خلف الستار الرقمي: تأثير السوشيال ميديا على الحياة الزوجيّة
باتت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، بل صارت كالماء والهواء، لا نستطيع العيش من دونها، لكن إذا زاد الشيء عن حدِّه انقلب إلى ضدّه، وبدلاً من مطالعة الأحداث اليومية، قد تُطفِئ وسائل التواصل الاجتماعي شرارة الحب بينك وبين زوجتك.
وبينما تمرّر في هاتفك كل يوم كالمُعتاد، ترى صورًا مختلفة من علاقات مثالية بين الأزواج، قد تقارِن بين تلك الصور وحياتك الزوجية، ثُمّ تحتفظ في نفسك بالمشاعر السلبية حينها، والتي لا تلبث أن تظهر في أي خلافٍ بسيط قد يقع.
ربّما لم تعِ أنّ وسائل التواصل الاجتماعي هي المُحرّك الأساسي لذلك الخلاف، لذا كيف تؤثر السوشيال ميديا على الرجل المتزوج؟ وكيف تحمي زواجك من تأثيرها السلبي؟
تأثير السوشيال ميديا على الرجل المتزوج
لا تؤثّر وسائل التواصل الاجتماعي على الرجل المتزوج بمعزلٍ عن أُسرته، بل يكون انعكاسها واضحًا في علاقته بزوجته، ومشاعر الغيرة التي قد بدأت تظهر عليها، أو المقارنات المستمرّة التي يعقدها الزوج مع الآخرين، فتأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي لا يمكِن الاستهانة بها، كما يتضح فيما يأتي:
1. زيادة الفجوة العاطفية مع الزوجة
لا شكّ أنّ استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، يخلق فجوة ولو بدرجةٍ ما بين الأزواج، إذ عندما يقضي أي من الزوجين وقتًا طويلا في أروقة شبكة الإنترنت، يفوتهم ومن دون قصد التفاعل مع الحياة الواقعية فيما بينهم.
بل إن لم يُتدراك الأمر، فقد يمتد إلى الشعور بالانفصال عن العلاقة الزوجية.
فمثلا ارتبط استخدام الفيسبوك بانخفاض القناعة الزوجيّة وارتفاع مُعدّلات الطلاق، إذ وجدت دراسة عام 2014 في مجلة "Computers in Human Behavior"، أنّ الزيادة السنوية بنسبة 20% في اشتراكات الفيسبوك، ارتبطت بزيادة تتراوح بين 2.18 - 4.32% في مُعدّلات الطلاق.
كذلك فإنّ الفحص المتكرّر للهاتف من وقتٍ لآخر من قِبل الزوج أو حتى الزوجة، يقطع الوقت الجيّد الذي يقضيانه معًا، ومِنْ ثم يجد الأزواج صعوبة في إجراء محادثات عميقة أو مشاركة بعض اللحظات الرومانسية، لذا قد يشعرون بأنّهم أقل قُربًا من بعضهم بمرور الوقت.
2. المقارنة مع الصورة المثالية للعلاقات
يتأثّر أي إنسان بما يراه كل يوم، وكُلّما تعرّض لشيءٍ ما بصورة متكرّرة، تشكّلت عنده حالة من الوعي حول هذا الشيء.
لنتخيّل الأمر بزوجٍ يتصفّح وسائل التواصل الاجتماعي كلّ يوم، يرى نسخًا مثالية من العلاقات بين الأزواج، بالكاد يرى شيئًا من هذه النسخ المثالية في علاقته اليومية بزوجته.
لكن الحقيقة أنّ مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يميلون فقط إلى نشر المحتوى الذي يُسلّط الضوء على الجوانب الإيجابية، أي أنّهم لا يعرضون الصورة الكاملة.
لكن بالفعل قد يقع أي من الزوجين في فخ المقارنة مع علاقات الآخرين، مما يؤثّر سلبًا في احترام الذات والرضا عن العلاقة الزوجية، خاصةً إذا سعى الزوج أو الزوجة إلى تحقيق نموذجٍ مثالي، كما يرونه، لكنّه في الواقع بعيد المنال.
بل بمرور الوقت يمكِن لتلك المقارنات أن تُقلّل الثقة والحميمية بين الزوجين.
اقرأ أيضًا: العلاقة الزوجية في عصر التكنولوجيا: تواصل أذكى أم فجوة أعمق؟
3. الغيرة
أيضًا يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تثِير مشاعر الغيرة، خاصةً في ظل المقارنات مع الآخرين والإحساس المستمر بعدم الكفاءة.
فقد تشكّ الزوجة في أنشطة الزوج عبر الإنترنت -أو العكس- وربّما تشعر بالقلق بشأن الأشخاص الذين يتفاعل معهم الزوج أو يتابعهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
وما إن تتسلّل الغيرة على هذا النحو، يأتي معها الشك وربّما الإحساس بعدم الأمان مع الزوج، وربّما حرصت الزوجة على مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي للزوج بصورة مفرطة، وهذا مُنذِر بتوتر العلاقة وانهيار الثقة الزوجية مع مرور الوقت.
