تغيّرات خفية داخل الأمعاء.. ماذا تقول أحدث دراسة عن تأثير الأدوية؟
كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة ستانفورد الأمريكية، ونُشرت في مجلة (Cell Press)، أن الأدوية الشائعة لا تقتصر تأثيراتها على خلايا الجسم البشرية فقط، بل تمتد لتغيّر بيئة البكتيريا الموجودة في الامعاء، والمعروفة باسم "ميكروبيوم الأمعاء".
يضم ميكروبيوم الأمعاء تريليونات من البكتيريا والكائنات الدقيقة التي تسهم في هضم الطعام ودعم جهاز المناعة ونقل الإشارات الكيميائية إلى الدماغ. وعندما يختل هذا التوازن، سواء بنقص البكتيريا المفيدة أو زيادة الأنواع الضارة، يمكن أن تتأثر وظائف الجسم المختلفة سلباً.
علاقة الأدوية بتغيّر الميكروبيوم
لطالما عرف العلماء أن المضادات الحيوية تؤثر بوضوح على ميكروبيوم الأمعاء، ولكن الدراسة الجديدة أوضحت أن أدوية أخرى، غير المضادات، يمكنها أيضاً إعادة تشكيل هذا المزيج الميكروبي بطرق دقيقة ومتوقعة. قاد البحث الأستاذ كاي سي. هوانغ (KC Huang)، أستاذ المناعة في ستانفورد، الذي أوضح أن "اضطراب الميكروبيوم الناتج عن الأدوية يخضع لظروف معينة يمكن التنبؤ بها"، ما يفتح الباب لتصميم أدوية أكثر توافقاً مع صحة الأمعاء.
وأشار هوانغ إلى أن هذه النتائج تتيح مساراً جديداً نحو الطب وتصنيع الأدوية بما يحافظ على "مرونة الميكروبيوم" ويقلل الآثار الجانبية على الجهاز الهضمي.
أجرى فريق البحث، بقيادة الباحثة هاندوو شي (Handuo Shi)، تجارب على عينات ميكروبية مأخوذة من تسعة متبرعين، واختبر تفاعلها مع 707 نوع من الأدوية المستخدمة. وخلصت التجارب إلى أن 141 دواءً غيّر تركيبة الميكروبيوم بشكل واضح، حتى عند استخدامها لفترات قصيرة، مما أدى إلى اختفاء أنواع بكتيرية كاملة.
أوضحت شي: "علينا أن ننظر إلى الأدوية ليس كعوامل تؤثر على ميكروب واحد، بل كعناصر تتفاعل مع نظام كامل. بهذا الفهم، يمكننا اختيار الأدوية والنظام الغذائي والمكملات بطريقة تحافظ على توازن الميكروبيوم بقدر ما تعالج المرض".
يأمل الباحثون أن تسهم هذه النتائج في تطوير "أنظمة علاج صديقة للميكروبيوم"، تشمل أدوية ونُظم غذائية ومكملات تعزز التنوع الميكروبي، وتقلل آثار الأدوية السلبية على الأمعاء. كما يعتزم الفريق توسيع أبحاثه لتشمل التفاعل مع الأدوية العشبية القديمة، التي تُستخدم منذ آلاف السنين في بعض الثقافات، لفهم تأثيرها الحقيقي على ميكروبيوم الأمعاء.
