كيف تعيد بناء الثقة مع زوجتك بعد النزاعات؟ نصائح لعلاقة أكثر نضجًا واستقرارًا

لا يكاد يمرّ يومًا من حياة بعض الأزواج دون حدوث خلافات بينهما، فقد يبدأ الخلاف من تفصيلة صغيرة، أو يتصاعد بسبب موقف عابر، لكنه في النهاية قد يترك أثرًا يتجاوز لحظة الغضب.

وعندما تتكرّر النزاعات قد تصل إلى ما هو أعمق من الحب، وربّما تتسبب في كسر الثقة بين الزوجين، وعندها، تفتر المشاعر، وتخفت نسمات الودّ التي كانت تملأ أركان البيت، لتترك خلفها برودًا يصعب تجاوزه، إن لم يتم تداركه في الوقت المناسب.

ومن ثم لا بد من بذل بعض الجهد لاستعادة الثقة، وإعادة العلاقة إلى مسارها الصحيح، والأمر هنا لا يتعلق بإثبات من كان على صواب أو خطأ، بل يتطلب وعيًا ناضجًا بأن العلاقة أهم من تفاصيل الخلاف، وتدعيم ذلك بشجاعة الاعتذار، والصدق في محاولة إعادة بناء الجسور التي تهدّمت بفعل النزاع، لا بمجرد التغاضي أو التجاهل، وهنا عليك كرجل ناضج أن تعرف كيف يمكنك إعادة ترميم تلك الثقة التي تصدّعت بينك وبين شريكتك بعد النزاعات الكبيرة؟

أهمية إعادة بناء الثقة سريعًا بين الزوجين بعد النزاعات

تكمن مشكلة انعدام أو ضعف الثقة في العلاقة الزوجية في أنّها تؤثِّر مباشرةً في الشعور بالأمان، كما تكسر قدرة الزوجة على مشاركة أفكارها ومشاعرها مع الزوج؛ إذ يحلّ الخوف محلّ الراحة، والشكّ محل الثقة، حسب موقع "Positive Psychology".

كما أنّ العلاقات الصحيحة مبنية على النزاهة، أو القيام بما تقول أنّك ستفعله؛ وعندما لا يتم احترام ذلك، تهتز الثقة وتنكسر، ولو مؤقتًا على الأقل، ما يستدعي ضرورة إعادة بناء الثقة سريعًا بعد النزاعات، لاستئناف العلاقة وبأفضل مما كانت عليه.

كيفية إعادة بناء الثقة بعد النزاعات الكبيرة

يستغرق بناء الثقة مجددًا -بالتأكيد- بعض الوقت والجهد، وذلك لإعادة الشعور بالأمان إلى شريكة حياتك، كي تزدهر العلاقة وتصير أفضل مما كانت عليه، وفيما يلي طرق إعادة بناء الثقة من جديد:

1. إظهار الالتزام:

يجب على كلا الشريكين أن يشعرا أن العلاقة بينهما تستحق القتال من أجلها، وأن يلتزما بنسبة 100%، بالقيام بالعمل المطلوب من كل منهما بعد النزاعات الكبيرة، لاستعادة الثقة بينهما من جديد.

ومن ذلك تعاطُف كلا الزوجين مع الآخر، بما في ذلك إظهار الندم والأسى، أو إفساح المجال للاعتراف بمشاعر الأذى والاعتراف بها.

علاوة على ذلك، يجب على الطرف المؤذي أن يثبِت لشريكه أنّه آسف حقًا ومستعد للعمل على استعادة الثقة، مهما تطلّب ذلك الأمر، كما يجب عليه أن يستمع جيدًا إلى شريكه، ومعرفة السلوكيات التي ربّما ساهمت في زعزعة الثقة.

2. تحسين طريقة تواصلك مع زوجتك:

قد يساعدك على ذلك الحوار الصريح وطرح أسئلة مفتوحة، تزيد القُرب العاطفي بينكما وتعِيد بناء الثقة، وهي أسئلة لا يمكِن الإجابة عليها بـ"نعم" أو "لا" ببساطة، بل تستدعي الأخذ والرد في الكلام، والنقاش المثرِي، والأهم أنّها تملأ مشاعر الزوجين بمزيدٍ من الألفة والمودة.

كذلك يجب أن تعرف كيف تعبّر عن احتياجاتك بدقة، وتحديد ما يمكنك وما لا يمكِنك الالتزام به، بالإضافة إلى الالتزام بالمشاعر التي قد تشعر بها زوجتك وتقبّلها.

