هل الذكاء يؤثر على السمع؟ دراسة تكشف العلاقة الخفية
في اكتشاف علمي لافت، توصل فريق من جامعة واشنطن إلى أن معدل الذكاء قد يلعب دورًا أساسيًا في قدرة الإنسان على سماع الكلام بوضوح في البيئات الصاخبة، حتى لدى الأشخاص الذين يتمتعون بسمع طبيعي.
اختبر الباحثون مجموعة من 49 مشاركًا، بينهم أشخاص مصابون بالتوحد أو متلازمة الكحول الجنينية، إضافةً إلى مجموعة ضابطة من الأصحاء متقاربة في العمر والجنس. استخدم الفريق اختبارًا يحاكي ما يُعرف بـ"مشكلة حفلات الكوكتيل"، وهي الحالة التي يصعب فيها تمييز صوت شخص واحد وسط ضوضاء متعددة أو أصوات متداخلة.
علاقة معدل الذكاء بصعوبة فهم الكلام وسط الضوضاء
وأظهرت النتائج أن الأشخاص ذوي معدل الذكاء المنخفض واجهوا صعوبة أكبر في تمييز المحادثة الرئيسية، حتى عندما كان سمعهم سليمًا تمامًا. وأوضح الباحثون أن هذه الصعوبة تعود إلى ضعف في المعالجة المعرفية وليس إلى مشاكل في الأذن أو حاسة السمع.

تقول بوني لاو، عالمة الأعصاب السمعية المشاركة في الدراسة: "تجاوزت العلاقة بين القدرة المعرفية وأداء إدراك الكلام الفئات التشخيصية، وكانت النتيجة متسقة في جميع المجموعات الثلاث."
يُشير العلماء إلى أن فهم الكلام وسط الضوضاء يعتمد على عمليات إدراكية معقدة، مثل فصل تدفقات الصوت وتحديد الإشارات المهمة، وهي مهام تتطلب تركيزًا وذاكرة عاملة قوية.
وأضافت لاو: "تمييز الكلام في بيئة صاخبة يتطلب قدرًا هائلًا من الجهد الذهني والانتباه، وهذه العمليات قد تكون أكثر إرهاقًا لمن لديهم قدرات معرفية أقل."
اقرأ أيضا: دراسة: فقدان السمع يضاعف خطر الخرف
رغم أن الدراسة اعتمدت على عينة صغيرة، إلا أن نتائجها تُسلّط الضوء على أهمية البيئة التعليمية والمهنية في دعم الأفراد الذين يواجهون صعوبة في التركيز السمعي. يقترح الباحثون حلولًا بسيطة مثل جلوس الطلاب في مقدمة الصف أو تقليل الضوضاء في أماكن العمل والمطاعم.
العلاقة بين الذكاء والسمع والإدراك العصبي
تتفق هذه النتائج مع أبحاث سابقة تربط صعوبة السمع الإدراكي باضطرابات معرفية مثل الخرف، ما يؤكد أن مشكلات السمع ليست دائمًا ناتجة عن خلل في الأذن، بل قد تعكس تحديات في المعالجة العصبية.
تختتم لاو حديثها قائلة: "ليس عليك أن تُعاني من فقدان السمع لتجد صعوبة في متابعة الحديث في مطعم مزدحم أو فصل دراسي صاخب."
نُشرت الدراسة في مجلة PLOS One العلمية، وتفتح الباب أمام مزيد من الأبحاث حول العلاقة بين الذكاء والسمع والإدراك العصبي.
