مصيرك على المائدة: دور التغذية في معركة سرطان البروستاتا
قد لا تكون التغذية علاجًا فعّالا للعديد من الأمراض، وبالتأكيد لا تعالج سرطان البروستاتا بشكل مباشر، لكنها تلعب دورًا في خفض احتمالية الإصابة به أو إبطاء تطوّره.
المفتاح يكمن في نوعية الطعام الذي تتناوله بانتظام، فاللحوم الحمراء، على سبيل المثال، قد تُنتج مواد مسرطنة عند طهيها، بينما تزخر الأطعمة النباتية بمضادات الأكسدة ومركبات مضادة للسرطان، تُساهم ولو جزئيًا في تقليل خطر الإصابة بسرطان البروستاتا.
في التقرير الآتي، نستعرض مقارنة مفصّلة بين النظامين الغذائيين النباتي والحيواني وتأثير كل منهما على هذا النوع من السرطان.
من الأكثر عرضة للإصابة بسرطان البروستاتا؟
بعض العوامل احتمالية تزيد الإصابة بسرطان البروستاتا، مثل:
- العُمر: نادرًا ما يُصاب الرجال الأصغر من 40 عامًا بسرطان البروستاتا، لكن تزداد احتمالية الإصابة به بعد بلوغ الخمسين، فيما يُصاب نحو 6 من كل 10 رجال في عُمر 65 سنة فأكثر بسرطان البروستاتا.
- التاريخ العائلي: تزداد فرص الإصابة بسرطان البروستاتا، خاصةً إذا سبقت إصابة أحد أفراد الأسرة به، ولكن مع ذلك قد يُصاب بعض الرجال بسرطان البروستاتا، حتى لو لم يسبق معاناة أحد أفراد الأسرة منه.
- النظام الغذائي: ليس واضحًا بعد دور التغذية في زيادة خطر الإصابة بسرطان البروستاتا، لكن الرجال الذين يتناولون الكثير من منتجات الألبان، لديهم احتمال مرتفع بدرجة طفيفة للإصابة بسرطان البروستاتا.
- السمنة: ربطت بعض الدراسات بين زيادة فرص الإصابة بسرطان البروستاتا العدواني والسمنة، كما وجدت بعض الدراسات أنّ المصابين بالسمنة أكثر عرضة للوفاة بسبب سرطان البروستاتا، ومع ذلك فهذه الدراسات غير كافية للحسم.
التغذية غير الصحية وسرطان البروستاتا
ليس من المعروف بعد ما إذا كانت هناك أطعمة مُعيّنة تزيد خطر الإصابة بسرطان البروستاتا أم لا، ومع ذلك فإنّ بعض الأطعمة قد تزيد خطر الإصابة بسرطان البروستاتا مع الإفراط في تناولها، والتي تضمّ، حسب "Prostate Cancer UK":
1. منتجات الألبان
ربّما يُسهِم الإفراط في تناول منتجات الألبان، مثل الجبن والزبادي، في زيادة خطر الإصابة بسرطان البروستاتا، وقد يكون ذلك لاحتوائها على الكالسيوم، لكن لا يزال الباحثون يحاولون التوصّل إلى السبب.
هذا لا يعني الامتناع عن تناول منتجات الألبان، بل إنها ضرورية للحفاظ على صحة العظام، وفي العموم يُفضّل تناول منتجات الألبان قليلة الدسم ومنخفضة السكر إن أمكن.
2. الكالسيوم
أيضًا يمكن أن يؤدي الإفراط في تناول الكالسيوم في نظامك الغذائي إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان البروستاتا. لكن تذكّر أنّ كل ما تحتاجه للحفاظ على صحة عظامك هو 700 مجم من الكالسيوم يوميًا، وهو ما يمكِن الحصول عليه بسهولة بنظامٍ غذائي متوازن.
فمثلا، يحتوي كوب الحليب 200 مل على 240 - 260 مجم من الكالسيوم، بينما يحتوي 120 جرامًا من الزبادي قليل الدسم على 180 مجم من الكالسيوم.
اقرأ أيضًا:العلاج المكثف لسرطان البروستاتا قد يهدد حياة المرضى!
3. اللحوم الحمراء والمُصنّعة
يزيد تناول اللحوم الحمراء خطر الإصابة ببعض السرطانات، وليس من المعروف ما إذا كانت تزيد خطر الإصابة بسرطان البروستاتا تحديدًا أم لا.
في العموم تُوصِي مؤسسة أبحاث السرطان العالمية بعدم تناول أكثر من 500 جرام من اللحوم الحمراء المطهية في الأسبوع (700 - 750 جراما من اللحم النيء)، مع تجنّب اللحوم المُصنَّعة.
خصائص الأطعمة النباتية في مقاومة السرطان
تحتوي الأطعمة النباتية على مُركّبات تقلّل خطر الإصابة بالسرطان، مثل:
1. مضادات الأكسدة
يحدث السرطان عندما يتضرّر الحمض النووي في الخلايا، مما يؤدِّي إلى انقسامها بشكلٍ غير طبيعي، وبدون قدرة على السيطرة عليها، كما أنّ التمثيل الغذائي الطبيعي للجسم، يُنتِج مواد مُؤكسِدة، يمكن أن تُتلِف الخلايا أيضًا.