وحال التواصل مع زوجتك، فلا بُدّ أن يكون التواصل بقصد إصلاح أفعالك، بدلًا من تبريرها، فهذا ضروري في طريق استعادة الثقة وعودة الأمور إلى طبيعتها.

اقرأ أيضًا:الصراعات الزوجية.. ما تأثيراتها على صحة الزوجين؟

3. ممارسة التعاطُف:

هو جزء بالتأكيد من تحسين التواصل مع الزوجة، فالتعاطُف هو جوهر بناء الثقة الحقيقية، ويتحقق بالاستماع إلى زوجتك ومعرفة وجهة نظرها، بما يعزّز شعورها بالأمان، ويجعل التواصل بينكما أفضل.

كما يُظهِر ذلك ذكاءك العاطفي أيضًا، فليس أي رجل يقدر على احتواء زوجته بعد النزاعات، فإظهار التعاطف يُترجَم عند زوجتك على أنّك تفهم ما تحتاج إليه، وأنّك ملتزِم بإعطاء الأولوية لمشاعرها واحتياجاتها حتى لو كان هناك نزاع.

4. التمهل قبل أتخاذ القرار:

لا تُبنَى الثقة مجددًا بعشوائية، بل يجب أن تكون رغبتك تامّة في إعادة بناء الثقة في علاقتك مع زوجتك، لذا يجب أن تأخذ وقتك، وألّا تتخذ قرارات غير مدروسة، أو تبالِغ في وعود لا تستطيع تحقيقها، فكلّ ذلك قد يؤدّي إلى انهيار الثقة أكثر من بنائها.

لذلك قيّم قدراتك والعواقب المحتملة لأي قرار أو فعل تتخذه، قبل تقديم التزامات واضحة أمام زوجتك، حتى تكون جديرًا بثقتها، وتعود العلاقة أفضل مما كانت عليه.

5. الاعتراف بالخطأ:

نعم، قد يكون ذلك صعبًا، بل أشبه بالمستحِيل في بعض الأحيان، لكن استعادة الثقة لها ثمن لا بُد من دفعه، ومن الطبيعي أن تحدث الأخطاء، لكن العبرة بكيفية التعامل مع هذه الأخطاء، بما يؤدّي إلى بناء الثقة أو القضاء عليها.

لذا يجب الاعتراف بالخطأ ودون اختلاق أعذار، مع تجنّب الضغط على شريكتك للمسامحة على الفور، وبدلًا من ذلك دع تحمّلك للمسؤولية والالتزامات التي ستتخذها فيما هو آت، تعبِّر عن أسفِك إن كُنت مخطئًا في النزاع الذي وقع، فهذه الحالة من الصِدق والوضح، تعزّز الترابط وتعِيد الثقة غالبًا.

6. ثقافة التقدير:

لا بُدّ أن يسرِي بين الزوجين تقدير لأي فعل من أي منهما للآخر، مهما بدا ذلك الفعل صغيرًا، فالأزواج الذين يجدون طرقًا للتعبير عن تقديرهم لزوجاتهم، غالبًا ما يكون لديهم فرصة أكبر لإصلاح الثقة المكسورة.

اقرأ أيضًا:كيف يفكر الرجل والمرأة؟ فروق أساسية تمنع الخلافات اليومية

دور الحوار الصريح في استعادة الثقة بين الأزواج

الحوار الصريح مفتاح استعادة الثقة في العلاقة الزوجية بعد النزاعات، لكن الحوار الصريح، ليس بأن تكون صريحًا مع زوجتك فحسب، بل أيضًا بأن تستمع إليها جيدًا، وتتفهّم مشاعرها واحتياجاتها.

كما أنّ التواصل الصريح مرتبِط بوضوح الرسالة التي ترِيد إيصالها؛ إذ يجب أن:

• تقول ما ترِيد قوله بوضوح وبأبسط طريقة ممكنة.
• الاستماع والتعاطف والاعتراف بالمشاعر.
• تقديم تعليقات مفيدة مع إبقاء الحوار مفتوحًا.
• الالتزام بالحقائق الواضحة لا الآراء الشخصية (لأنّها قد تكون خاطئة).
• اختيار الكلمات بعناية.

وبذلك تخلق مساحة تشعر فيها زوجتك بالراحة في مشاركة أفكارها، بما يجعل الحوار أكثر فاعلية، كما يتمكّن كل منكما من معرفة الأمر الذي أشعل النزاع، كي لا يتكرّر مرة أخرى مجددًا، ومِنْ ثمّ تكون استعادة الثقة أقرب من أي وقت مضى.