4. إهمال التواصل وجهًا لوجه مع الزوجة
هذا يحدث بطبيعة الحال مع الانهماك في تصفّح وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يقلّ التفاعل وجهًا لوجه بين الأزواج، خاصةً أنّ كلّا من الزوجين يقضيان وقتًا طويلاً أمام الشاشات.
بل في كثيرٍ من الأحيان يحلّ الاتصال الرقمي محل المحادثات الشخصية وجهًا لوجه، وهذا قد يصعّب التواصل بين الأزواج، إذ لا يستطيع أي منهما فهم الإشارات غير اللفظية، فضلا عن فهم مشاعر كل منهما بصورةٍ تامة.
وهذا لا شك له أثره في تقليل جودة العلاقة بين الأزواج، بل قد يجد أي منهما صعوبة في حلّ الخلافات أو مناقشة القضايا المهمة فيما بينهما، فضلا عن الفجوة العاطفية التي تزداد بين الزوجين مع غياب التواصل وجهًا لوجه.
كيف تحمي زواجك من تأثير السوشيال ميديا؟
لم يفُت الأوان بعد، إذ يمكِن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بحكمة من دون أن تؤثّر في علاقتك بزوجتك، وفيما يلي أهم النصائح التي تساعدك على ذلك:
1. تقييد وقت استخدام وسائل التواصل الاجتماعي
أول وأهم ما يجب أن تفعله هو تحديد وقت مستقلّ تقضيه مع زوجتك وحدكما بدون ضجيج إشعارات وسائل التواصل الاجتماعي، ومِنْ ثمّ قد تحتاج إلى تحديد وقت الدخول على منصات التواصل الاجتماعي، كي تكون الأولوية للوقت مع الزوجة.
وتذكّر أنّه حتى التمرير الطائش أو إلقاء نظرة خاطفة على هاتفك في وجود زوجتك، قد يجعلها تشعر بعدم الأهمية، لذلك احرص على تخصيص فترة من الوقت لها.
2. اختر الحسابات التي تتابعها بعناية
رغم تعقيد خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنها متلاعِبة، إذ تتعرّف إلى الحسابات التي تتابعها، ثُمّ تستمر في إظهار مزيد من الحسابات المشابهة لها، ومِنْ ثمّ يسهل الوقوع في فخّ المقارنات مع الصور المثالية التي تراها.
لذلك أعِد النظر في الحسابات التي تتابعها، واحذر الوصول إلى الحسابات التي تظنّ أنّها تؤثّر في علاقتك بزوجتك.
اقرأ أيضًا: الصمت العقابي بين الزوجين: كيفية كسر دائرة الصمت وبناء جسور التواصل
3. أكثِر من الحوار وجهًا لوجه
لا تدع وسائل التواصل الاجتماعي تسرق وقتك الثمين، خاصةً إن كان ذلك على حساب محادثةٍ لطيفة مع زوجتك، فالمحادثات المشتركة بينكما لا تكون ممتعة إلّا عندما تبدآن بها، وإذا كان الأمر صعبًا فربّما يمكن تخصيص 15 - 20 دقيقة عدة مرات كل أسبوع للتواصل بشكلٍ أفضل مع الزوجة.
4. الديتوكس الرقمي
ربّما توترت علاقتك بزوجتك مؤخرًا ولم تقف على سببٍ واضح، ولكن الحقيقة الثابتة تكمن في قضاء وقت طويل أمام وسائل التواصل الاجتماعي، لذا خُذ خطوة إلى الوراء، واحذف وسائل التواصل الاجتماعي لمدة أسبوع أو أسبوعين.
وحاول أن تقضي وقتًا أطول مع زوجتك أو الذهاب في نزهة معها، أو أي شيءٍ يعِيد الارتباط العاطفي بينكما، ثُمّ حين تستقر الأمور، عاوِدنشاطك على وسائل التواصل الاجتماعي برويّة.
5. تفهّم مشاعر الزوجة
من السهل أن تشعر الزوجة بالغيرة أو عدم الأمان في ظل قضاء الزوج وقت طويل على وسائل التواصل الاجتماعي، لذا تفهّم تلك المشاعر وتعاطف مع زوجتك، وطمئنها، وحاول أن تفهم وجهة نظرها جيدًا، فهذا سيساعد على بناء الثقة وتعميق المحبّة بينكما.
6. تجنّب المقارنات
تذكّر دائمًا أنّ الناس يميلون إلى عرض صور إيجابية عن حياتهم، ولا يتطرّقون إلى الأمور السلبية، ومِنْ ثمّ فأغلب ما تراه بشأن العلاقات على وسائل التواصل الاجتماعي غير حقيقي، وبدلا من المقارنات، ركّز على رحلتك الفريدة مع زوجتك في الحياة، وتجنّب مقارنتها بالآخرين، فهي بالتأكيد تمتلك ما يميّزها عن غيرها.
