الزواج أم العزوبية؟ دراسة تكشف كيف يؤثر الاستقرار العائلي على حياتنا الصحية
كشفت دراسة أوروبية حديثة أن الزواج المستقر يمثل أحد العوامل الأهم، التي تحدد مستوى السعادة والرفاهية لدى كبار السن، إذ تبين أن الأزواج الذين استمروا في علاقات طويلة ومستقرة، يتمتعون بصحة نفسية وجسدية أفضل بكثير من أولئك الذين يعيشون عزوبية، أو مرّوا بعلاقات غير ثابتة.
ونشرت نتائج الدراسة في مجلة European Journal of Population، استنادًا إلى تحليل بيانات «مسح الصحة والتقدم في العمر والتقاعد في أوروبا»، الذي يتناول حياة الأفراد فوق سن الخمسين في بعض الدول.
شملت الدراسة بيانات 18,256 مشاركًا من جيل «طفرة المواليد»، المولودين بين عامي 1945 و1957، والذين بلغت أعمارهم 60 عامًا فأكثر.
وتوصّل التحليل إلى تصنيف مسارات العلاقات الأسرية في مراحل الحياة ضمن أنماط عامة محددة:
- زواج مستقر (علاقة تعارف قصيرة تلاها زواج دائم).
- المتزوجون مجددًا بعد طلاق مبكر.
- المنفصلون دون زواج لاحق.
- والأشخاص الذين لم يعيشوا أي علاقة رسمية أو طويلة.
وأظهرت النتائج أن الفئة الأولى، أي أصحاب الزواج المستقر، سجلت أعلى درجات الرفاهية مقارنة بجميع الفئات الأخرى، بينما جاءت فئة «العزاب» في أدنى المراتب. كما تبيّن أن الرجال أكثر حضورًا ضمن فئة العزاب.
تأثير الزواج على الصحة الجسدية
أوضحت الدراسة أن الاستقرار الأسري لا يحقق السعادة النفسية فحسب، بل يمتد أثره ليشمل الصحة الجسدية والعقلية أيضًا، إذ يسهم وجود شريك متفاهم ومساند في خفض مستويات التوتر والقلق، ويعزز شعور الإنسان بالطمأنينة والاستقرار.
وبيّن الباحث مييكا ماكي وزملاؤه أن الأزواج الذين تربطهم علاقة مستقرة ومبنية على التفاهم والمودة، يقدم كل منهم الدعم للآخر في المواقف الصعبة، مما يمنحهم قدرة أكبر على تجاوز ضغوط الحياة اليومية.
كما أن هذا التفاهم ينعكس إيجابًا على سلوكهم الصحي، من حيث الاعتناء بالتغذية السليمة، وممارسة النشاط البدني، والالتزام بالتعليمات الطبية عند الحاجة.
وفي المقابل، أضافت الدراسة أن العلاقات المتوترة أو غير الداعمة ترتبط بزيادة التوتر النفسي وتراجع جودة الحياة، واحتمال الإصابة بأمراض القلب وضعف المناعة، ومع مرور العمر، تصبح آثار هذه الخلافات أو الانفصال أكثر وضوحًا في حياة الأفراد المسنين.
وأشار الباحثون إلى أن الأفراد ذوي المستويات التعليمية الأقل، ممن مروا بتجارب طلاق أو فقدان شريكهم، يعانون من تدنٍ واضح في مستويات الرفاهية مقارنةً بغيرهم، لافتين إلى أن الموارد المحدودة تزيد من التأثير السلبي لفقدان الشريك على جودة الحياة.
وأكد ماكي أن السعادة في الشيخوخة ليست نتيجة للحاضر فقط، بل تعكس تراكم الخبرات على امتداد الحياة، مشيرًا إلى أن الانفصال المتكرر أو العزلة الطويلة يمكن أن تترك آثارًا مستمرة على الصحة النفسية، حتى مع التقدم في العمر أو عند الارتباط من جديد.
وفي ختام البحث، شدد المؤلفون على أن المسارات الحياتية المستقرة، التي تتسم بزواج دائم ومستقر، ترتبط عادة بصحة أفضل ونوعية حياة أعلى، بينما يرتبط الطلاق أو العلاقات المتقلبة بمستويات أعلى من الاكتئاب والضغوط النفسية.