استراتيجيات للتعافي من النزاعات وإعادة الثقة

المشكلة ليست في النزاعات ذاتها، فمن الطبيعي أن تتكرّر من وقتٍ لآخر، لكن استعادة الثقة، وكذلك التعافي من النزاعات هو الأمر الذي يستحق بذل الجهد، وفيما يلي أهم الاستراتيجيات للتعافي من النزاعات وإعادة الثقة:

1. أنشئ جوًا ترحيبيًا:

في العلاقات السوية، يجب أن يشعر كلا الزوجين بالراحة في التعبير عن مشاعرهما وأفكارهما، فهما منفتحان على الحوار وصادقان مع بعضهما، ويعلمان جيدًا أنّه يمكِنك الاستمرار في الحوار والتواصل الواضح، حتى مع وجود النزاع.

لذا حاول أن تنشِئ بيئة ترحيبية، تعطِي الأولوية للاحترام -حتى في وجود النزاع- وتذكّر أنّ زوجتك لها الحق في أفكارها ومشاعرها وآرائها الخاصة، فقط حاول أن تستمع إليها دون إصدار أحكام أو التدخّل بأفكارك في أثناء حديثها، بل الاستماع إلى أن تنتهي، ثُمّ النقاش بهدوء.

2. تعرف إلى مشاعرك بوضوح:

من الطبيعي أن تشعر بالغضب والثورة بعد النزاعات، لكن قبل أن تبدأ بمناقشة سبب النزاع مع زوجتك، خُذ وقتًا لجمع أفكارك وتحديد مشاعرك، حتى تفهم بنفسك ما تشعر به جيدًا، ولماذا تشعر به.

وعندما تتحاور مع زوجتك، كُن مباشرًا في مشاركة أفكارك ومشاعرك، واذكر بوضوح سبب انزعاجك، لكن تجنّب استخدام كلمات مثل "دائمًا" أو "أبدًا" أو تعميم الموقف الذي سبّب النزاع، بل ركِّز على الموقف أو الأمر الذي حدث، دون اتهام الشريك أو إلقاء اللوم عليه مباشرةً.

3. الوصول إلى حل وسط:

عندما تستمع إلى زوجتك، ابذل أقصى ما لديك لفهم وجهة نظرها جيدًا؛ إذ يتطلّب حل النزاع إيجاد حل يجعلكما تشعران بأنّكما مسموعَان ومُقدّرَان عند بعضكما، لذا ناقِش معها الخيارات الممكنة، وحاولا معًا الوصول إلى حل وسط، يُرضِي كل منكما دون تجاوز لأحد منكما في حق الآخر.

فإذا لم يكُن هناك حل يلوح في الأفق، فلا بأس بهُدنة حاليًا، مع الاتفاق على وقتٍ آخر، لإعادة النظر في حل يرضيكما معًا.

اقرأ أيضًا:كن شجاعًا وتعلَّمْ: مهارات إدارة الخلاف مع الزوجة

متى تعود العلاقة طبيعية بعد النزاعات الكبيرة؟

حسب "Cleveland Clinic"، يعتمد الوقت المطلوب لإعادة بناء الثقة كما كانت في السابق على الشخص الذي تعرّض للأذى، وفي بعض الأحيان لا يعود الأمر أبدًا إلى ما كان عليه، فكلّما تعرّض أحد الزوجين للأذى أو الظلم، قد يستغرق الأمر وقتًا أطول بكثير من شخص تعرّض للأذى للمرة الأولى، فليس هُناك حد زمني لذلك.

لكن إذا كُنت أنت أو زوجتك، تشعران بألم بسبب النزاع، ويرغب كل منكما في الحفاظ على العلاقة والاتجاه بها نحو الأفضل، فيمكِن لأي منكما إنقاذ العلاقة من الانهيار، حتى لو كانت الثقة قد فُقِدت تمامًا.

نصائح للحفاظ على علاقة قوية بعد النزاعات

بعد استعادة الثقة، تعامل مع علاقتك مع زوجتك كما لو كانت علاقة جديدة تمامًا؛ إذ يجب على كل منكما أن يطلب حقًا ما يحتاج إليه أو يتوقعه من شريكه، كي لا يتجدّد النزاع مرة أخرى بسبب سوء التفاهم.

كذلك يجب على كل من الزوجين الالتزام بالاتفاق الذي توصّلا إليه، فجميع العلاقات تحتاج إلى جهد وعمل، مهما كان الزوجين قريبين من بعضهما، لا لشيء إلّا لتجديد شرارة الحب بينهما، يومًا بعد يوم، كشجرةٍ وارفة الثمار تبهِج العيون، ضاربة بجذورها في أعماق الأرض، ومن ثم لتحقيق جوهر العلاقة التي هي سكن ومودة ورحمة.