كيف تعيش عمرًا أطول؟ 5 نصائح ذهبية من سكان المناطق الزرقاء

ليس للإنسان سبيل إلى الخلود الأبدي، لكنّه قد يعيش عُمرًا طويلًا، قد يصل إلى 100 عام مثلًا، كما هو الحال مع سكان المناطق الزرقاء، الذين لديهم عادات معيشية فريدة، من نظامٍ غذائيٍ صحي، وعدم الأكل حتى الامتلاء، والنشاط البدني اليومي المتمثّل في أعمالهم اليومية لا في صالات الألعاب الرياضية، إلى جانب امتلاكهم أهداف وغايات في الحياة، فكيف تعيش عُمرًا أطول حتى لو لم تكُن من سكان هذه المناطق؟
المناطق الزرقاء ومتى أُطلِق عليها هذا الاسم؟
أُطلِق مُصطلَح "المنطقة الزرقاء" من قِبل عالم الديموجرافيا الدكتور "ميشيل بولين"، عام 2000، في خضم البحث عن المناطق التي يسكُن فيها المعمّرون في سردينيا بإيطاليا.
وفي عام 2005، حدّد المُستكشِف والمؤلف "دان بويتنر"، بالتعاوُن مع علماء السكان وعلماء الأوبئة، مناطق زرقاء إضافية، يُرجّح أن يعيش فيها الناس لمدة 100 عام أو أكثر.
وهذه المناطق الزرقاء هي:
- أوكيناوا باليابان.
- سردينيا بإيطاليا.
- إيكاريا باليونان.
- نيكويا في كوستاريكا.
- لوما ليندا في ولاية كاليفورنيا.
لماذا يعيش سُكّان المناطق الزرقاء أطول من غيرهم؟
حسب الدكتور "أساري كريستيان"، وهو طبيب مُعتمد مُتخصّص في صحة الخلايا وطُول العُمر، فإنّ طُول العُمر في المناطق الزرقاء، ينبع من نمط حياة بسيط ومتسق وعادات ثقافية موجودة بشكلٍ طبيعي في الحياة اليومية هُناك.
وحسب "Healthline"، فإنّ عادات نمط المعيشة والتغذية التي تجعل سكّان المناطق الزرقاء أطول عُمرًا من غيرهم، والتي يمكنك الالتزام بها أيضًا، تتضمّن ما يلي:
1. النظام الغذائي النباتي:

نحو 95% من الطعام الذي يتناوله سكّان المناطق الزرقاء يأتي من النظام الغذائي النباتي، وهم ليسوا نباتيين صارِمين في أغلبهم، لكن يكتفون بتناول اللحوم 5 مرات فقط في الشهر.
وحسب دراسةٍ نُشِرت عام 2009 في "Archives of Internal Medicine"، ضمّت أكثر من مليون ونصف نسمة، فإنّ تجنُّب اللحوم الحمراء واللحوم المُصنّعة، يمكن أن يُقلِّل بدرجةٍ كبيرة من خطر الوفاة بسبب أمراض القلب والسرطان والأسباب الأخرى المُختلفة.
وعمومًا فإنّ النظام الغذائي لسُكّان المناطق الزرقاء مليء بـ:
- الخضراوات
وهي مصدر مثالي للألياف، التي تعزِّز الشُعور بالشبع، بالإضافة إلى المعادن والفيتامينات الضرورية للصحة.
وحسب مُراجعة نشرت عام 2014 في "BMJ"، فإنّ تناول أكثر من 5 حصص من الفواكه والخضراوات يوميًا، يخفض خطر الإصابة بأمراض القلب والسرطان والوفاة بدرجةٍ واضحة.
اقرأ أيضًا:لعمر أطول وحياة خالية من الأمراض: تعرف على حمية المنطقة الزرقاء
- البقوليات
بمختلف أنواعها من فاصوليا وبازلاء وعدس وحمص، وهي كلّها غنية بالألياف والبروتين، ومِنْ ثَمّ تزيد إحساسك بالشبع، كما ربطت عديد من الدراسات بين تناولها وانخفاض خطر الوفاة.
- الحبوب الكاملة
أيضًا غنية بالألياف الغذائية، كما يرتبط تناولها بكميات كبيرة بانخفاض ضغط الدم، وانخفاض فرص الوفاة بسبب أمراض القلب، حسب تحليل تلوي نشر عام 2016 في دورية "Circulation".
- المكسرات
ليست مصدرًا للألياف فحسب، بل تحتوي أيضًا على البروتين والدهون الصحية، وما دامت مقترنة بنظامٍ غذائي صحي، فإنها مرتبطة بانخفاض مُعدّل الوفاة، كما قد تساعد على التغلب على متلازمة الأيض.
2. قاعدة 80%:
يُطبِّق بعض سكان المناطق الزرقاء قاعدة الـ80%، وتحديدًا سكان "أوكيناوا"، ولعلّ لتلك القاعدة علاقة بعيشهم عُمرًا مديدًا؛ إذ يتوقّفون عن الأكل مع امتلاء المعدة بنسبة 80%، ولا ينتظرون إلى أن تمتلئ تمامًا بنسبة 100%.
وقد بيّنت دراسات أُجريت في أوكيناوا، نُشِرت عام 2007 في دورية "Annals of the New York Academy of Sciences"، أنَّه قبل ستينيات القرن الماضي، كان السكان هناك يتناولون سعرات حرارية أقل من المطلوب لأجسامهم، مما قد يكون من العوامل المساهمة في عُمرهم الطويل.
وهذا الأمر يُسهِم بلا شك في تقليل فرص زيادة الوزن والإصابة بالأمراض المزمنة.
اقرأ أيضًا:لماذا يزداد الوزن مع اقتراب منتصف العمر؟ وكيف نمنع ذلك؟
3. النشاط البدني اليومي:
لا يتكلّف سكان المناطق الزرقاء النشاط البدني، بل هو جزء أساسي من حياتهم اليومية، فهم لا يذهبون إلى صالة الألعاب الرياضية، بل تزيد أعمالهم اليومية النشاط البدني، مثل البستنة والمشي والطبخ وغيرها.
فمثلًا بيّنت دراسة نشرت عام 2013 في دورية "Nutrition, Metabolism, and Cardiovascular Diseases"، أنَّ الرجال في منطقة "سردينيا"، ممن كانت أعمارهم أطول، كانوا مرتبطين بتربية الحيوانات في المزرعة، والعيش على منحدرات أكثر انحدارًا في الجبال، والمشي لمسافات أطول للعمل.
وهذا يتفق عمومًا مع إرشادات النشاط البدني للأمريكيين، التي تُوصِي بما لا يقل عن 150 دقيقة من التمارين متوسطة الكثافة أسبوعيًا، أو ما لا يقل عن 75 دقيقة من النشاط البدني عالي الكثافة أسبوعيًا.
وفي دراسةٍ كبيرةٍ أُجريت على أكثر من 600,000 شخص، نُشِرت عام 2015 في دورية "JAMA Internal Medicine"، تبين أنَّ الذين مارسوا القدر المُوصَى به من التمارين الرياضية، كان معدّل الوفيات لديهم أقل بنسبة 20% ممن لم يمارِسوا أي نشاطٍ بدني.
4. الشعور بالغاية في الحياة:

