أخطاء لا تُرى بالعين لكنها تصيب القلب: أنماط سلبيّة في حياة الزوج
غالبًا ما يعجز الإنسان عن رؤية خطئه حين يقف في قلب الخلاف، ولا سيما إذا كان النزاع مع شريكة العمر، غير أن العطب الحقيقي لا يكمن في غياب الاعتراف بالخطأ، بل في الإصرار على تكراره مع انتظار نهاية مختلفة. هكذا، شيئًا فشيئًا، تتآكل العلاقة بصمت، وتتصدّع الثقة بين الزوجين، حتى يغدو الانهيار مسألة وقت، تغذّيه أنماط سلبية تتسرّب إلى سلوك الرجل المتزوّج دون أن ينتبه.
ويقع على عاتق الرجل هنا نصيب وافر من المسؤولية، فهذه الأنماط لا تُسكّن الخلاف، بل تؤجّجه، ولا تضمّد الشعور، بل تعمّق جراحه، وقد تزرع في قلب الزوجة إحساسًا مريرًا بأنها غير مُقدَّرة كما تستحق.
من هنا يبرز السؤال الأهم: كيف تشوّه هذه السلوكيات ملامح العلاقة؟ وكيف يمكن كسر هذه الحلقة المفرغة، واستعادة صفاء الوصل، قبل أن يبتلع الصمت ما تبقّى من الود؟
5 أنماط سلبية في سلوك الرجل المتزوج
ثمّة أنماط سلبية في سلوك الرجل، قد يقع فيها من دون أن يدري، وقد تترك كل يومٍ جرحًا جديدًا في علاقته بزوجته. من أمثلة هذه الأنماط السلبية، وفقًا لموقع "Marriage":
1. النقد المستمر
النقد المستمر من أسرع الطرق لانهيار العلاقة الزوجية، إذ يتضمّن غالبًا محاولة العثور على خطأ تفعله الزوجة، أو التركيز بشكل مفرط على أوجه القصور لديها. وهذا قد يؤدِّي إلى انخفاض احترام الذات لديها، وربّما تشعر بعدم التقدير أيضًا.
ومن أمثلة ذلك أنّه مهما كانت الإنجازات التي تحقّقها الزوجة، فإنّ الزوج لا يرصد إلّا الأخطاء باستمرار، ونادرًا ما يعترف بإنجازات أو جهود زوجته.
2. الازدراء والسُخرية
أيًا كان شكل الازدراء، سخرية أو تهكّم أو استهزاء أو فكاهة عدائية، فهو مُدمِّر للعلاقة الزوجية، بل يعزّز الاشمئزاز وعدم الاحترام، بما يؤذي الشريك بشدّة ويُنفِّره، خاصةً إذا كان الزوج يستخدم دائمًا السخرية أو النبرة الساخرة خلال الجدال، بما قد يوحِي بعدم احترام الزوجة.
3. الموقف الدفاعي
الدفاعية هي استجابة معتادة للنقد أو الشكاوى، وذلك بتقديم الأعذار أو المبرّرات أو حتى شن هجومٍ مُضاد. صحيح أنّه قد يحتاج الرجل إلى الدفاع عن نفسه في بعض المواقف، ولكن السلوك الدفاعي دائمًا وبصورة مفرطة، قد يمنع التواصل الفعال وحلّ المشكلات مع الزوجة، لأنّه غالبًا ما ينطوي على عدم تحمّل مسؤولية الفعل.
فمثلا إذا انتقدت الزوجة زوجها لعدم المساهمة بما يكفي في أعمال المنزل، فقد يردّ بـ"أنا أفعل أكثر بكثير مما تلاحظينه"، وذلك بدلا من محاولة معالجة المشكلة أو تفهّم ما ترمي إليه الزوجة.
اقرأ أيضًا: حبّ مستمر: تطوّر طرق الرجل في إظهار مشاعره لزوجته عبر السنوات
4. المماطلة
المماطلة من الأنماط السلبية في سلوك الرجل المتزوج، وتظهر بوضوح عندما ينسحب من التفاعلات، بما يؤدي إلى إنهاء الحوار، وجعل حلّ الخلافات أمرًا مستحيلا.
وهذا يحدث غالبًا في أثناء الجدالات، إذ يتجاهل الرجل الزوجة أو يبتعد منها، أو ببساطة يرفض الانخراط في النقاش، تاركًا الزوجة تشعر بأنّها وحيدة، وهذا بالتأكيد سيُفاقِم الخلاف ولن يساعد على الحلّ.
5. التلاعب
التلاعب العاطفي من الأساليب التي قد يستخدمها بعض الرجال للتحكم في سلوك الزوجة أو التأثير عليها، بما قد يتضمن جعلها تشعر بالذنب، أو استخدام الخوف لإجبارها على القيام بشيءٍ ضد إرادتها، بما يقوّض استقلاليتها.
من أمثلة ذلك أن يقول الرجل أشياء، مثل: "إذا كُنتِ تهتمين بي، فلن تفعلي هذا"، وليس هذا الكلام لأنّها لا تهتم به بالفعل، بل ربما تهتم به، ولكن بغرض التأثير على قرارات الزوجة.
