مكملات الأشواجندا أم الميلاتونين: أيهما الأفضل لنوم مثالي؟

تخيل أن الليل يهمس لجسدك بأن وقت الراحة قد حان، فتغلق عينيك رويدًا رويدًا ويهدأ كل ما فيك!
إنه باختصار الميلاتونين، رسول العتمة، الذي يُطلّ مع الغروب ليقودك بلطف نحو النوم.
أما الأشواجندا، فتمثل الصديق الحميم الي يربت على قلبك المتعب، فيهدّئ قلقك، ويُطفئ ضجيج التوتر الذي قد يمنعك من الاستسلام لنوم هانئ.
لكن في عالم المكملات الطبيعية، لا شيء يُؤخذ على إطلاقه، فهل يمكنك أن تعتمد على أحدهما بثقة؟ أم أن وراء الفوائد وجهاً آخر يجب تجنبه أو الحذر منه؟
ما الفرق بين الأشواجندا والميلاتونين؟
الميلاتونين هرمونٌ طبيعي يُفرِزه جسمك من الغدة الصنوبرية؛ ويزداد إفرازه خلال الليل، مُعلِنًا دخول وقت النوم، وباعِثًا فيك الرغبة في النوم، فيما تنخفض مستوياته خلال ساعات النهار، بما يجعلك تستيقظ من النوم لأداء أنشطتك ومهامك اليومية.
أمّا الأشواجندا، فتنمو في آسيا (خاصةً الهند وسريلانكا) وإفريقيا، وقد استُخدمت قديمًا لأغراضٍ طبية، إذ تساعد الجسم على التكيّف مع التوتر البدني والذهني، وقد أكّدت الدراسات قدرة الأشواجندا على مساعدة جسمك على الاستجابة للتوتر.
ويعتقد الباحثون أنَّ الأشواجندا تساعد على تقليل مستويات هرمونات التوتر، وتخفيف القلق، كما قد تُؤثِّر في بعض النواقل العصبية، مثل السيروتونين وحمض جاما أمينوبيوتيريك "GABA"، بما يُسهِم في تحسين المزاج والاسترخاء.
كيف تعمل الأشواجندا على تحسين جودة النوم؟

إذا كانت الأشواجندا مفيدة في المساعدة على الاسترخاء وتخفيف التوتر، فهل يمكن لها أن تُحسِّن جودة نومك كما يفعل الميلاتونين؟
حسب دراسةٍ نشرت عام 2021 في دورية "Journal of Ethnopharmacology"، فقد أدّى حصول 80 مشاركًا على الأشواجندا إلى تحسُّن نومهم بدرجةٍ ملحوظة، خاصةً لمن يُعانُون الأرق.
كما ذكرت دراسة نشرت عام 2020 في "مجلة طب النوم Sleep Medicine"، أثر تناول مستخلص الأشواجندا من قِبل 150 شخصًا يعانُون جودة نوم سيئة؛ إذ بعد مرور 6 أسابيع من تناول مستخلص الأشواجندا، تحسّنت جودة نومهم بنسبة 72%، مقارنةً بنسبة بلغت 29% للمشاركين الآخرين، الذين لم يحصلوا على مستخلص الأشواجندا.
فيما بيّنت دراسة نشرت عام 2019 في دورية "Cureus"، أنَّ الحصول على مكملات الأشواجندا لمدة 10 أسابيع، أدَّى إلى قلّة الوقت المُستغرَق للدخول في النوم، بالإضافة إلى تحسُّن جودة النوم.
لذا فإنّ الأشواجندا قد تساعد على تحسين النوم من خلال:
- تقليل الوقت المُستغرَق للدخول في النوم، ومن ثم لن تقضي وقتًا طويلًا تتقلّب في فراشك قبل أن تنام.
- زيادة كفاءة النوم، حيث تقضي وقتًا أطول خلال الليل في نومٍ مريح.
- زيادة مُدّة النوم.
- تقليل فرص الاستيقاظ من النوم خلال الليل، مما يضمن نومًا عالي الجودة.
