كيف يدفع التستوستيرون الرجال للدفاع عن النساء؟ نتائج مثيرة تكشفها دراسة جديدة
أظهرت دراسة حديثة أن هرمون التستوستيرون يؤثر في كيفية استجابة الرجال لمواقف الظلم ضد النساء، إذ يجعلهم أكثر استعدادًا لمعاقبة من يتصرفون بعدم إنصاف.
وكشفت النتائج أن درجة جاذبية المرأة تلعب دورًا مؤثرًا في هذا التفاعل الهرموني، بحسب ما ورد في مجلة Psychoneuroendocrinology.
ويُطلق العلماء على هذا السلوك اسم "العقاب الإيثاري"، عندما يعاقب الفرد من يتصرف بظلم تجاه آخرين، رغم أنه لم يتأذَّ شخصيًا.
ويعتقد خبراء علم النفس التطوري أن هذا النوع من العقاب يمثل وسيلة لإظهار صفات محبذة اجتماعيًا مثل العدالة والمكانة والثروة، مما يجعله إشارة على الجدارة أمام الآخرين، وخصوصًا لمن قد يرونه شريكًا محتملاً في المستقبل، وتشير الأبحاث السابقة إلى أن الرجال يتصرفون بسخاء أكبر في حضور نساء جذابات.
ويتولى هرمون التستوستيرون، وهو الهرمون الذكري الأساسي المرتبط بالمنافسة والسعي للمكانة، تنسيق الاستجابات الفسيولوجية المرتبطة بالهيمنة والسلوك التنافسي، لكن علاقته بإدراك المرأة وجاذبيتها في مواقف العدالة لم تكن مفهومة بالكامل حتى الآن.
تأثير هرمون التستوستيرون على السلوك الاجتماعي
أجرى الباحثان تشينغي وانغ وتشنغيانغ هان من جامعة هانغتشو نورمال الصينية تجربة على 85 طالبًا جامعيًا من الذكور الأصحاء، بهدف دراسة تأثير هرمون التستوستيرون على السلوك الاجتماعي، فيما استخدما الباحثان تصميمًا مزدوج التعمية، حيث زار كل مشارك المختبر في مناسبتين منفصلتين.
وخلال إحدى الزيارات، تلقى المشارك جرعة من جل التستوستيرون وُضعت على كتفيه وذراعيه، وفي الزيارة الأخرى، تلقى جلًا وهميًا لا يحتوي على أي هرمونات فعّالة، ولم يكن المشاركون ولا مساعدو البحث على علم بنوع الجل الذي تم إعطاؤه في أي وقت.
انتظر الباحثون ثلاث ساعات بعد وضع الجل للتأكد من وصول الهرمون إلى أعلى مستوياته في الدم، وبعد انقضاء هذه الفترة، شارك المتطوعون في نسخة معدلة من لعبة "عقاب الطرف الثالث"، وهي مهمة معيارية تُستخدم في الاقتصاد التجريبي لقياس التفضيلات الاجتماعية، وردود الفعل تجاه المواقف غير العادلة.
في التجربة، راقب المشارك رجلاً يقسم عشرة عملات بينه وبين امرأة، وأظهرت الصور نساءً بدرجات متفاوتة من الجاذبية، بعضها مصمم رقميًا ليكون أكثر جاذبية، ثم قرر المشارك ما إذا كان سينفق من رصيده لمعاقبة الرجل الذي تصرف بدون عدالة.
وتبين أن الرجال أكثر ميلاً لمعاقبة المعتدي بشدة عندما كانت المرأة جذابة، ما يدعم نظرية الإشارة الاجتماعية التي تفترض أن السلوك الإيثاري وسيلة لإبراز المكانة أمام النساء.
ولكن عند إعطاء الرجال هرمون التستوستيرون، تغيرت الأنماط بشكل ملحوظ، وأبدى المشاركون تقديرات أعلى لجاذبية النساء، وأظهروا رغبة أكبر في مواعدتهن، بغض النظر عن مظهرهن الحقيقي، والمدهش أن الرجال كانوا أكثر ميلاً لمعاقبة المتصرفين بعدم عدل تجاه النساء الأقل جاذبية، ما يعني أن الهرمون رفع حس العدالة حتى عندما غابت الدوافع الغريزية المباشرة.
مع ذلك، لم يزد التستوستيرون من شدة العقاب، بل فقط من وتيرته، فالرجال تصرفوا استراتيجيًا عبر الدفاع عن العدالة دون الإفراط في إنفاق مواردهم.
ويشير الباحثون إلى أن هذه النتائج توضح كيف يدفع هرمون التستوستيرون السلوك الاجتماعي كوسيلة للحفاظ على المكانة والتأثير، وليس فقط بدافع الإيثار، وتؤكد الدراسة أن دوافع الدفاع عن العدالة ليست معرفية أو أخلاقية محضة، بل تتأثر بالأنظمة البيولوجية المعنية بالتزاوج والمنافسة.