تأثير السلوكيات السلبية للرجل على العلاقة الزوجية
بالتأكيد لن يمرّ الأمر مرور الكرام مع استمرار أنماط السلوك السلبي، بل قد تتآكل العلاقة الزوجية من الداخل تدريجيًا، كما يتضح فيما يلي:
1. انهيار الثقة
الثقة هي حجر الزاوية في أي علاقة زوجية، والسلوكيات السلبية يمكن أن تؤدي إلى انهيار هذه الثقة سريعًا، بل ربما يكون من الصعب إعادة تشكيلها، بما يجعل استمرار العلاقة أمرًا صعبًا، خاصةً وسط أجواء الشك والريبة.
2. ضعف احترام الذات
إذا كان الرجل منتقدًا أو مقللا من شأن زوجته باستمرار، فهذا قد ينعكس داخليًا عندها في ضعف احترامها لذاتها، وبالتبعية يمكن أن يؤدي ذلك إلى الشعور بعدم الجدارة وانعدام الإحساس بالأمان، بما يؤثر في قدرتها على المساهمة بشكلٍ إيجابي في العلاقة الزوجية.
اقرأ أيضًا: في تفاصيل الحياة اليوميّة: كيف يُظهر الرجل احترامه وحبه لها؟
3. غياب الحميمية
كذلك يمكن للسلوكيات السلبية، مثل الازدراء أو عدم الاحترام أن يخلق حاجزًا كبيرًا أمام العلاقة الحميمة، إذ تتراجع العلاقة الحميمة العاطفية والجسدية على حدٍ سواء، عندما يشعر أي من الزوجين بقدرٍ أقل من الأمان أو أنّه غير مُقدَّر من الطرف الآخر، مما يقلّل الرغبة في التواصل والحميمية.
4. علاقة يشوبها القلق
ما دامت بيئة الزواج مليئة بالسلوكيات السلبية، فمن المنطقي أن يزداد فيها التوتر المزمن والقلق، ويمكن لهذه الحالة من التوتر المستمر أن تمنع كلا الزوجين من الشعور بالسعادة والاسترخاء، بل ربّما تؤدي إلى مشكلات صحية جسدية بمرور الوقت.
5. زيادة الاستياء
إنّ استمرار السلوك السلبي بدون معالجة، قد يتسبّب في تعميق الاستياء بين الزوجين، بل يمكن أن يتفاقم هذا الاستياء، ويظهر على شكل غضب أو إحباط أو رغبة في الانفصال، مما يجعل من الصعب على أي من الزوجين الاستمتاع باللحظات المشتركة.
طرق بسيطة لكسر الأنماط السلبية في الزواج
يتضح مما سبق أنّ إنقاذ العلاقة الزوجية يبدأ بالتحكّم في الأنماط السلبية أو تقليلها قدر الإمكان، لذلك فيما يلي بعض النصائح الفعّالة لتحقيق ذلك:
1. رصد ما يحفّز نمط السلوك السلبي
بالتأكيد هناك ما يحفّز هذه الأنماط السلبية في سلوك الرجل، سواء كانت عوامل خارجية أو داخلية، لذا ابدأ بالتعرف إلى هذه العوامل مبكرًا، لمنع زيادة هذا السلوك تجنب الخلافات، كما قد يتطلّب ذلك الغوص في الجروح القديمة في علاقتك بزوجتك.
اقرأ أيضًا: حين لا يدري الرجل أنّه يجرح: تصرفات تهدد استقرار العلاقة الزوجية
2. معرفة كيف يبدأ الخلاف
من الأسباب الشائعة التي تفضي إلى نمط سلوك غير صحي، هو أنّ الرجل لا يستطيع أن يرى في الواقع أنّه يعزّز النمط غير الصحي بما يقوله ويفعله لزوجته.
ولكنه إذا كان على علم بهذا، فعلى الأرجح لن يستمرّ بهذا الفعل وينتهي الجدال، لذا يجب على الرجل أن يرى كيف يبدأ هذا النمط من السلوك السلبي، كي يتفاداه، وأن يتخذ خيارات جديدة بشأن ما يقوله ويفعله، وتوجيه المحادثة مع الزوجة إلى وجهة أكثر أمانًا.
3. النوايا الإيجابية
مهما كان الخلاف العالق بينك وزوجته، فتأكّد من البداية أنّ نيتها ليست هي الخلاف، بل لها رد فعل ناجم عن مخاوفها أو آلامها، وربما يكون من الصعب تذكّر ذلك في وسط الخلاف الدائر.
لذا عندما يكون هناك سلوك سلبي بسبب ذلك، يجب على الزوجين الجلوس معًا، ومشاركة ما يفكّران فيه ويشعران به، لمحاولة الوصول إلى الهدف الإيجابي الذي يسعيان إليه، بدلاً من اتخاذ أفعال أو ردود أفعال سلبية بناءً على اللحظة الحالية من دون اعتبار المآلات.
4. كسر النمط السلبي معًا
لا ينبغي للرجل مواجهة النمط السلبي وحده، بل يجب أن يتكاتف كل من الزوجين وأن يعملا معًا كفريق في مكافحة نمط السلوك السلبي عند كل منهما، فهذا بالتأكيد خيار أفضل بدلاً من مشاجرة الزوجين لبعضهما، إذ يتحدان معًا لكسر الأنماط السلبية واستعادة صفْو العلاقة من جديد.