دور الميلاتونين في تنظيم الساعة البيولوجية
يعمل الميلاتونين وفق إيقاع الساعة البيولوجية الطبيعي؛ إذ يزداد مع قدوم الليل، وتنخفض مستوياته خلال النهار، ومن ثم يساعد على تنظيم الساعة البيولوجية.
ومن ثم يمكن تشبيه الميلاتونين بمرسال لاعلام الجسم بقدوم وقت الاسترخاء والنوم، فيما تُفرِز الغدة الصنوبرية كمية إضافية من الميلاتونين في نفس التوقيت كل يوم، وعادةً ما يكون بعد غروب الشمس.
ويُؤثِّر الميلاتونين في خلايا الدماغ في منطقة تُسمّى "تحت المهاد"؛ إذ يتهيّأ جسمك للنوم حينها، بضبط درجة حرارة الجسم وضغط الدم والمزاج، بعد ترك الميلاتونين رسالته لخلايا الدماغ.
كذلك يُؤثِّر الميلاتونين في شبكية العين، التي تستقبل الضوء، ويعرف الدماغ من خلالها الليل من النهار؛ إذ يجعل الميلاتونين شبكية العين أقل استجابةً للضوء، مما يجعلك أقل نشاطًا ويقظة عن المُعتاد.
وعندما يخترق ضوء الصباح شبكية العين بشكلٍ طبيعي، تُصبِح الشبكية أكثر نشاطًا، ويتوقّف الجسم عن إفراز الميلاتونين بكميةٍ كبيرة، مما يبعث في جسمك النشاط والحيوية، في دورة لا تتوقّف كل يوم مع طلوع الشمس وحلول الظلام بغروبها.
أيهما تختار: الأشواجندا أم الميلاتونين للنوم؟

يساعد كلٌ من الأشواجندا والميلاتونين في الحصول على نومٍ جيد، وإن اختلفت آلية عمل كل منهما، لكن قد يكون اختيار واحد منهما أنسب حسب مشكلة النوم التي تواجِهها:
متى تختار الميلاتونين؟
يُنظِّم الميلاتونين الساعة البيولوجية، ومِنْ ثمّ فهو الخيار المُفضَّل حين تواجِه اضطرابات النوم المرتبطة باختلال الساعة البيولوجية، مثل العمل في نوبات ليلية أو اضطراب الرحلات الجويّة الطويلة.
كما قد يكون الميلاتونين مُفضّلًا أيضًا في علاج مُشكلات النوم العرَضية، مثل الأرق المرتبط بالسفر أو التوتر العرَضي.
متى تختار الأشواجندا؟
صحيحٌ أنّ الأشواجندا ليس لها تأثير مباشر في النوم مثل الميلاتونين، لكنّها تُحسِّن جودة النوم بطريقٍ غير مباشر، بمساعدة جسمك على التكيّف مع التوتر؛ إذ من الصعب عليك أو على أي إنسان النوم، مع هيمنة التوتر على مشاعرك وأفكارك.
لذا فإنّ الأشواجندا قد تكون مفيدة لمن يواجِهون التوتر يوميًا، أو من يمثِّل التوتر لهم حالة مستمرة أو شِبه دائمة، خاصةً أنّ ذلك قد يجعلهم لا ينامون بسهولة خلال الليل، بينما قد تساعدهم الأشواجندا على تحقيق ذلك بتقليل مستويات التوتر.
هل مكملات الأشواجندا والميلاتونين آمنة؟
كلٌ من مكملات الأشواجندا والميلاتونين آمنَة بشكل عام، ومع ذلك فقد يصحب تناولهما بعض الآثار الجانبية، فمثلًا من الآثار الجانبية المحتملة للأشواجندا والميلاتونين:
- الإسهال.
- الدوخة.
- الصداع.
وقد يكون تناول هذه المكملات آمنًا على المدى القصير، لكن ليس هناك أبحاث كافية حول آثارهما على الأمد الطويل، ومِنْ ثَمّ لا يُوصَى باستخدام الأشواجندا أو الميلاتونين لفترات طويلة أو بجُرعات زائدة دون استشارة طبيبٍ مُختص، خاصةً إذا كُنت تعانِي اضطرابات نومٍ تتطّلب علاجًا مخصصًا لها.
