قهوة المشروم.. هل هي بديل آمن عن القهوة التقليدية؟
ربّما تحتسي فنجان قهوتك، فتشعر بنشاطٍ جم، لكن سُرعان ما تشعر بإرهاق وانخفاض طاقتك عن المُعتاد، وهذا تأثير الكافيين الطبيعي.
لأجل ذلك، كانت قهوة المشروم بديلًا مثاليًا لتفادي هذه المشكلات، إذ تحتوي على عناصر غذائية تضمن الحفاظ على مستويات طاقتك دون انهيارها أو ارتفاعها بدرجةٍ مفاجئة، حيث تحقق توازنًا مثاليًّا مع كافيين القهوة، بالإضافة إلى دورها في تخفيف التوتر، لكن هل لها أضرار؟ وكيف يمكنك تحضيرها في المنزل؟
قهوة المشروم.. أصولها وتاريخها
هي قهوة ممزوجة بخلاصة المشروم، وهو ليس المشروم الذي تراه في قوائم المطاعم أو محلّات البقالة، بل هو مشروم (فِطر) طبي، يساعد الجسم على التكيّف بشكلٍ أفضل مع التوتر.
وتضمّ أنواع الفِطر الشائعة:
- عرف الأسد.
- الشاجا.
- الريشي.
- ذيل الديك الرومي.
- الكورديسيبس.
- الروديولا.
- الشيتاكي.
ولطالما استُخدِمت أنواع الفِطر المختلفة في الحضارات القديمة بالصين وروسيا واليابان، مثل عرف الأسد والريشي والشاجا، لخصائصها العلاجية، واستمرّ استخدام الفِطر لآلاف السنوات.
لكن حديثًا ظهر مصطلح "قهوة المشروم" في الحرب العالمية الثانية؛ إذ كانت القهوة شحيحة في فنلندا بسبب نظام الحصص الغذائية في الحرب.
وبدلًا من القهوة، تم تحضير شاي الشاجا لحل هذه المشكلة؛ إذ لجأ الفنلنديّون إلى فِطر الشاجا الذي ينمو بكثرة على أشجار البتولا، لمحاكاة طعم القهوة الفريد، بالإضافة إلى توفير فوائد صحية ساعدت السكّان على تحمّل ظروف الحرب القاسية.
وفي القرن الحادي والعشرين، عادت قهوة المشروم من جديد، خاصةً مع تصاعد الرفاهية، ورغبة الناس في الحصول على طرقٍ طبيعية لتعزيز الطاقة وتحسين الصفاء الذهني، دون الآثار الجانبية للقهوة التقليدية.
وفي الفترة المبكرة من عام 2010، بدأت شركات مثل "فور سيجماتيك"، وهي علامة تجارية فنلندية أمريكية، في تعميم فكرة قهوة المشروم، من خلال مزج حبوب القهوة عالية الجودة مع المشروم الطبي، مثل عرف الأسد والريشي والشاجا، لضمان مذاق شبيه بالقهوة، بالإضافة إلى الفوائد الطبيعية للفِطر، من تعزيز المناعة وتخفيف التوتر وتحسين وظائف الدماغ.
وتكمن فكرة هذه التوليفة ببساطة في تقليل الآثار الجانبية للقهوة، بتحقيق توازن في المكوّنات مع الفِطر، لخصائصه التي تساعد الجسم على التكيّف مع التوتر، والحفاظ على مستويات الطاقة طوال اليوم، دون التقلّبات الحادة المرتبطة بالقهوة، بين النشاط المفرط والانهيار المفاجئ.
الفوائد الصحية لقهوة المشروم
1. تعزيز المناعة:
المشروم ملي بمضادات الأكسدة، علاوة على القهوة، التي تُعدّ من أغنى المشروبات بمضادات الأكسدة، التي تساعد على تقوية المناعة.
وللمشروم أنواع مختلفة، وعلى سبيل المثال، أشارت دراسة نشرت عام 2019 في دورية "BMC Alternative and Complementary Medicine"، إلى أنّ فطر ذيل الديك الرومي أظهر بعض الخصائص المُعزِّزة للمناعة.
