لماذا نلجأ للأطعمة التي تمنح شعورًا بالراحة النفسية؟ دراسة تكشف الدافع الحقيقي
كشفت دراسة حديثة نُشرت أن الدافع وراء تناول "الأطعمة التي تمنح شعورًا بالراحة النفسية" لا يرتبط بالمتعة أو الدعم العاطفي كما يُعتقد، بل يعود في الغالب إلى عوامل نفسية أعمق مثل الشعور بالملل أو الحاجة إلى تحفيز ذهني، وذلك لدى الأفراد الذين يواجهون ضغوطًا يومية أو حالات مزاجية متقلبة.
وتُعرف "الأطعمة التي تمنح شعورًا بالراحة النفسية" "Comfort Food" بأنها تلك المأكولات التي تُشعرنا بالارتياح النفسي، وغالبًا ما تكون غنية بالدهون أو السكريات، مثل الشوكولاتة، رقائق البطاطس، الحلويات، البيتزا، وغيرها من الأطعمة السريعة والمعتادة.
اقرأ أيضًا:كيف أعادت تجربة جريئة تعريف مخاطر الطعام غير المطهو؟
أجرى الباحثون، بقيادة الدكتورة ليجي توماس، دراسة نشرت في مجلة Nutrients ، شملت 214 شخصًا، استُطلِع خلالها نوع "الأطعمة التي تمنح شعورًا بالراحة النفسية" المفضل لديهم، وعدد المرات التي تناولوه فيها خلال الأسبوعين الماضيين وعلى المدى الطويل.
ورغم أن الغالبية العظمى اعتقدت أن تناول هذه الأطعمة سيجلب لها المتعة والمكافأة النفسية، فإن التحليل الإحصائي كشف أن هذه التوقعات لا ترتبط فعليًا بعدد مرات تناول الطعام . أي أن الأشخاص يظنون أنهم يأكلون للمتعة، لكن دوافعهم الحقيقية غالبًا ما تكون مختلفة تمامًا.
الملل والإرهاق العقلي.. المحركان الأساسيان
حددت الدراسة خمسة دوافع نفسية لتناول الطعام المريح، أبرزها:
تقليل المشاعر السلبية
المتعة والمكافأة
تعزيز الكفاءة الذهنية
التخلص من الملل
استحضار مشاعر إيجابية
لكن اللافت أن أقوى علاقة سلوكية كانت بين الرغبة في التخلّص من الملل وتكرار تناول الطعام ، تليها الرغبة في تعزيز الأداء العقلي، خصوصًا في أوقات الضغط أو الإرهاق الذهني، مثل ما يفعله الطلاب قبل الامتحانات.
في المقابل، لم تُظهر "الرغبة في المتعة" – رغم تصدّرها التوقعات – أي ارتباط ملحوظ بتكرار تناول الأطعمة التي تمنح شعورًا بالراحة النفسية، بل ارتبطت في بعض الحالات بانخفاض الاستهلاك.
على عكس ما توحي به دراسات سابقة، لم تُظهر الدراسة الحالية فروقًا ملحوظة بين النساء والرجال في تفضيلات الطعام الذي يمنح شعورًا بالراحة النفسية أو تكرار تناوله، رغم أن أبحاثًا سابقة أشارت إلى تفضيل النساء للحلويات والوجبات الخفيفة، مقابل تفضيل الرجال للأطعمة الدسمة.
يشير الباحثون إلى أهمية هذه النتائج في فهم المحفزات العاطفية والسلوكية للطعام ، ما قد يُسهم في تطوير استراتيجيات وقائية للأشخاص الذين يعانون من الأكل العاطفي المفرط أو الاضطرابات الغذائية.
وأكد الفريق أن هناك حاجة لدراسات لاحقة تُجري تتبّعًا مباشرًا لسلوك الأكل في مواقف حياتية حقيقية، وتبحث في الأسباب الحقيقية خلف هذه العادة المتكررة، بعيدًا عن الافتراضات السطحية.
