وتشمل هذه البيانات معلومات صحية ونفسية واجتماعية يتم جمعها بشكل دوري من خلال استبيانات ومقاييس سريرية وتقارير من المشاركين أنفسهم.
في هذه المرحلة من البحث، ركّز العلماء على 6,429 زوجًا من التوائم، حيث خضعوا لست جولات من الاستبيانات بين عامي 2020 و2023، تضمنت أسئلة لقياس حدة القلق وأعراضه المختلفة.
وأظهرت التحليلات أن القلق يتميز بقدر من الثبات على المدى الطويل، وهو ما ارتبط بشكل رئيس بالعوامل الوراثية، بينما تعود التقلبات اللحظية في مستويات القلق إلى عوامل بيئية فردية مثل ضغوط العمل، العلاقات الاجتماعية أو التغيرات الاقتصادية.
اقرأ أيضًا: دراسة تكشف العلاقة بين المشروبات الساخنة وسرطان المريء
ما هي أبعاد أعراض القلق؟
بينت النتائج أن أعراض القلق تنقسم إلى بُعدين رئيسيين: الأول "الضيق الجسدي" المصحوب بتوتر جسدي وأعراض بدنية، والثاني "القلق التجنبي" الذي يتمثل في الإفراط في التفكير وتجنب المواقف المسببة للتوتر.
ورغم اختلاف المظاهر، فإن التحليل الجيني أظهر أن البعدين يشتركان في جذور وراثية واحدة، بينما تتباين التأثيرات البيئية المؤثرة فيهما.
ولم تغفل الدراسة أثر جائحة كوفيد-19، إذ ارتفعت مستويات القلق بشكل واضح خلال هذه الفترة.
وأشارت البيانات إلى أن الضغوط العالمية الكبرى يمكن أن تفعل تأثيرات وراثية كامنة أو تضخم من حدتها.
ويرى الباحثون أن هذا التفاعل بين الجينات والبيئة يفسر سبب تباين استجابات الأفراد للأزمات رغم امتلاكهم استعدادًا وراثيًا متشابهًا.
أكدت الباحثة "جينيفييف مورنو-فايلانكور" Genevieve Morneau-Vailancourt أن فهم تأثير الجينات في هذه المرحلة العمرية الحساسة يساعد على تحديد الفئات الأكثر عرضة للاضطرابات النفسية، ويفتح الباب أمام تطوير برامج تدخل مبكر.
كما شددت على أن وجود قابلية وراثية لا يعني حتمية الإصابة، إذ تظل البيئة والتجارب الحياتية واستراتيجيات المواجهة عوامل قادرة على التخفيف من الأعراض.
ويشير الخبراء إلى أن الدراسات المستقبلية يجب أن تمتد إلى مراحل عمرية أخرى مثل المراهقة وبداية الثلاثينات لفهم التطور الكامل للقلق عبر دورة الحياة.
