دراسة: الدفاع عن الشريك في المواقف الخطِرة أكثر جاذبية من القوة الجسدية
كشفت دراسة علمية حديثة أن سلوك الإنسان واستعداده لحماية شريكه في المواقف الخطرة قد يكون العامل الأهم في تحديد مدى جاذبيته، متقدمًا حتى على القوة الجسدية أو البنية العضلية.
ونُشرت الدراسة في مجلة Evolution and Human Behavior بإشراف البروفيسور مايكل بارليف (Michael Barlev) من جامعة أريزونا، ضمن أبحاث علم النفس التطوري التي تبحث في تأثير الصفات السلوكية على اختيار الشريك.
أهمية حماية الشريك
توضح الدراسة أن الميل لاختيار شريك قادر على الدفاع ليس حديث العهد؛ بل هو نتاج تطور الإنسان عبر آلاف السنين عندما كانت الحماية من الأخطار تحدد فرص البقاء. فقبل ظهور أنظمة الأمن الحديثة، كان الاعتماد على الشركاء والعائلة والأصدقاء أساسيًا للبقاء في بيئة مليئة بالعنف.
ويقول بارليف: "على الرغم من أننا نعيش اليوم في مجتمعات أكثر أمانًا، إلا أن عقولنا ما زالت مبرمجة لتقدير الشركاء الذين يُظهرون استعدادًا لتحمل المخاطر من أجل الآخرين، لأن هذا السلوك كان ضروريًا للبقاء في العصور القديمة".
أجريت الدراسة على أكثر من 4500 مشارك من الولايات المتحدة، طُلب منهم تخيّل مواقف افتراضية يتعرض فيها شخص ما للتهديد الجسدي أثناء نزهة مع شريك أو صديق، ثم ملاحظة ردّ فعل الطرف الآخر.
قُسّمت المواقف إلى ثلاث فئات: شريك يتدخل لحماية الشخص، شريك ينسحب ويتجنب الموقف، وشريك لم يتمكن من التصرف في الوقت المناسب.
وبينت النتائج أن المشاركين وجدوا أن الشخص الذي تدخّل لحماية شريكه بدا أكثر جاذبية بكثير من غيره، بغض النظر عن وصف قوته الجسدية. حتى عندما يفشل في حماية الطرف الآخر فعليًا، ظل أكثر جاذبية من الشخص الذي امتنع عن التدخل.
أظهرت الدراسة أيضًا فارقًا واضحًا بين النساء والرجال في تقييم مثل هذه المواقف. فعندما قيّمت النساء شركائهم الرجال، كان الانسحاب أو التردد في الحماية سببًا مباشرًا لاعتبار الرجل غير جذاب. بالمقابل، ورغم أن الرجال أبدوا إعجابهم بالنساء المستعدات للدفاع عنهم، فإن تراجع المرأة عن الموقف الخطِر لم يؤثر على جاذبيتها بنفس القدر.
ويُفسّر الباحثون ذلك بأن النساء تاريخيًا كنّ يعتمدن بدرجة أكبر على الشركاء الذكور في مواقف الخطر الجسدي، ما جعل "الاستعداد للحماية" سمة مركزية في معايير الجاذبية لدى الإناث.
واحدة من المفاجآت التي كشفتها الدراسة هي أن فشل الشريك في صدّ الاعتداء لم يقلل من جاذبيته، طالما أظهر رغبة حقيقية في الدفاع. في المقابل، تراجع الذين اختاروا الانسحاب عن الموقف بشكل حاد في تقييم الجاذبية. وأشار الباحثون إلى أن "الإقدام"، حتى في مواجهة خطر شخصي، يرسل إشارة قوية بالالتزام والشجاعة، وهي صفات تُعتبر جذابة للغاية من منظور تطوري ونفسي.
خلصت الدراسة إلى أن الجاذبية لا تُبنى على القوة وحدها، بل على الالتزام والإيثار والاستعداد لتحمل المخاطر. فبينما تمثل القوة الجسدية مؤشراً على القدرة، فإن الرغبة في استخدامها دفاعًا عن الآخرين تعبّر عن القيم الأعمق التي يقدّرها البشر في الشركاء والأصدقاء.
