هل ترث الأجيال القادمة صدمات آبائها؟ إليك ما كشفته الأبحاث
أكدت دراسة حديثة أن تأثير الصدمات النفسية لا يُخزَّن مباشرة في الحمض النووي كما يُشاع، بل يتأثر بمجموعة معقدة من العوامل البيئية والبيولوجية التي تساهم في انتقالها بين الأجيال.
وتوضح الدراسة أن ما يُعرف بـ الصدمة الوراثية، لا يُمثل تغيرًا دائمًا في الجينات، بل هو انعكاس لاستجابات بيولوجية مرنة تتشكل وفقًا للبيئة التي ينمو فيها الإنسان.
ونُشرت الدراسة في The Conversation ، التي أشارت إلى تزايد الاهتمام العالمي بموضوع الصدمات العابرة للأجيال، خاصةً في ظل استمرار الصراعات في عدد من المناطق، ما يثير تساؤلات حول آثار تلك الأزمات على الصحة النفسية للأجيال القادمة.
سلطت الدراسة الضوء على مفهوم "المرونة الشكلية" (Phenotypic Plasticity)، وهو قدرة الكائن الحي على تطوير سمات مختلفة رغم امتلاكه نفس الحمض النووي، وذلك استجابة للبيئة المحيطة.
وتُعد التعديلات اللاجينية (Epigenetics) أحد أبرز أشكال هذه المرونة، وهي تغييرات كيميائية طفيفة تُنظم نشاط الجينات دون تغيير تسلسلها.
وبحسب الدراسة، فإن آثار الصدمات النفسية قد تنتقل عبر آليات متعددة، منها الهرمونات، والجهاز المناعي، والظروف داخل الرحم أثناء الحمل. كما أن للعوامل الوراثية دورًا في تحديد قابلية الأفراد لتطوير سمات مثل فرط الحساسية أو ضعف التنظيم العاطفي، ولكن هذه الصفات تتأثر أيضًا بالبيئة المحيطة.
اقرأ أيضًا : دراسة تحذر: تلوث الهواء مرتبط بزيادة احتمالات الإصابة بالخرف بنسبة 17%
كيف تؤثر الثقافة على الحماية من الصدمة؟
تشير الدراسة إلى أن الروابط الثقافية والاجتماعية تلعب دورًا مهمًا في كسر دائرة الصدمة.
كذلك، تشير أبحاث أن التمسك بالهوية الثقافية والطقوس الدينية يخفف من الأعباء النفسية المرتبطة بالصدمة الموروثة.
وتوضح الدراسة أن التدخلات النفسية المبكرة، مثل التربية الواعية بالصدمة وتوفير بيئات أسرية آمنة، تُعد بمثابة تدخلات بيولوجية فعالة. فالشعور بالأمان والروتين المستقر يقلل من هرمونات التوتر، ويُعزز مناعة الجسم، ويُقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة.
تشدد الدراسة على ضرورة إعادة النظر في مفهوم "الوراثة النفسية"، مؤكدة أن فهمنا لها يجب أن يتجاوز حدود الجينات، ليركز على التفاعل المستمر بين البيئة والبيولوجيا. فكلما تغيرت الظروف نحو الأفضل، أمكن تغيير النتائج.
