دراسة جديدة تكشف سرًا خفيًا في كل فنجان قهوة صباحي
في دراسة مدعومة من كلية "T.H. Chan" للصحة العامة التابعة لجامعة هارفارد، كُشف أن شرب القهوة في منتصف العمر ليس مجرد عادة صباحية محبّبة، بل قد يكون مفتاحًا لتعزيز الشيخوخة الصحية وتقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة. الدراسة تابعت ما يقرب من 50 ألف امرأة أميركية على مدى ثلاثة عقود، وأظهرت أن كل فنجان من القهوة المُخمّرة بالكافيين يوميًا يزيد احتمالات الشيخوخة الصحية بنسبة تتراوح بين 2% و5%.
وبحسب الدراسة التي استندت إلى "دراسة صحة الممرضات"، فإن المشاركات كنّ تتراوح أعمارهن بين 45 و60 عامًا عند بدء المتابعة خلال الفترة بين 1984 و1986، وانتهت المتابعة في عام 2016. لتحقيق تصنيف "الشيخوخة الصحية"، كان على المشارِكة أن تتجاوز سن السبعين مع الحفاظ على وظائفها العقلية والبدنية، والبقاء خالية من 11 مرضًا مزمنًا رئيسيًا مثل أمراض القلب، السرطان، السكتات، والسكري.
من أصل 47,513 مشاركة، حققت 3,706 امرأة هذه المعايير. وتم تتبع كمية ونوع القهوة التي يتناولنها بدقة من خلال استبيانات دورية كل أربع سنوات، وتحويل ذلك إلى متوسط استهلاك كافيين يُعادل 315 ملغ يوميًا، أي نحو ثلاثة فناجين صغيرة من القهوة يوميًا.
ليست مجرد كافيين: سرّ القهوة في مزيجها البيولوجي
أوضحت الدراسة أن التأثير الإيجابي لم يظهر عند تناول القهوة منزوعة الكافيين أو منتجات الكافيين الأخرى مثل الشاي أو المشروبات الغازية. بل على العكس، تبين أن شرب كوب يومي من مشروب الكولا يرتبط بانخفاض احتمالات الشيخوخة الصحية بنسبة تتراوح بين 19% و26%. ما يشير إلى أن المركّبات البيولوجية النشطة في القهوة مثل الكلوروجينيك أسيد، والبوليفينولات، والديتيربينات، هي التي تؤدي هذا الدور الإيجابي، وليس الكافيين وحده.
وتؤكد تقارير Harvard Health أن هذه المركّبات قد تُحسّن من حساسية الإنسولين وتُقلّل من الالتهابات المزمنة، وهي عوامل رئيسية في تقليل خطر الأمراض المزمنة المرتبطة بالشيخوخة.
اقرأ أيضًا: هل تحميك القهوة من الضعف الجسدي مع التقدم في العمر؟ دراسة تجيب
ما هو عدد الأكواب المثالي يوميًا؟
أفادت الدكتورة سارة مهدوي، المشرفة على الدراسة، أن معظم الفوائد الصحية تتوقف عند حدود 3 إلى 4 فناجين يوميًا، وأن استهلاك ما يزيد على 5 أكواب قد يُنتج تأثيرات سلبية مثل القلق، الأرق، اضطرابات الجهاز الهضمي، أو ارتفاع الكوليسترول، خاصة عند شرب قهوة غير مفلترة.
وبينما توصي "مايو كلينك" بألا يتجاوز استهلاك الكافيين 400 ملغ يوميًا، شدّدت الدراسة على أن الاستجابة للكافيين تختلف من شخص لآخر حسب الجينات والقدرة على استقلابه، ما قد يجعل بعض الأشخاص أكثر عرضة للتأثيرات السلبية رغم الاستهلاك المعتدل.
وختامًا، أكدت الباحثة أن القهوة، وإن كانت عاملًا مساعدًا، فإنها لا تُغني عن نمط حياة صحي متكامل يشمل التغذية السليمة، الرياضة المنتظمة، وتجنّب التدخين. وأضافت: "الدراسة تسلّط الضوء على أهمية العادات الصغيرة اليومية التي تتراكم مع الزمن، وتصنع فارقًا كبيرًا في جودة الحياة في مراحل العمر المتقدمة".
