"أطلس الشخصية".. دراسة تكشف كيف تؤثر سماتنا على مسار حياتنا
أعدّ فريق بحثي من جامعة تارتو في إستونيا بالتعاون مع معهد تطوير الصحة الإستوني وجامعة ماكغيل الكندية، أول خريطة شاملة من نوعها تُعرف باسم "أطلس الشخصية" (Personality Atlas)، توضح كيف تتفاعل سمات الشخصية مع القرارات والأحداث التي يمر بها الإنسان خلال حياته.
اعتمدت الدراسة على نهج جديد يشبه أساليب التحليل في علوم الجينوم والأعصاب، بهدف الربط بين النتائج المتفرقة في مئات الدراسات السابقة لفهم الأنماط المشتركة بين الشخصيات المختلفة.
ضم التحليل أكثر من 90 دراسة سابقة تناولت العلاقة بين السمات النفسية الخمس الكبرى العصابية، والانبساط، والمقبولية، والانفتاح، والضمير وبين المسار الحياتي للأفراد، سواء من حيث الصحة، أو النجاح المهني، أو السلوك الاجتماعي.
وأُجريت الدراسة بقيادة الباحثة كيرلي إلفيس التي أوضحت أن الخرائط الجديدة تقدم تصورًا شاملًا لكيفية تأثير الشخصية في الخيارات اليومية ومسارات الحياة.
خمس مجموعات رئيسية لأنماط الشخصية
توصل الفريق البحثي إلى أن معظم سمات الشخصية المعروفة يمكن تصنيفها ضمن خمس مجموعات رئيسية:
- الشخصيات المثقلة والمضطربة: تتسم بارتفاع العصابية والقلق والاكتئاب، وتشمل غالبًا الأنماط المرتبطة بالاضطرابات النفسية.
- الأنانية المندفعة: تمتاز بالثقة المفرطة والاندفاع والعدائية، وتشمل سمات الشخصية النرجسية والمتلاعبة.
- المعادية للمجتمع والإدمانية: تتصف بحب المغامرة والعدوانية، وضعف التواصل الاجتماعي، وتضم الشخصيات المرتبطة بالمقامرة أو الاعتماد على الكحول.
- الكمالية المتوترة: يغلب عليها الانضباط العالي والضمير الحي، مع القلق والتردد وقلة الثقة، وتشمل الأنماط التي تميل للكمالية والسلوك القهري.
- الساعية للإنجاز: تتسم بانخفاض العصابية وارتفاع الطموح والثقة بالنفس، وتشمل الشخصيات القيادية والأكاديمية الناجحة.
وأوضح الباحثون أن ما يقرب من 90% من أنماط الشخصية المعروفة تندرج ضمن هذه الفئات الخمس.
منهج إحصائي جديد لدراسة أنماط الشخصية
لم يكتفِ الباحثون بتصنيف السمات، بل ابتكروا أيضًا منهجًا إحصائيًا جديدًا يتيح مقارنة أدق بين أنماط الشخصية المختلفة. هذا النموذج يأخذ في الاعتبار حجم العينات والعلاقات المتداخلة بين السمات، ما مكّن العلماء من ربط أنماط معينة مثل السلوك الإدماني واضطرابات الأكل بالعوامل النفسية المشتركة بدقة أكبر.
وأشارت الدراسة إلى أن هذه النتائج يمكن أن تمثل أداة علمية جديدة لمتخصصي علم النفس والصحة العامة لفهم السلوك البشري وتطوير برامج لتحسين الصحة النفسية والتوجيه السلوكي. وأكدت الباحثة إلفيس أن فهم كيفية ارتباط الشخصية بالأحداث الحياتية سيساعد في وضع توصيات واقعية لتحسين جودة الحياة واتخاذ القرارات على أسس علمية.
