كيف يؤدي الضغط النفسي إلى تراكم دهون البطن؟
نشرت دورية Psychosomatic Medicine دراسة حديثة تؤكد وجود ارتباط وثيق بين التوتر المزمن وظهور ما يُعرف بـ"كورتيزول البطن"، وهو مصطلح يشير إلى تراكم الدهون في منطقة البطن نتيجة ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول.
ورغم أن هذا المفهوم لا يُعد تشخيصًا طبيًا رسميًا، فإنه يعكس ظاهرة واقعية تؤثر سلبًا على الصحة العامة وتزيد من احتمالية الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري وأمراض القلب.
الكورتيزول هو هرمون أساسي يفرزه الجسم استجابة للضغط النفسي، ويلعب دورًا في تنظيم التمثيل الغذائي والمناعة ووظائف حيوية أخرى.
لكن ارتفاعه المستمر يحوّل تأثيره من أداة حماية إلى عامل خطر، إذ يزيد الشهية ويحفز الرغبة في الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون.
كما يعيد توجيه عملية تخزين الدهون لتتركز حول منطقة البطن، ما يجعلها أكثر خطورة من الدهون السطحية التي تتجمع تحت الجلد.
اقرأ أيضًا:دراسة تكشف تأثير الحمية الصحية على قدرات كبار السن المعرفية
مخاطر الدهون الحشوية
الدهون المرتبطة بظاهرة "كورتيزول البطن" ليست مجرد مشكلة جمالية، بل ترتبط بزيادة الالتهابات الداخلية واضطراب مستويات الإنسولين، ما يرفع خطر الإصابة بمقاومة الإنسولين وارتفاع ضغط الدم.
كما أن تراكمها حول الأعضاء الحيوية مثل الكبد والبنكرياس يفاقم فرص الإصابة بأمراض الكبد الدهني ومتلازمة الأيض، وهو ما يجعلها أكثر ضررًا من أي شكل آخر للدهون.
إلى جانب التوتر، هناك مجموعة من العوامل التي تعزز تكوّن الدهون في البطن.
قلة النوم تُعد من أبرز هذه العوامل، إذ يؤدي الحرمان من النوم إلى اختلال هرمونات الجوع والشبع، ما يدفع الجسم إلى تناول سعرات إضافية.
كذلك يلعب نمط الحياة قليل الحركة دورًا مهمًا، حيث يقلل النشاط البدني المنخفض من قدرة الجسم على حرق السعرات، ويجعل أي فائض غذائي يتحول مباشرة إلى دهون.
كما تساهم التغيرات الهرمونية الطبيعية، خصوصًا لدى النساء بعد سن اليأس، في إعادة توزيع الدهون نحو منطقة البطن.
استراتيجيات للحد من كورتيزول البطن
يرى الخبراء أن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب الجمع بين عدة استراتيجيات متكاملة.
تبدأ الخطوة الأولى باعتماد نظام غذائي متوازن غني بالأطعمة الكاملة مثل الخضراوات والفواكه والبقوليات والبروتينات الخفيفة، مع تقليل السكريات المصنعة.
أما الخطوة الثانية فتتمثل في النوم المنتظم من 7 إلى 9 ساعات يوميًا، إذ يساعد على استعادة التوازن الهرموني وتقليل مستويات الكورتيزول.
اقرأ أيضًا: هل تُغيّرنا الصدمات؟ وكيف تؤثر التجارب القاسية على أدمغتنا ووعينا النفسي؟
النشاط البدني يشكل ركيزة أساسية أخرى، سواء من خلال التمارين الهوائية التي تعزز صحة القلب وتحرق السعرات، أو تدريبات القوة التي تزيد الكتلة العضلية وتُحسن التمثيل الغذائي.
كما ينصح الخبراء بممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل واليوغا وتمارين التنفس، لما لها من دور مباشر في تقليل التوتر وبالتالي خفض مستويات الكورتيزول.
يشدد الباحثون على أن إدراك العلاقة بين التوتر وتراكم الدهون يعد الخطوة الأولى نحو التغيير. فالتعامل مع التوتر بطرق صحية لا يساعد فقط في الحفاظ على الوزن، بل يحمي أيضًا من مضاعفات طويلة الأمد.
وبذلك، يصبح "كورتيزول البطن" مؤشرًا عمليًا للتنبه إلى خطورة الإجهاد المزمن وأثره المباشر على الصحة الجسدية.