كذلك الكورديسيبس، أظهر خصائص مضادة للأورام والفيروسات والالتهابات والسرطان، كما يحتوي الشاجا على الفلافونويدات والبوليفينول، وهي مضادات أكسدة قويّة، كما تحتوي على نوعٍ من الألياف القابلة للذوبان، التي تدعم المناعة وتكافح الالتهابات، حسب دراسةٍ عام 2020 في دورية "Preventive Nutrition and Food Science".
2. تقليل التوتر:
يحتوي المشروم على مُركّبات نباتية، تساعد على تقليل كمية هرمون الكورتيزول التي يفرِزها الجسم استجابةً للتوتر، مما يساعد على الوقاية من الالتهاب المزمن والأمراض المزمنة.
ومن أنواع المشروم التي تساعد على التكيّف مع التوتر بهذا المفهوم:
- عرف الأسد.
- الريشي.
وقد ذكرت بعض الدراسات فائدة بعض مكملات المشروم، مثل عرف الأسد في تقليل التوتر، فمثلًا بيّنت دراسة نشرت عام 2023 في دورية "Nutrients"، أنَّ الحصول على 1.8 مجم من عرف الأسد لمدة 28 يومًا، كان مرتبطًا بانخفاض مستويات التوتر.
لذا فقد تكون قهوة المشروم من المشروبات المفيدة في تخفيف التوتر وتحسين استجابة الجسم للتوتر.
3. تحسين الأداء الذهني:
يوفّر كوب القهوة نحو 96 مجم من الكافيين، الذي يعزّز مستويات الطاقة مؤقتًا لديك، كما أظهرت دراسة نشرت عام 2023 في دورية "Frontiers in Nutrition"، أنَّ تناول القهوة يُؤثِّر إيجابًا في صحة الدماغ على المدى الطويل، كما يحسّن الأداء المعرفي (الإدراك والذاكرة والانتباه وغيرها).
كذلك يساعد المشروم الذي يُضاف إلى القهوة في تحسين الأداء المعرفي، مثل الريشي وعرف الأسد وفطر ذيل الديك الرومي، حسبما أظهرت دراسة نشرت عام 2021 في دورية "International Journal of Molecular Medicine"، والتي أكدت فوائد هذه الأنواع في تحسين الأداء المعرفي عند تناولها في صورة مكملات.
لذا إن كُنت تتطلّع إلى تناول مشروب يحسّن تركيزك وقدرتك على أداء المهام، دون الآثار الجانبية للقهوة، فقد تكون قهوة المشروم خيارك المُفضّل.
4. تحسين صحة الأمعاء:
تحتوي بعض أنواع المشروم على عناصر غذائية تعزِّز البكتيريا النافعة في الأمعاء، ومِنْ ثَمّ تساعد على تحسين الهضم ودعم صحة الجهاز الهضمي.
5. تقليل خطر الإصابة بالأمراض:
تساعد القهوة على تقليل خطر الإصابة ببعض الأمراض، مثل أمراض القلب ومرض الكبد والسرطان، وكذلك مرض السكري، حسب مراجعة عام 2018 في "BMJ".
من ناحيةٍ أخرى، فإن المشروم مليء بمضادات الأكسدة التي تساعد على تقليل خطر الإصابة بأمراضٍ، مثل المياه البيضاء وأمراض القلب والسرطان والسكري وغيرها، حسب دراسةٍ نشرت عام 2017 في دورية "Synthetic and Systems Biotechnology".
الفرق بين قهوة المشروم والقهوة التقليدية
لا تحتوي القهوة التقليدية على المشروم، كما قد تُسهِم القهوة التقليدية في الإصابة بالقلق والأرق، لما تحويه من كافيين، خاصةً مع الإفراط في تناولها، بينما يُضفِي المشروم توازنًا على القهوة، فمن غير المُرجّح أن تُسبِّب قهوة المشروم مشكلات صحية كالقلق أو الأرق مثل القهوة التقليدية.
