دراسة حديثة: هل يمكن للكرياتين إبطاء التدهور العقلي؟
كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Food Science & Nutrition أن مكملات الكرياتين قد تساعد في حماية الدماغ من التدهور العقلي المرتبط بالعمر. وقد أظهرت نتائج البحث التي أجراها علماء من جامعة نانجينغ للطب الصيني أن الكرياتين زاد من نشاط إنزيم رئيسي في الدماغ يسمى "كرياتين كيناز BB" (CK-BB)، وهو مرتبط بأيض الطاقة في الدماغ.
وقد أسهم هذا التأثير في عكس العجز في الذاكرة والأضرار الهيكلية في أدمغة الفئران المسنّة، مما يفتح الباب لاستخدام الكرياتين كعلاج غذائي محتمل للحفاظ على وظائف الدماغ مع التقدم في العمر.
فهم الآليات البيولوجية لتدهور القدرات العقلية مع التقدم في العمر
هدفت الدراسة إلى فهم الآليات البيولوجية التي تكمن وراء التدهور العقلي المرتبط بالتقدم في العمر، وكيف يمكن أن يؤثر الكرياتين في هذه العمليات. مع زيادة نسبة كبار السن في العالم، أصبح التدهور العقلي، الذي يشمل تراجع الذاكرة والانتباه وحل المشكلات، مصدر قلق متزايد.
كما يلعب الشيخوخة دورًا كبيرًا في التأثير على الدماغ، خاصة في مناطق مثل الحُصين التي تعتبر حاسمة في التعلم والذاكرة. وقد سلطت الدراسة الضوء على كيفية مساعدة الكرياتين في الحفاظ على توازن الطاقة في الدماغ وتحسين الوظائف العقلية في هذه المناطق الحاسمة.
الكرياتين هو مركب طبيعي يوجد في الجسم وبعض الأطعمة، وهو يلعب دورًا أساسيًا في تجديد الجزيء الذي يوفر الطاقة للخلايا، وهو "أدينوسين ثلاثي الفوسفات" (ATP). في الدماغ، يتم تحويل الكرياتين إلى فوسفو كرياتين عبر عمل إنزيم CK-BB، الذي يعمل كبطارية احتياطية تستعيد الطاقة بسرعة عند زيادة الطلب عليها.
وأظهرت الدراسة أن الفئران التي تناولت مكملات الكرياتين حققت تحسنًا كبيرًا في اختبارات الذاكرة والتعلم. حيث زاد نشاط CK-BB، وعادت الهيكلية الشجرية في الحُصين إلى حالتها الطبيعية تقريبًا، كما تحسنت أداؤها في مهام سلوكية مثل "متاهة المياه موريس" و"المتاهة Y"، اللتان تقيسان القدرة على التعلم والتعرف على المواقع.
نتائج واعدة وآفاق للبحث في المستقبل
توفر هذه الدراسة أدلة إضافية على أن الكرياتين يمكن أن يُحسن الأداء العقلي ويعزز من مرونة الدماغ في مواجهة الشيخوخة، وهو ما يدعم الأبحاث السابقة التي أظهرت تحسنًا في الذاكرة والقدرة على التفكير لدى كبار السن الذين يتناولون مكملات الكرياتين.
ومع ذلك، يعترف الباحثون بأن هناك حاجة إلى المزيد من الدراسات لفهم كيفية تأثير CK-BB على النشاط المشبكي، والتأكد من أن هذه النتائج يمكن أن تنطبق على البشر. وقد تتناول الدراسات المستقبلية أيضًا ما إذا كان الكرياتين يمكن أن يقدم تأثيرات وقائية في حالات أخرى مثل السكتات الدماغية أو مرض باركنسون.
مثيرًا للاهتمام، قامت الدراسة أيضًا بفحص بيانات التعبير الجيني من أنسجة دماغ الإنسان لتأكيد علاقة CK-BB في الاضطرابات المرتبطة بالعمر. وقد أظهرت النتائج أن الجين المسؤول عن CK-BB (المعروف باسم CKB) كان مُنخفض التعبير بشكل ملحوظ في الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر مقارنةً بالتحكمات الصحية.
هذا يشير إلى أن انخفاض CK-BB قد يكون عاملًا مشتركًا في التدهور العقلي المرتبط بالشيخوخة والأمراض التنكسية العصبية. إذا تم تأكيد هذه النتائج في الأبحاث المستقبلية، فقد يصبح الكرياتين أداة مهمة للحفاظ على وظائف الدماغ والحد من التدهور العقلي لدى كبار السن.
