أكثر من 160 مركبًا غذائيًا في بذور التمر... دراسة تكشف أسرارها
في اكتشاف غير مسبوق، نجح فريق بحثي من كلية الصيدلة بجامعة القاهرة في كشف الفوائد المذهلة لبذور التمر، التي كانت تعتبر سابقًا من المخلفات الزراعية أو تُستخدم أحيانًا كبديل للقهوة، ولكن، الدراسة الرائدة التي نُشرت في دورية "ساينتفيك ريبورتيز" أظهرت أن هذه البذور تحتوي على مجموعة واسعة من المركبات الغذائية والدوائية التي تجعلها ذات قيمة أعلى بكثير مما كان يُعتقد. وقد لفتت هذه الدراسة الأنظار إلى الفرص غير المستغلة في بذور التمر، التي كانت تُهدر أو تستخدم بطريقة غير فعالة، لتصبح اليوم مصدرًا غنيًا بالمواد ذات الفوائد الصحية الكبيرة.
حللت الدراسة 12 صنفًا من التمور المصرية باستخدام تقنيات متطورة مثل الفصل الكروماتوجرافي الغازي المرتبط بمطياف الكتلة وتقنية الاستخلاص الميكروي الليفي بالفراغ. وكانت النتائج مذهلة، حيث تم التعرف على أكثر من 160 مركبًا غذائيًا ودوائيًا في بذور التمر المحمصة، بما في ذلك الأحماض الدهنية، السكريات، الأحماض العضوية، المركبات الفينولية، والمنكهات الطبيعية. وهذا الاكتشاف يفتح المجال لاستخدام بذور التمر في صناعات متنوعة تشمل الأغذية الصحية، المكملات الغذائية، والمستحضرات الدوائية.
أنواع التمور الأكثر قيمة غذائية
بين أصناف التمور، تصدر صنف "خلاص" القائمة من حيث غناه بالأحماض الدهنية والسكريات، مما يجعله مناسبًا بشكل خاص للمنتجات الغذائية المدعّمة، سواء في شكل إضافات غذائية أو كمكونات في منتجات الطاقة والعصائر الصحية. أما صنف "برحي"، فقد تميز باحتوائه على تركيزات عالية من مركب "الأنيثول" ذو الرائحة العطرية الجذابة، وهو ما يعزز استخدامه في الصناعات العطرية والمشروبات الطبيعية. بالإضافة إلى ذلك، يحتوي هذا الصنف على مركبات أخرى مثل الإستراجول وإسترات الأحماض الدهنية، التي تمنحه نكهة فريدة قد تفتح آفاقًا جديدة في صناعة الأغذية والمشروبات الطبيعية.
أظهرت الدراسة أيضًا أن بعض الأصناف مثل "زميلي"، و"حساوي"، و"برحي" تحتوي على نسب عالية من المعادن الأساسية مثل الكالسيوم، والنحاس، والسيلينيوم، مما يعزز فوائدها الصحية. تحتوي بذور هذه الأصناف على تركيزات متفوقة من الكالسيوم الذي يلعب دورًا هامًا في تقوية العظام والأسنان، بالإضافة إلى النحاس والسيلينيوم اللذين يعدان من العناصر الأساسية التي تدعم جهاز المناعة وصحة القلب.
اقرأ أيضًا: دراسة حديثة: أطعمة غير متوقعة تقلّل خطر الإصابة بسرطان القولون
استخدام بذور التمر في الصناعات الدوائية
اعتمد الباحثون على نماذج تحليل إحصائي متقدمة مثل تحليل المكونات الرئيسية والتحليل التمييزي لتصنيف الأصناف وتحديد المركبات الأكثر تميزًا. ومن أبرز هذه المركبات "1-مونو بالميتين" و"مونو ستيرين"، اللذان تم تحديدهما كسمات تعريفية لصنفي "عارف" و"خلاص". ساعدت هذه التقنيات المتقدمة في الوصول إلى تصنيف دقيق للمركبات الكيميائية الموجودة في بذور التمر، مما يمهد الطريق لاستخدامها في تطبيقات صناعية متخصصة.
تمثل نتائج هذه الدراسة خطوة واعدة نحو تحويل بذور التمر من نفايات مهملة إلى موارد هامة في الصناعات الغذائية والدوائية. هذه البذور تجمع بين القيم الغذائية العالية والخصائص العطرية المميزة، مما يفتح الباب أمام تطوير منتجات مبتكرة ذات قيمة مضافة. يأمل الباحثون أن تُعيد هذه الدراسة لبذور التمر مكانتها كمصدر طبيعي غني ومتنوع، يساهم في إثراء الصناعات الغذائية والصيدلانية. بالإضافة إلى ذلك، من الممكن أن توفر هذه المواد البديلة لمجموعة متنوعة من المنتجات الغذائية والدوائية الطبيعية التي تدعم الصحة العامة.
