هل يكفي أن تكون سعيدًا أو صاحب هدف؟ دراسة تكشف بُعدًا جديدًا للحياة الجيدة
تقترح دراسة حديثة مفهومًا جديدًا للحياة الجيدة يُضاف إلى بُعدَي السعادة والمعنى، وهو "الغنى النفسي" (Psychological Richness)، الذي يقوم على خوض تجارب متنوّعة وغير متوقعة تُحفّز التفكير وتُثير الفضول، حتى وإن كانت صعبة أو تفتقر إلى المعنى الظاهري. وتشير النتائج إلى أن شريحة من الناس حول العالم تفضل هذا النوع من الحياة لما يمنحه من تغيير في النظرة للأشياء وفهم أعمق للواقع.
وقد قاد هذا البحث الدكتورة إيرين ويستغيت من جامعة فلوريدا بالتعاون مع البروفيسور شيغيهيرو أوئشي من جامعة شيكاغو، ونُشرت نتائجه في مجلة Trends in Cognitive Sciences.
كيف تختلف الحياة الغنية نفسيًا عن السعادة أو المعنى؟
توضح الدراسة أن الغنى النفسي لا يعني بالضرورة الشعور بالمتعة أو تحقيق الغاية، بل يعني الانفتاح على تجارب تُحدث تحولات داخلية عميقة.
تقول ويستغيت: "قد يمر الإنسان بتجربة مثل الدراسة الجامعية أو مواجهة إعصار، وهي ليست ممتعة أو هادفة بالضرورة، لكنها تغيّره فكريًا".
وتتابع: "القراءة المؤثرة، أو الاستماع إلى عمل موسيقي عميق، يمكن أن يُحدثا نفس الأثر النفسي دون الحاجة إلى أحداث درامية كبرى".
وفي دراسات أجراها فريق ويستغيت على طلاب جامعيين خلال تعرضهم لأعاصير، وُجد أن كثيرًا منهم وصف التجربة لاحقًا بأنها غنية نفسيًا، لأنها بدّلت نظرتهم للحياة رغم قسوتها.
لماذا قد يختار البعض الغنى النفسي على السعادة أو المعنى؟
تعود جذور هذا المفهوم إلى عام 2015، حين بدأ الباحثان العمل على تطوير مقياس علمي لرصد هذا النوع من التجارب. ثم طُرح مصطلح "الحياة الغنية نفسيًا" لأول مرة عام 2022، قبل أن يتوسّع في الدراسة الجديدة التي أثبتت أن الفكرة تلقى صدى واسعًا عبر ثقافات متعددة.
اقرأ أيضاً السعادة سر الذاكرة؟ العلم يجيب بعد 16 عامًا من المتابعة
تقول ويستغيت: "في علم النفس والفلسفة، ركزنا دائمًا على السعادة أو المعنى، لكننا ننسى أن هناك مسارًا ثالثًا لا يقل أهمية".
ورغم أن معظم الناس يسعون للحصول على السعادة والمعنى والغنى معًا، إلا أن الحياة الغنية نفسيًا تتطلب التخلي أحيانًا عن الراحة والوضوح لصالح تجارب أكثر تعقيدًا وعمقًا.
وتختم الباحثة بقولها: "بعض التجارب التي لا نتوقّعها، هي التي تغيّرنا حقًا. الغنى النفسي لا يدعو للهروب من الألم، بل للانفتاح على الحياة بكل ما فيها من مفاجآت فكرية وإنسانية".
