أمل جديد لمرضى سرطان البروستاتا: نصف جرعة العلاج كافية
في تطور طبي واعد قد يُحدث فرقًا كبيرًا في رحلة علاج مرضى سرطان البروستاتا، أظهرت دراسة جديدة أن تناول جرعة منخفضة من عقار "أبييراتيرون أسيتات" (Abiraterone Acetate) قد يكون فعالًا وآمنًا بقدر الجرعة التقليدية المقررة حاليًا، مما يفتح الباب أمام خيارات علاجية أقل كلفة وأعراضًا جانبية.
اقرأ أيضًا: جميع أنواع أعراض البروستاتا وكيفية التخلص منه نهائيا
الدراسة التي أُجريت في جامعة سنغافورة الوطنية (National University of Singapore) بالتعاون مع المستشفى الجامعي الوطني (National University Hospital)، نُشرت نتائجها في دورية Cancer Communications، وقادها كل من البروفيسور إريك تشان من قسم الصيدلة، والأستاذ المشارك إدموند شيونغ، رئيس قسم المسالك البولية بالمستشفى، واستهدفت تقييم فاعلية جرعة يومية قدرها 500 ملغ من العقار مقارنة بالجرعة القياسية التي تبلغ 1000 ملغ.
شملت الدراسة تسعة مرضى يعانون سرطان البروستاتا المنتشر، وجرت متابعتهم لمدة 12 أسبوعًا مع تناول نصف الجرعة المعتادة من العقار على معدة فارغة. وأظهرت النتائج أن جميع المرضى شهدوا انخفاضًا في مستويات مستضد البروستاتا النوعي (PSA)، وهو المؤشر البيولوجي الأساسي لمراقبة تطور الورم، حيث سجل أكثر من 75% منهم انخفاضًا بنسبة 50% أو أكثر في مستويات هذا المؤشر.
وعلى مستوى الأمان، كشفت الدراسة أن الجرعة المخفّضة كانت جيدة التحمل، ولم تُرصد آثار جانبية خطيرة لدى المشاركين، ما يعزز احتمالية اعتمادها في الخطط العلاجية مستقبلاً، خاصة لدى المرضى الأكبر سنًا أو أولئك الذين يعانون ضغوطًا مالية.
هل يفتح خفض جرعة "أبييراتيرون" الباب لعلاج أكثر أمانًا وأقل تكلفة؟
اعتمد الباحثون إلى جانب التحليل الإكلينيكي على نمذجة دوائية متقدمة أظهرت أن الجرعة المنخفضة ما زالت تتيح تثبيط أكثر من 80% من نشاط إنزيم CYP17A1، الهدف الأساسي للعقار، ما يؤكد استمرار الفاعلية الحيوية رغم خفض الجرعة.
وقد علّق البروفيسور تشان وزميله قائلَين: "تُظهر نتائجنا أن بالإمكان الوصول إلى توازن مثالي بين الأمان والفعالية في علاج سرطان البروستاتا، ما يتيح تقديم خيارات أكثر مرونة وملاءمة للمريض من دون المساس بجودة العلاج".
في الوقت الذي يُعد فيه عقار أبييراتيرون جزءًا محوريًا في علاج سرطان البروستاتا، تظل كلفته المرتفعة والتأثيرات الجانبية المصاحبة محل قلق دائم. وتشير هذه الدراسة إلى أن خفض الجرعة يمكن أن يقلل من هذه التحديات دون التضحية بالنتائج العلاجية، ما يمثل مكسبًا مزدوجًا للمرضى ومقدمي الرعاية الصحية على حد سواء.
ومن المنتظر أن يُطلق فريق البحث تجربة أوسع وأطول مدى خلال الفترة المقبلة، بهدف التحقق من استدامة النتائج على المدى الطويل وتعميم البروتوكول الجديد عالميًا.
هذا الاكتشاف يمثّل خطوة إضافية نحو حلول طبية مخصصة وأكثر إنسانية، تضع راحة المريض وقدرته على الوصول إلى العلاج في صلب الاهتمام، وهو ما يتماشى مع التوجهات الحديثة في الطب الشخصي والاقتصادي.