أيضًا يتمتّع سكان المناطق الزرقاء بشعورٍ قويّ بالغاية، ويشِير الدكتور كريستيان إلى أنّ "طول العُمر مرتبط ارتباطًا مباشرًا بقدرتنا على العمل، وفي غياب الغاية، تبدأ هذه الوظيفة في التدهور".
وحسب تحليلٍ تلوي نُشِر عام 2016 في دورية "Psychosomatic Medicine"، فإنَّ امتلاك شعور كبير بالهدف في الحياة، مرتبط بانخفاض خطر الوفاة لأي سبب، وكذلك بانخفاض فرص الإصابة بمضاعفات أمراض القلب والأوعية الدموية.
كما وجدت دراسة نُشِرت عام 2020 في دورية "Preventive Medicine"، أنَّ الشخص الذي يمتلك شعورًا عاليًا بالهدف من الحياة يكون أقل عُرضةً لـ:
- اضطرابات النوم بنسبة 33%.
- قلة النشاط البدني بنسبة 24%.
- وزن أو مؤشر كتلة الجسم غير صحي بنسبة 22%.
5. الروابط الاجتماعية:
تتمتّع مجتمعات المناطق الزرقاء، مثل سردينيا، بتماسُك أفرادها والعيش بأسلوب حياة يتمحور حول الأسرة.
وتقول دكتورة "كيمبرلي هورن"، وهي عالمة نفسٍ بحثية وأستاذة جامعية: "العلاقات الداعمة لا تقضي على التوتر، ولكنّها تساعدنا على استيعابه. إنّ القدرة على التحدث عن الأمور أو الضحك أو مجرد الجلوس مع شخص يفهمنا، يستعيد توازن الجهاز العصبي".
يدلّ على ذلك أيضًا مراجعة نُشِرت عام 2023 لـ90 دراسة في دورية "Nature Human Behavior"، لفحص العلاقة بين الوحدة والعُزلة الاجتماعية والوفاة المبكرة بين أكثر من مليونَي شخص بالغ.
فتبيّن أنَّ الوحدة تزيد خطر الوفاة المبكرة بنسبة 14%، وأنّ العزلة الاجتماعية زادت الخطر بنسبة 32%!
اقرأ أيضًا:بهذه النصائح.. يمكنك زيادة عُمرك 7 سنوات
نصائح لمعيشة أقرب لسكان المناطق الزرقاء
ربّما لا تكون من سكّان المناطق الزرقاء ولا بالقُرب منها حتى، لكن يمكنك الاستفادة من أسلوب معيشتهم وعيشه في حياتك اليومية، وذلك من خلال:
- تناول الأطعمة النباتية: مثل الخضراوات والفواكه والبقوليات والحبوب الكاملة، فهي غنية بالألياف، تزيد الشُعور بالشبع، ومليئة بالعناصر الغذائية الصحية.
- تقليل تناول اللحوم الحمراء والمُصنّعة: فالإفراط في تناولها قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب.
- عدم الأكل حتى الامتلاء: حاوِل أن تأكل ببطء إلى أن تشعر بالشبع بنسبة 80% فقط، فهذا أفضل للحفاظ على الوزن والوقاية من الأمراض.
- العلاقات الاجتماعية: كُن على تواصل مع أصدقائك، أقاربك، أو أي شخص يهمك شأنه، فالعلاقات تحميك من الوحدة والعزلة الاجتماعية، كما يمكنك الانخراط في أنشطة تطوعية أيضًا لتعزيز الروابط الاجتماعية مع الآخرين.
- النشاط البدني: حتى لو لم تكُن ترغب في الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية، فإنّ المشي يوميًا نشاط بدني يمكنك ممارسته بسهولة في أي مكان باستمرار كل يوم.