دراسة جديدة تعيد رسم خريطة الدوبامين في الدماغ
في كشف علمي يعيد ترتيب الأولويات في أبحاث الدماغ، أظهرت دراسة نُشرت حديثًا في مجلة Diagnostics، أن التركيز الأعلى للدوبامين لا يوجد في القشرة الدماغية كما كان يُعتقد، بل في الجسم المخطط (Striatum).
أُجري البحث باستخدام تقنيات تصوير متقدمة في أدمغة الفئران، وخلص إلى أن إشارات الدوبامين هناك كانت أكثر كثافة ووضوحًا مقارنة بالقشرة، حتى عند استخدام الإعدادات التصويرية نفسها لكلا المنطقتين.
اقرأ أيضًا: تؤثر على الرغبة الجنسية.. أثر جانبي غير متوقّع لحقن التخسيس
وأورد موقع PsyPost الخبر مفصلًا، موضحًا أن هذه النتائج قد تُحدث تحولًا مهمًا في فهم الاضطرابات المرتبطة بالدوبامين، مثل مرض باركنسون والفصام، فبينما كانت الدراسات السابقة تركّز على القشرة الدماغية لارتباطها بالوظائف العليا كالقرار والتفكير، يُظهر هذا العمل الجديد أن الجسم المخطط هو مركز التأثير الحقيقي.
أين يتركز الدوبامين في الدماغ؟
أوضح البروفيسور فو-مينغ زو، أستاذ علم الأدوية في كلية الطب بجامعة تينيسي، أن هدف الدراسة كان تجاوز قصور الأبحاث السابقة، التي ركزت على القشرة باستخدام تقنيات معدّلة خصيصًا لرصد الإشارات الضعيفة فيها، ما قدّم انطباعًا مضللًا عن توزيع الدوبامين في الدماغ.
وقد لجأ الباحثون إلى تصوير شرائح دماغية كاملة بدقة عالية، شملت كلًا من الجسم المخطط والقشرة ضمن نفس الإطار البصري، مستخدمين مجهرًا ليزريًا مسحيًا من طراز Confocal.
اقرأ أيضًا: كيف يُسيّرك عقلك؟ هكذا يعمل الدماغ البشري
تميّزت الدراسة باستخدام فئران معدّلة وراثيًا لتمييز الخلايا العصبية المضيئة بصريًا، فضلًا عن صبغات فلورية حمراء لرصد أنزيم Tyrosine Hydroxylase الدال على الألياف المنتجة للدوبامين.
وأظهرت الصور إشعاعًا شديدًا في الجسم المخطط، مقابل إشارات باهتة في القشرة الدماغية، بما ينسجم مع دراسات كيميائية سابقة قدرت تركيز الدوبامين في الجسم المخطط بأنه أعلى بـ 70 مرة من القشرة الأمامية.
ويرى زو أن لهذه النتائج انعكاسات إكلينيكية مباشرة، إذ صرّح: "بياناتنا القوية تُظهر بوضوح أن نظام الدوبامين في الجسم المخطط هو المحور الرئيسي الذي تستهدفه أدوية الفصام، ومرض باركنسون، والريتالين، وحتى الكوكايين"، وأضاف أن هذا التصوير الشامل يُعدّ أداة نادرة تُسهم في حسم التباينات القديمة في الدراسات، خصوصًا أن الأنظمة الدوبامينية متشابهة إلى حد كبير في الثدييات، ما يجعل النتائج قابلة للتطبيق على الإنسان.
ويسعى زو مستقبلًا إلى رسم خريطة دقيقة للبنية والوظيفة والتأثيرات الدوائية لنظام الدوبامين في الجسم المخطط، بما يمهّد لتطوير علاجات أكثر فعالية لأمراض الدماغ.