وهُنا يأتي دور مضادات الأكسدة، التي تعادِل عمليات التلف تلك، وتحمي الخلايا وتستعيد نشاطها الطبيعي.
وقد تكون بعض الأطعمة أغنى من غيرها بمضادات الأكسدة، مثل:
- الشوكولاتة الداكنة.
- التفاح (بقشره).
- الأفوكادو.
- الكرنب الأحمر.
- الشاي.
- القهوة.
- المكسرات.
2. الكاروتينات
تتواجد الكاروتينات طبيعيًا في الجزر، البطاطا الحلوة، السبانخ، القرع، والمشمش، وقد ارتبطت مركبات مثل بيتا كاروتين، الليكوبين، واللوتين بتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب، السرطان، كما أنها تحد من مشكلات العين المرتبطة بتقدّم العمر.
هل تحميك الأنظمة الغذائية النباتية من سرطان البروستاتا؟
قد تساعد الأنظمة الغذائية النباتية على تقليل احتمالية الإصابة بسرطان البروستاتا، وحسب المعهد الأمريكي لأبحاث السرطان، فإنّ التزام حمية نباتية صارمة، قلّل خطر الإصابة بسرطان البروستاتا لدى الرجال بنسبة 35%.
فالأطعمة النباتية عمومًا تتمتّع بخصائص مضادة للالتهابات ومضادة للأكسدة، مما يجعلها مفيدة في تعزيز الصحة عمومًا.
كذلك فإنّ هناك أطعمة نباتية تتميّز بخصائص مضادة للسرطان، مثل:
- الخضراوات الصليبية، مثل البروكلي والملفوف.
- البصل.
- الثوم.
- الطماطم.
- الشاي الأخضر.
وفي العموم فإنّ الأطعمة النباتية تعمل بشكل أفضل عند تناولها مع بعضها وليس بمفردها، فبحسب "Mayo Clinic" ساعد الجمع بين النظام الغذائي المُكوّن من الطماطم والبروكلي في إبطاء نمو الورم، مقارنةً بنظام غذائي يحتوي على الطماطم أو البروكلي وحدهما.
اقرأ أيضًا:سرطان البروستاتا.. هل يطيل النشاط البدني عمر الناجين؟ دراسة حديثة تجيب
مقارنة بين الرجيم النباتي واللحوم في التأثير على البروستاتا
تحتوي الأطعمة النباتية على عدد من المركبات المضادة للسرطان، مثل الفلافونويدات والريسفيراترول، ولكن من ناحية أخرى، يؤدي طهي اللحوم (وخاصةً اللحوم الحمراء والمُصنّعة) إلى توليد نوعين من المواد المُسرطنة، الأمينات الحلقية غير المتجانسة (تنشأ خلال التحمير في المقلاة)، والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات (تنتج هلال الشواء أو الشواء على الفحم).
وحسب دراسةٍ عام 2020 في مجلة "Cancer Epidemiology, Biomarkers, and Prevention"، فإنّ تناول نظام غذائي حيواني، يتضمّن كمية كبيرة من اللحوم الحمراء أو المصنعة وقليل من الدواجن، إمّا قبل أو بعد تشخيص سرطان البروستاتا، يرتبط بارتفاع خطر الوفاة لأي سبب.
الأنظمة الغذائية وتطوّر سرطان البروستاتا
حسب "Harvard Health"، فقد مالت الدراسات إلى كفّة النظام الغذائي النباتي، فقد توصّلت أغلب الدراسات الرصدية إلى أنّ آكلي الأطعمة النباتية يُصابون بسرطان البروستاتا بمُعدّلات أقل ممن يعتمدون على نظام غذائي حيواني.
أظهرت حوالي 60% من الدراسات أن مستويات مستضد البروستاتا النوعي (PSA)، الذي يرتفع عادة مع سرطان البروستاتا، تتزايد بمعدل أبطأ لدى النباتيين مقارنة بمن يتبعون نظامًا غذائيًا حيوانيًا، مما يشير إلى أن النظام النباتي قد يسهم في إبطاء تطور هذا النوع من السرطان.
نصائح للوقاية من سرطان البروستاتا
الآن عرفت ما ينقص مائدة طعامك للمساعدة في تجنّب سرطان البروستاتا، وهذه بعض النصائح الإضافية لمزيدٍ من الوقاية:
- تفضيل الأطعمة قليلة الدسم وتقليل تناول الدهون.
- الإكثار من تناول الفواكه والخضراوات.
- الحفاظ على وزنٍ صحي.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
- الإقلاع عن التدخين.
- الفحوصات الدورية وزيارة الطبيب لرصد سرطان البروستاتا مبكرًا، خاصةً مع التقدّم في العُمر.
