كيف يؤثر التعلّق العاطفي على استرجاع اللحظات الإيجابية؟
كشفت دراسة جديدة نُشرت في Journal of Social and Personal Relationships أن التعلّق العاطفي عند الآباء، خاصة النمط الآمن، يلعب دورًا محوريًا في قدرتهم على الانخراط العاطفي مع الذكريات الإيجابية واستحضارها بتفصيل أكبر.
وأظهرت النتائج أن الأمهات ذوات التعلّق الآمن يمِلن إلى وصف لحظات الفرح بدقة وحيوية، سواء كانت مع أطفالهن أو في مواقف أخرى، فيما أظهرت صاحبات التعلّق المُهمِل قدرة أقل على التعبير العاطفي.
تستند نظرية التعلّق، التي وضع أسسها الطبيب النفسي البريطاني جون بولبي، إلى أن التجارب المبكرة مع مقدّمي الرعاية تُكوّن نماذج ذهنية للعلاقات تستمر مدى الحياة، وتشمل توقّعات القرب والدعم وتنظيم المشاعر.
النمط الآمن يعكس توازنًا بين الإيجابيات والسلبيات في الذكريات، بينما النمط المُهمِل يقلل من أهمية القرب العاطفي، والنمط المنشغل يعكس انشغالًا مستمرًا بالماضي.
اقرأ أيضًا: دراسة تكشف تأثير الوالدين على الجينات عبر أداة إحصائية مبتكرة (تفاصيل)
كيف يؤثر نمط التعلّق على سرد الأمهات لذكريات أطفالهن؟
شملت الدراسة 147 أمًا لأطفال تتراوح أعمارهم بين 18 و27 شهرًا، وخضعن لتقييمات لقياس أنماط التعلّق.
تم تقسيم الأمهات إلى مجموعتين: الأولى ركزت على استرجاع لحظات قرب مع الطفل، والثانية على ذكريات إيجابية شخصية. تضمن التدريب أربع جلسات أسبوعية في المنازل، مع التركيز على استدعاء الذكريات الحسية والعاطفية وربطها بالمستقبل.
أظهرت التحليلات أن الأمهات ذوات التعلّق الآمن قدّمن روايات أكثر إيجابية وغنى في التفاصيل، بغض النظر عن نوع الذكرى، فيما ارتبط النمط المُهمِل بانخفاض التعبير العاطفي فقط. كما لوحظ أن الأمهات الأكبر سنًا قدمن ذكريات أكثر تحديدًا.
كيف تعزز الذكريات الإيجابية صحة الأم والروابط الأسرية؟
أشارت الباحثة جيسي بوريللي إلى أن هذه النتائج قد تساعد في تطوير تدخلات نفسية منخفضة التكلفة، مثل "التذوّق" العاطفي، لتعزيز رفاه الأمهات وعلاقتهن بأطفالهن.
وأوصت بتوسيع الأبحاث لتشمل الآباء وفئات اجتماعية وثقافية أوسع، مؤكدة أن التوقف للتأمل في اللحظات الإيجابية يمكن أن يكون أداة فعالة لدعم الصحة النفسية والروابط الأسرية.
كما كشفت الدراسة أن تقييمات التعلّق عبر المقابلات تكشف عن أبعاد عاطفية أعمق مما قد يدركه الأفراد ذاتيًا، ما يفتح المجال أمام المعالجين لتطوير استراتيجيات مخصصة تراعي الفروق الفردية.
ويرى الباحثون أن تعزيز وعي الآباء باللحظات الإيجابية قد يسهم في بناء علاقات أسرية أكثر دفئًا واستقرارًا على المدى الطويل.
