دراسة: فحص دماغي بسيط يكشف سرعة الشيخوخة ومخاطر الوفاة
توصل باحثون من جامعة ديوك Duke الأمريكية إلى أداة مبتكرة قادرة على كشف مدى تسارع الشيخوخة البيولوجية لدى الإنسان، انطلاقًا من فحص واحد للدماغ في منتصف العمر.
الدراسة التي نُشرت في مجلة Nature Aging استخدمت التصوير بالرنين المغناطيسي لتحليل التغيرات الدماغية التي ترتبط بتسارع التقدم في العمر، ما يتيح للأطباء التنبؤ مبكرًا بأمراض مثل ألزهايمر، ومراقبة علامات الشيخوخة التي قد لا تتطابق بالضرورة مع العمر الزمني.
العامل الأساسي الذي ارتكزت عليه الدراسة هو "الشيخوخة البيولوجية"، أي وتيرة التدهور الداخلي في الجسم بغضّ النظر عن عدد السنوات التي عاشها الإنسان. الأداة الجديدة التي طُورت، وتحمل اسم DunedinPACE-N، تقيس هذا التسارع البيولوجي عبر تحليل 315 خاصية مختلفة من الدماغ، بما في ذلك سمك القشرة الدماغية، وحجم الحُصين (المرتبط بالذاكرة)، ونسبة السائل الدماغي.
وتشير النتائج إلى أن الأفراد الذين يُظهرون مؤشرات تسارع في الشيخوخة كانوا أكثر عرضة بنسبة 18% للإصابة بأمراض مزمنة، و60% للإصابة بالخرف في سنوات لاحقة من حياتهم.
ما علاقة الحُصين والبطينات الدماغية بألزهايمر؟
أظهرت الدراسة أن من يعانون من شيخوخة متسارعة في أدمغتهم غالبًا ما يظهرون انكماشًا واضحًا في الحُصين، وارتفاعًا في حجم البطينات الدماغية (مناطق مملوءة بسائل تحيط بالدماغ). ويُعد الحُصين من أولى المناطق التي تتأثر في بدايات الإصابة بألزهايمر، ما يجعله مؤشرًا حاسمًا على التدهور المعرفي. كما ربط الباحثون بين التغيرات في إشارات المادة الرمادية والبيضاء داخل الدماغ وسرعة الشيخوخة، وهو ما يوضح تراجع جودة الأنسجة الدماغية بمرور الوقت.
وأثبتت الفحوص أن "سريعي التقدم في السن" سجلوا نتائج أضعف في اختبارات الذاكرة والوظائف المعرفية مقارنة بمن هم في نفس العمر، بينما بدت أدمغة "البطيئين في التقدم" أكثر شبابًا، وأظهرت علامات صحية أفضل بكثير، مما ينعكس في حياتهم اليومية وصحتهم العامة. المفاجئ أن هذا النمط من النتائج كان متساويًا بين المشاركين باختلاف أعراقهم وخلفياتهم الاجتماعية والاقتصادية.
اقرأ أيضًا: دراسة: اختبار دم يحدد جودة الشيخوخة وطول العمر
أدق وسيلة لتحديد العمر البيولوجي في سن 45
ما يجعل هذه الدراسة لافتة هو اعتمادها على بيانات أُخذت من أشخاص يبلغون من العمر 45 عامًا، ما وفر قاعدة متجانسة من حيث العمر الزمني.
وقد شملت الدراسة أكثر من 860 مشاركًا من دراسة Dunedin الشهيرة، إضافة إلى فحص لاحق شمل 624 مشاركًا تتراوح أعمارهم بين 52 و89 عامًا ضمن دراسة أمريكية عن خطر الإصابة بألزهايمر.
وأكد الباحثون أن أدوات قياس العمر البيولوجي السابقة اعتمدت على بيانات غير موحدة مأخوذة من أعمار مختلفة، ما يجعل الأداة الجديدة أكثر دقة.
ووفقًا للبروفيسور أحمد حريري، أستاذ علم النفس وعلم الأعصاب في جامعة ديوك، فإن الربط بين بيانات منتصف العمر وتوقع الإصابة بالخرف لاحقًا "يفتح أبوابًا جديدة في فهمنا للعلاقة بين الدماغ والجسد".
وإذا تم اعتماد هذه التقنية في الممارسات السريرية، فقد تصبح وسيلة مبكرة وحاسمة للكشف عن الأمراض التنكسية وتحديد فرص الوقاية الشخصية لكل فرد.
