هل يحمي النظام الغذائي الصحي منذ الطفولة من الخرف؟ دراسة تكشف
توصل باحثون من جامعة تافتس الأمريكية إلى أن النظام الغذائي المتّبع مدى الحياة يشكّل أحد أهم العوامل المؤثرة في القدرات الإدراكية وخطر الإصابة بالخرف مع التقدم في العمر. وأكدت الدراسة، التي نُشرت في مجلة Current Developments in Nutrition، أن اتباع نظام غذائي غير صحي منذ الطفولة يزيد احتمالات تراجع القدرات العقلية والإصابة بالخرف في مرحلة الشيخوخة.
علاقة الغذاء يالدماغ
وأوضحت رئيسة فريق البحث، كيلي كارا (Kelly C. Cara) باحثة في جامعة تافتس الأمريكية ، أن النظام الغذائي يمثل عاملًا قابلًا للتعديل يمكنه التأثير على صحة الدماغ، مشيرة إلى أن معظم الدراسات السابقة ركزت على التغذية في فترات متأخرة من العمر، بينما تكشف نتائجهم الجديدة أن التدخل المبكر بداية من الطفولة قد يكون أكثر فاعلية في حماية الإدراك.
اعتمد الفريق على بيانات دراسة المواليد البريطانية لعام 1946، التي تابعت أكثر من 3,000 مشارك على مدى سبعة عقود، حيث قام الباحثون بتقييم نمط التغذية في أعمار 4 و36 و43 و53 و64 عامًا، ثم قياس الأداء الإدراكي في مراحل متعددة وصولًا إلى عمر 69 عامًا.
واستخدم العلماء مؤشر جودة الأكل الصحي (HEI-2020) لتحديد مدى التزام المشاركين بالمبادئ الغذائية السليمة الغنية بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات الصحية، مقابل تقليل السكريات والدهون المشبعة والملح. وتم تصنيف المشاركين إلى ثلاث مجموعات:
نظام غذائي منخفض الجودة (غير صحي) (31%)
جودة متوسطة (50%)
نظام غذائي مرتفع الجودة (19%)
أظهرت النتائج أن الأشخاص الذين حافظوا على نظام غذائي صحي متوازن منذ الطفولة وحتى منتصف العمر كانوا الأكثر تفوقًا في اختبارات الذاكرة والذكاء وسرعة المعالجة الذهنية، بينما ارتبط النظام الغذائي الضعيف بانخفاض واضح في الأداء الإدراكي.
وفي سن أواخر الستينات، أظهرت 9.8% من المجموعة التي تتبع غذاءً منخفض الجودة علامات مبكرة للخرف، مقابل 6% في المجموعة المتوسطة و2.4% فقط في المجموعة ذات النظام الغذائي الأفضل.
ولاحظ الباحثون أيضًا أن العوامل الاجتماعية في الطفولة، كالمستوى الاقتصادي والنشاط العقلي المبكر، لعبت دورًا داعمًا للجودة الغذائية والقدرات المعرفية لاحقًا، إذ كانت الفتيات والأطفال الأكثر انخراطًا في الأنشطة الثقافية أكثر التزامًا بنمط غذائي صحي خلال حياتهم.
وأشار الفريق إلى أن العناصر الغذائية مثل الأحماض الدهنية أوميغا-3، وفيتامينات ب، ومضادات الأكسدة تساعد في حماية الخلايا العصبية من الالتهاب والتدهور، ما يفسّر العلاقة بين التغذية الجيدة وصحة الدماغ طويلة الأمد.
ورغم أن الدراسة قائمة على الملاحظة ولا تثبت علاقة سببية مباشرة، إلا أنها تُعد من أقوى الأدلة على أن نمط التغذية المبكر قد يحدد مدى صحة الدماغ لاحقًا. ويرى الباحثون أن السياسات الصحية يجب أن تركز على تعزيز الوعي الغذائي منذ الطفولة كوسيلة وقائية ضد الخرف وأمراض الذاكرة في المراحل المتقدمة من العمر.