اقرأ أيضًا:أفضل وصفات القهوة لخسارة الوزن.. طرق فريدة ولذيذة
كم تحتوي قهوة المشروم من الكافيين؟
تُروَّج خلطات قهوة المشروم على أنّها أقل في الكافيين من القهوة التقليدية، وعادةً ما تُمزَج كمية من مسحوق الفِطر أو المشروم متساوية مع حبوب البُن المطحونة.
ولأنّ المشروم بطبيعته لا يحتوي على الكافيين، فإنّ ذلك المزج، يجعل قهوة المشروم أقل في الكافيين بمقدار النصف مقارنةً بالقهوة التقليدية، لكن قد لا ينطبق ذلك على كلّ العلامات التجارية لقهوة المشروم.
لذا فقد يوفّر كوب قهوة المشروم نحو 47.4 مجم من الكافيين، فيما يوفّر كوب القهوة التقليدية 94.8 مجم من الكافيين، باعتبار سعة الكوب 236 ملليلترًا.
الاستخدام المفرط لقهوة المشروم
رغم أنّ قهوة المشروم أخفّ في الآثار الجانبية من ناحية القلق أو الأرق، فقد يكون لها آثار جانبية أيضًا، خاصةً إذا كُنت تُعانِي حساسية تجاه الفِطر أو المشروم، أو لديك مشكلات بالكلى أو الجهاز الهضمي.
ومن الآثار الجانبية المحتملة لقهوة المشروم:
1. مشكلات الجهاز الهضمي:
قد تُسهِم قهوة المشروم في المعاناة من الغازات وانتفاخ البطن، خاصةً أنّ بعض منتجات تلك القهوة لا تعرض كمية المشروم المتوافر فيها بدقة، ومِنْ ثَمّ ينبغي عدم تناول قهوة المشروم بكميةٍ كبيرة لتجنّب اضطراب الجهاز الهضمي.
2. مشكلات الكلى:
بعض أنواع المشروم، مثل الشاجا، مليئة بالأكسالات، التي قد يؤدي الإسراف في تناولها إلى زيادة خطر الإصابة بحصى الكلى ومرض الكلى المزمن، ومِنْ ثَمّ فإن الاعتدال مطلوب في تناول قهوة المشروم.
3. التفاعل مع بعض الأدوية:
قد تُؤثِّر بعض أنواع الفِطر على ضغط الدم أو تخثّر الدم أو مستويات السكر في الدم، لذا يجب استشارة الطبيب قبل تناول قهوة المشروم، إذا كُنت تتناول أدوية ضغط الدم أو أدوية السيولة أو أدوية السكري.
اقرأ أيضًا:منعًا لعُسر الهضم أو حُرقة الصدر.. 4 نصائح لتحضير قهوة لا تضر معدتك
ما الكمية اليومية الآمنة من قهوة المشروم؟
لا يُنصَح بتناول أكثر من 2 كوب من قهوة المشروم كل يوم، كما يجب قراءة التعليمات المرفقة مع عبوّة قهوة المشروم، التي قد تختلف من علامةٍ تجاريةٍ لأخرى، خاصةً أنّ كمية الكافيين قد تختلف فيما بينهم.
كذلك يُوصَى بعدم تناول أي مشروبات تحتوي على الكافيين مع اقتراب موعد النوم، لتجنّب الأرق.
كيف تحضر قهوة المشروم في المنزل؟
- اقتناء الفِطر المناسب.
- إذا كان الفِطر غير مطحون، خُذ أجزاء متساوية من كل نوع من أنواع الفِطر واطحنها إلى مسحوق ناعم (إن كان ذلك ممكنًا).
- أضِف القهوة بنسبة 1:1 (أي 50% فطر و50% قهوة)، فإذا استخدمت كوبًا واحدًا من المشروم المسحوق، أضِف كوبًا من البُن المطحون.
- يمكنك تحضير قهوة المشروم كما تحضّر قهوتك الصباحية العادية، سواء كُنت تسخدم ماكينة التقطير، أو المكبس الفرنسي، أو السكب اليدوي.
- في حالة خلط المزيج مسبقًا، تجنّب خلط كمية كبيرة من القهوة والمشروم، كما ينبغي ألّا يُترك الخليط أكثر من أسبوع واحد، وإلّا فقد يبدأ في فقد نكهته الغنيّة.
