دراسة هارفارد تكشف الفارق في "الرفاه النفسي" بين الرجال والنساء
أظهرت دراسة عالمية أعدها باحث من جامعة هارفارد ونشرتها مجلة علم النفس الإيجابي نتائج مثيرة عن الفروق بين الرجال والنساء في الرفاه النفسي، أي مدى شعور الناس بالسعادة والرضا عن حياتهم اليومية.
فبحسب الدراسة التي حللت بيانات ضخمة من أكثر من 391 ألف شخص في 142 دولة، فإن الرجال يبدون أكثر راحة وسعادة في تفاصيل يومهم، بينما النساء أكثر رضا عن حياتهن بشكل عام، رغم أنهن يواجهن توترًا وضغطًا أكبر في بعض الجوانب.
وقاد الدراسة الباحث تيم لوماس الذي اعتمد على بيانات Gallup World Poll لقياس الرفاه الإنساني من زوايا متعددة. وغطت البيانات فترة السنوات من 2020 إلى 2022، وشملت مقابلات مع بالغين في أنحاء العالم، وطرحت أسئلة عن شعورهم اليومي، مستوى المعيشة، الأمان، والحرية في اتخاذ القرارات.
النتائج أوضحت أن الرجال سجلوا درجات أعلى في 21 مؤشرًا من أصل 31، إذ قالوا إنهم يشعرون بالراحة أكثر، ويتعلمون أمورًا جديدة، ويستمتعون بأيامهم أكثر من النساء.
كما أفادوا بأنهم يتعرضون لضغط وتوتر وغضب أقل، ويشعرون بقدر أكبر من الأمان خاصة عند السير ليلًا، ويبدون رضاهم عن حرية اتخاذ قرارات حياتهم وعملهم.
طبيعة اختلاف الرفاه النفسي بين الجنسين
رغم ذلك، تفوقت النساء في تقييمهن العام للحياة، وفق «Cantril’s Ladder» الذي يقيس مدى رضا الشخص عن حياته الحالية والمستقبلية.
ويرى لوماس أن تفوق النساء في الرضا العام يعود إلى قوة الروابط الاجتماعية التي يتمتعن بها، حيث أبدين تواصلًا أعمق مع العائلة والأصدقاء، وشعرن بدعم واحترام أكبر من محيطهن مقارنة بالرجال.
ويؤكد الباحث أن هذا الجانب الاجتماعي يشكّل عاملاً حاسمًا في الإحساس بالسعادة الحقيقية، حتى في الحالات التي يتفوق فيها الرجال في المؤشرات اليومية للرفاه.
ولفت لوماس إلى أن الفروق بين الرجال والنساء في الرفاه النفسي ليست واسعة في المجمل، لكنها تظل ذات أهمية لأنها توفر مؤشرات يمكن أن تساعد الحكومات وصناع القرار في تطوير سياسات أكثر توازنًا لتحسين جودة الحياة لدى الجنسين.
كما بينت الدراسة أن التقدم في العمر ينعكس إيجابًا على الرجال أكثر من النساء في مستويات الرفاه، بينما يؤدي ارتفاع مستوى التعليم والدخل إلى تعزيز شعور النساء بالرضا بدرجة أكبر من الرجال.
وأكد لوماس أن النتائج تمثل معدلات عامة على مستوى العالم، مع وجود استثناءات طبيعية بين الأفراد والمجتمعات. وأوضح أن فريقه يعتزم استكمال البحث من خلال دراسة طويلة المدى تعتمد على بيانات Global Flourishing Study لرصد التغيرات وتفسيرها مع مرور الوقت.
واختتم الباحث حديثه قائلاً: إن «الرفاه النفسي» مفهوم متشعب يتشكل من جوانب متعددة، تجعل الإنسان يعيش حياة أفضل، وتختلف أبعادها من شخص لآخر ومن مجتمع لآخر.
