هل تُسقط السوبر بكتيريا الاقتصاد العالمي خلال 25 عامًا؟ خبراء يحذرون
حذّر تقرير حديث مدعوم من الحكومة البريطانية من أن العالم يواجه تهديدًا اقتصاديًا وصحيًا متناميًا بسبب انتشار ما يُعرف بـ "السوبر بكتيريا"، وهي سلالات بكتيرية مقاومة لمعظم أنواع المضادات الحيوية المعروفة.
ووفق ما نشره موقع Men Today الروسي بتاريخ 21 يوليو 2025، فإن التحليل الاقتصادي المرافق للتقرير أظهر أن استمرار تفشي هذه البكتيريا دون تدخل عالمي حاسم قد يؤدي إلى خسائر في الناتج المحلي الإجمالي العالمي تتجاوز 1.7 تريليون دولار سنويًا خلال الأعوام الخمسة والعشرين المقبلة.
وأشار الخبراء إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي ستكون الأكثر تضررًا من هذه التداعيات.
لماذا تفشل المضادات الحيوية أمام البكتيريا؟
إلى جانب الخسائر الاقتصادية المحتملة، سلّط التقرير الضوء على تهديدات صحية جسيمة قد تنتج عن تفاقم مقاومة المضادات الحيوية.
إذ أشار "معهد المقاييس الصحية والتقييم" (IHME) إلى أن الولايات المتحدة قد تسجل 1.34 مليون حالة وفاة سنويًا بسبب العدوى المقاومة للعلاج، وهو ما يمثل زيادة تُقدّر بنحو 60% مقارنة بمعدلات الوفاة الحالية.
وأوضح الباحثون أن المدن ذات الكثافة السكانية العالية ستكون الأكثر تأثرًا بتفشي هذه العدوى، نتيجة تسارع انتقال البكتيريا في البيئات المزدحمة، الأمر الذي قد يُفضي إلى أوبئة عالمية يتجاوز أثرها جائحة كوفيد-19 من حيث الانتشار والخسائر البشرية.
اقرأ أيضًا: إنجاز علمي يكشف "كنزًا من الذهب" في تطوير المضادات الحيوية
وحمّل التقرير المسؤولية إلى الاستخدام غير المنضبط للمضادات الحيوية سواء في القطاع الصحي أو في الزراعة، حيث تُستخدم الأدوية أحيانًا دون إشراف طبي أو قيود تنظيمية كافية.
كما أشار إلى أن الانخفاض الحاد في تمويل الأبحاث الطبية الخاصة بتطوير مضادات جديدة يُفاقم من ضعف قدرة الأنظمة الصحية على مواجهة تطور البكتيريا.
دعوات لتطوير مضادات جديدة
من جانبه، وجّه الدكتور موهسن نغهافي، الباحث في "معهد المقاييس الصحية والتقييم" (IHME)، تحذيرًا شديد اللهجة، مؤكدًا أن العدوى البسيطة قد تصبح قاتلة في المستقبل القريب إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة لمواجهة تفشي السوبر بكتيريا.
اقرأ أيضًا: دراسة: المضادات الحيوية قد لا تكون فعالة في علاج عدوى الجهاز التنفسي
ودعا نغهافي إلى تسريع جهود تطوير مضادات حيوية جديدة، إلى جانب إطلاق حملات توعوية عالمية تُركّز على الاستخدام المسؤول للمضادات الحالية، محذرًا من أن الاستمرار في النهج القائم سيُفاقم الأزمة الصحية ويُقلص فاعلية العلاج.
ورغم التحذيرات القاتمة، يُسجل الخبراء بعض المؤشرات الإيجابية المحدودة، أبرزها بدء بعض القطاعات، مثل الزراعة، في ترشيد استخدام المضادات الحيوية، وظهور وعي عام متزايد بخطورة الإفراط في استخدامها. إلا أن هذه الخطوات تبقى متفرقة ومحدودة الأثر، ولا ترقى إلى مستوى المواجهة المطلوبة عالميًا.
ويُختتم التقرير بالتأكيد على أن السوبر بكتيريا تمثل خطرًا بيولوجيًا متصاعدًا نشأ بفعل تراكمات طويلة من السياسات الخاطئة، وليس نتيجة مؤامرة أو تدخل متعمد. وإذا استمر غياب الاستجابة الدولية، فقد يجد العالم نفسه على مشارف انهيار صحي واقتصادي غير مسبوق.
