"الحياة الأسرية" تقلل هرمون التستوستيرون لدى الرجال.. ولكن هل هذا طبيعي؟ العلم يجيب
أظهرت دراسة أمريكية حديثة أن الحياة الأسرية تؤثر على توازن الهرمونات لدى الرجال، حيث تنخفض مستويات هرمون التستوستيرون لدى الآباء الذين يعيشون مع شركائهم وأطفالهم مقارنة بالرجال غير المتزوجين، لكن تبين أن هذا الانخفاض طبيعي ولا يشير إلى نقص طبي في الهرمون.
الدراسة التي أجريت في جامعة نوتردام بالولايات المتحدة ونشرت في مجلة Psychoneuroendocrinology، حللت بيانات وطنية شاملة تغطي آلاف الرجال، في إطار برنامج المسح الصحي الوطني (NHANES) التابع لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، لمعرفة العلاقة بين مستويات التستوستيرون والوضع الأسري.
علاقة الهرمونات بالحياة الأسرية
بيّن الباحثان لي تي. غتلر وسارة هوغلر دينيس أن الرجال الذين يعيشون مع شركاء وأبناء في سن الدراسة لديهم مستويات أقل من التستوستيرون بالمقارنة مع الرجال غير المتزوجين أو المتزوجين دون أطفال. وفسّر الباحثون ذلك باعتباره تكيفاً بيولوجياً يساعد الرجل على دعم دوره الأسري والعاطفي ورعاية أطفاله، وليس مؤشراً على مشكلة صحية.
كما لاحظت الدراسة أن تأثير انخفاض الهرمون يصبح أوضح مع زيادة عدد الأطفال في المنزل، إذ سجّلت أدنى المستويات لدى الآباء الذين يعيشون مع طفلين أو أكثر. لكن في المقابل، فإن الآباء الجدد الذين لديهم أطفال صغار (دون سن الخامسة) لم يظهر لديهم انخفاض إضافي واضح عن بقية المتزوجين.
ركزت الدراسة أيضاً على الجانب الطبي لتحدد ما إذا كان هذا الانخفاض يمكن أن يؤدي إلى نقص مرضي في التستوستيرون (المعروف باسم hypogonadism)، والذي يُعرّف عادة عند انخفاض مستوى الهرمون عن 300 نانوغرام/ديسيلتر. وأظهرت النتائج أن المتزوجين أو الآباء لا يواجهون خطر الوصول إلى هذا الحد، وأن مستوياتهم تبقى ضمن النطاق الصحي الطبيعي.
وأوضح الباحثون أن هذه التغيرات تمثل استجابة طبيعية للجسم لدوره الاجتماعي الجديد، بحيث يُعاد ضبط الطاقة الحيوية بما يتناسب مع احتياجات الأسرة، دون التأثير سلبًا على صحة الرجل أو وظائفه الحيوية.
اعتمدت التحليلات على 4903 رجال تتراوح أعمارهم بين 20 و60 عاماً، مع ضبط النتائج بحسب العمر، ومستوى النشاط البدني، وساعات النوم، وقياسات محيط الخصر كمؤشر للدهون. كما أُخذ في الاعتبار وقت سحب عينات الدم، لأن التستوستيرون يتأثر بدورية الساعة البيولوجية ويبلغ ذروته صباحاً.
وأظهرت الدراسة أن هذه العلاقة ثابتة إلى حد كبير في مختلف الأعمار، مما يشير إلى أن تأثير الحياة الأسرية على هرمون التستوستيرون يستمر على المدى الطويل، وليس مقصوراً على سنوات الأبوة الأولى.
تدعم النتائج نظرية علمية معروفة في علم الأنثروبولوجيا الحيوية، تشير إلى أن انخفاض التستوستيرون لدى الرجال بعد الزواج أو الأبوة يساعد على تعزيز السلوكيات الهادئة والداعمة، مثل الاهتمام والرعاية والمشاركة في تربية الأبناء بدلاً من السلوك التنافسي أو العدائي، وهي سمات تميز ارتفاع نسب الهرمون الذكوري.