مكملات غذائية أخرى للاسترخاء والنوم
قد يكون الميلاتونين الأشهر في التغلب على الأرق وتحسين جودة النوم، فيما قد تتفوّق الأشواجندا في تخفيف التوتر وتسهيل الدخول في النوم، لكن ثمّة مكملات غذائية أخرى تساعد على النوم أيضًا، مثل:
1. المغنيسيوم:
المغنيسيوم ليس مفيدًا فقط في الحفاظ على ضغط الدم وصحة العضلات والأعصاب، بل قد تتأثّر جودة نومك بمستويات المغنيسيوم لديك.
وقد أشار بحث نشر عام 2021 في دورية "BMC Complementary Medicine and Therapies"، إلى أنّ كبار السن المُصابِين بالأرق، قد تُفِيدهم مكملات المغنيسيوم؛ إذ تساعد على مواجهة تغيّرات النوم التي تزداد وتيرتها مع التقدُّم في العُمر.
جديرٌ بالذكر أنّ المغنيسيوم متوافر في كثيرٍ من الأطعمة، مثل الموز والأفوكادو والحبوب الكاملة والمكسرات.
اقرأ أيضًا:ليست بعدد ساعاته.. معايير جودة النوم واستراتيجيات تعزيزه
2. إل ثيانين:
ربّما لا يمتلك إل ثيانين ذات شُهرة الأشواجندا أو الميلاتونين، لكن حسب مراجعة نشرت عام 2015 في "مجلة الكلية الأمريكية للتغذية Journal of American College of Nutrition"، فإنَّ الحصول على مكملات إل ثيانين، قد يساعد على تعزيز الاسترخاء وتخفيف التوتر والقلق، وكذلك تحسين النوم.
وقد لا يساعد إل ثيانين على الدخول في النوم، لكنّه مُفِيد في تعزيز جودة النوم، من خلال تقليل عدد مرات الاستيقاظ خلال النوم.
كما أنه مُفِيد أيضًا في مواجهة التأثيرات الضارّة لكافيين القهوة في إحداث الأرق أو اضطرابات النوم، حسب ما ذكرت دراسة نشرت عام 2023 في دورية "Food & Function".
وحسب دراسةٍ نشرت عام 2022 في دورية "Frontiers in Nutrition"، فقد يكون الحصول على مزيج من إل ثيانين والمغنيسيوم مُعزِّزًا للنوم، ومع ذلك فمن الأفضل استشارة الطبيب قبل تناول أي مكمل غذائي، لتحديد الجرعة المناسبة وتفادي الآثار الجانبية.
3. مكملات أخرى:
أيضًا قد تكون هناك مكملات أخرى مفيدة لتحسين النوم، مثل:
- جذر الفاليريان.
- الجليسين.
نصائح لتحسين جودة نومك وتجنُّب الأرق

المكملات ليست حلًا سحريًا للنوم، إذ ينبغي لضمان فاعليتها أن تُهيِئ لنفسك بيئة نومٍ مثالية، وربّما كان تحسين بيئة نومك كافيًا للتغلب على مُشكلات النوم دون حاجةٍ إلى مكملات أو أدوية، وفيما يلي أهم النصائح لتحسين جودة نومك وتجنُّب الأرق:
- مُحاولة النوم والاستيقاظ في نفس الموعد كل يوم، حتى في أيام العطلات.
- اختيار وقت نومٍ مناسب يتِيح لك الحصول على 7 - 9 ساعات من النوم.
- تجنّب التوتر وفعل ما يساعدك على الاسترخاء، مثل أخذ حمام أو قراءة كتاب أو غير ذلك.
- تقليل التعرّض للأضواء الساطعة مع اقتراب موعد النوم، وتجنُّب النظر إلى الشاشات الإلكترونية، كالجوّال وأجهزة الحاسوب، قبل النوم بثلاثين دقيقة على الأقل.
- إبقاء غرفة نومك هادئة مُظلِمة، بدرجة حرارة مناسبة غير حارّة ولا شديدة البرودة.
- تجنُّب تناول المشروبات الغنية بالكافيين، مثل القهوة، قبل النوم بـ6 ساعات على الأقل.