دراسة جديدة تكشف كيف يؤثر الدوبامين على استراتيجيات التعلم المختلفة
كشفت دراسة جديدة أن الدوبامين، أحد المواد الكيميائية في الدماغ، يلعب دورًا معقدًا في كيفية تعلم البشر، إذ أشارت أنه يؤثر على نوعين رئيسيين من التعلم: التفكير السريع والمتطلب للجهد، وكذلك التعلم البطيء المرتبط بتكوين العادات.
وهذا الاكتشاف يقدم رؤى جديدة حول كيفية تأثير مستويات الدوبامين على استراتيجيات التعلم المختلفة، وحسب الخبراء يوجد نوعان رئيسيان من أنظمة التعلم في الدماغ:
- الأول هو التعلم بالتحفيز، وهو عملية بطيئة تتضمن التعلم التدريجي لقيمة الأفعال بناءً على نتائجها، مثل تعلم ركوب الدراجة من خلال التجربة والخطأ.
- الثاني هو الذاكرة العاملة، وهي عملية سريعة ومرنة تسمح بتخزين ومعالجة كمية صغيرة من المعلومات في فترة قصيرة.
أقرأ أيضًا: تقرير الصحة العقلية العالمي: السعوديون كبار السن يتفوقون ذهنيًا على الشباب
تأثير الدوبامين على التعلم
الدراسة المنشورة في مجلة Nature Communications، أظهرت أن مستويات الدوبامين تؤثر على هذين النوعين من التعلم، حيث يساعد الدوبامين في تحسين القدرة على التعلم بالتحفيز، عبر تعزيز القدرة على اتخاذ قرارات تعتمد على التجربة والخطأ، كما يساهم في تسريع عملية استخدام الذاكرة العاملة في التعامل مع المشاكل المعقدة.

وقد أجريت الدراسة على 100 مشارك من البالغين الأصحاء، باستخدام مهام معرفية، وأدوات تصوير الدماغ، وتدخلات دوائية، وتم قياس الأداء باستخدام مجموعة متنوعة من الأدوية التي تؤثر على مستويات الدوبامين.
وأظهرت النتائج أن المشاركين الذين لديهم قدرة أعلى على إنتاج الدوبامين، كانوا أكثر قدرة على استخدام الذاكرة العاملة بفاعلية، حيث كان أدائهم أقوى في المهام التي تتطلب جهدًا عقليًا.
أما عندما تم استخدام دواء "سولبيريد"، الذي يقلل من تأثيرات الدوبامين، تراجع أداء المشاركين في المهام التي تتطلب الذاكرة العاملة، مما أظهر أن تعطيل مسار الدوبامين يجعل الذاكرة العاملة أقل كفاءة.
أقرأ أيضًا: العمل.. بوابة نحو الصحة العقلية والرفاهية
ملاحظات مثيرة: تأثير الأدوية على التعلم البطيء
المفاجأة كانت عندما قام الباحثون بتحليل تأثير دواء "ميثيلفينيدات" (الريتالين) الذي يعزز الدوبامين، فقد أظهرت النتائج أن المشاركين الذين تناولوا هذا الدواء أظهروا منحنيات تعلم أسرع وتحسن أكبر في التعلم بالمكافأة.
وأظهرت نماذج البيانات أن هذا الدواء زاد من سرعة تعلم المشاركين، خاصةً أولئك الذين لديهم قدرة أعلى على إنتاج الدوبامين بشكل طبيعي، مما يشير إلى أن الدوبامين لا يقتصر على تحسين الذاكرة العاملة فقط، بل يعزز أيضًا التعلم البطيء الذي يعتمد على التحفيز.
هذه النتائج تفتح الباب لفهم أفضل لكيفية تأثير مستويات الدوبامين على التعلم في حالات الأمراض النفسية والعصبية، مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (ADHD) والفصام، حيث يُعتقد أن هناك اضطرابات في إشارات الدوبامين.
ويقول الباحثون أن هذه الدراسة توفر رؤى مهمة حول كيفية تأثير الدوبامين على جهد التفكير، وكيفية تعلمنا من خلال التجربة والخطأ.
