تيك توك تحت المجهر.. كيف يضر التركيز والصحة العقلية؟ دراسة تجيب
كشفت دراسة علمية جديدة أن الإفراط في استخدام تطبيقات الفيديو القصير مثل تيك توك وريلز إنستغرام ويوتيوب شورتس يرتبط بتراجع التركيز وضعف القدرات الذهنية، بالإضافة إلى زيادة القلق والتوتر والاكتئاب لدى المستخدمين.
الدراسة التي نُشرت في مجلة Psychological Bulletin، حللت نتائج أكثر من 70 بحثًا سابقًا، شملت قرابة 100 ألف شخص من مختلف القارات، ووجدت أن الذين يقضون وقتًا طويلًا في مشاهدة هذه المقاطع يعانون صعوبة في التركيز وكبح الاندفاع، وهي مشكلات مرتبطة مباشرة بعمل الدماغ.
كيف تؤثر المقاطع على الدماغ؟
يقول الباحثون إن السبب يعود إلى طبيعة مقاطع تيك توك السريعة والمليئة بالمؤثرات البصرية والموسيقية، والتي تجعل الدماغ يعتاد على الإشباع الفوري، ما يضعف قدرته على التعامل مع المهام التي تحتاج إلى تركيز أطول مثل القراءة أو الدراسة.
كما أوضحوا أن هذه المقاطع تحفّز نظام المكافأة في الدماغ بشكل متكرر، لتخلق نوعًا من الاعتياد أو "الإدمان الرقمي"، بحيث يسعى المستخدم تلقائيًا لمزيد من التمرير والمشاهدة دون إدراك للوقت.
وأظهرت الدراسة أن الاستخدام المتواصل لهذه التطبيقات مرتبط بزيادة حالات القلق والاكتئاب، إضافة إلى تأثيرها على جودة النوم نتيجة البقاء متيقظًا بسبب المحتوى الحماسي المليء بالمؤثرات، كما أن التمرير المستمر يسرق وقت النوم تدريجيًا دون شعور.
وأشار الباحثون إلى أن المشكلة لا تكمن فقط في المدة التي يقضيها الأشخاص على تيك توك، بل في طريقة الاستخدام الإدمانية التي تجعل المستخدم عاجزًا عن التوقف حتى عند التعب أو فقدان التركيز.
ورغم أن الدراسة لم تجد علاقة واضحة بين مقاطع الفيديو القصيرة وصورة الجسد أو الثقة بالنفس، رصدت أبحاث أخرى أن بعض أنواع المحتوى، مثل مقاطع تروّج للنحافة، قد تؤثر سلبًا على نظرة الأشخاص لأجسامهم.
وأكدت دراسات أُخرى مع التصوير بالرنين المغناطيسي، أن الاستخدام المفرط لمحتوى الفيديوهات القصيرة قد يغيّر تركيبة الدماغ في المناطق المسؤولة عن ضبط السلوك والمكافأة، الأمر الذي يفسر صعوبة التحكم في الرغبة المستمرة بالمشاهدة.
كما أظهرت تجارب إضافية أن المستخدمين النشطين الذين يعلقون أو يتفاعلون أكثر يعانون من تراجع في سرعة الانتباه مقارنة بمن يشاهدون دون تفاعل.
ورغم أن الباحثين لم يؤكدوا بشكل قاطع أن تيك توك هو السبب المباشر لهذه المشكلات، فإنهم أوصوا بالحذر ومراقبة الوقت الذي يقضيه الأفراد في استخدام التطبيق.
كما شددوا على أهمية التوازن الرقمي وممارسة أنشطة أخرى مثل القراءة أو الرياضة لتعويض أثر الاستخدام المكثف للشاشات.
وأكّد خبراء الصحة النفسية أن فهم طبيعة المحتوى الذي يشاهده كل شخص هو العامل الأهم في تحديد مدى تأثير هذه التطبيقات عليه، داعين إلى تطوير برامج توعية لحماية المستخدمين من الاستخدام المفرط للفيديوهات القصيرة.
