دراسة حديثة تحدد أفضل تمارين المناسبة مع آلام الركبة المنهكة
في تطور علمي جديد قد يغيّر الطريقة التي يُعالج بها الملايين من مرضى آلام الركبة المزمنة، أكدت دراسة شاملة نُشرت في المجلة الطبية البريطانية (BMJ) أن التمارين الهوائية مثل المشي وركوب الدراجات والسباحة تُعد الخيار الأفضل لتخفيف الألم وتحسين الحركة وجودة الحياة، مقارنةً بأنواع التمارين الأخرى كالمرونة أو التقوية العضلية.
تأتي هذه النتائج بعد أن أظهرت الإحصاءات أن ما يقرب من نصف الأشخاص فوق سن الخمسين يعانون من آلام مزمنة في الركبة، بينما يُظهر حوالي 30% ممن تجاوزوا 45 عامًا علامات هشاشة العظام — وهو المرض التنكّسي الأكثر شيوعًا الذي يُضعف مفاصل الركبة بمرور الوقت.
فوائد المشي وركوب الدراجات والسباحة
ووفقًا للباحثين، يُسبب الفُصال العظمي تآكل الغضروف الواقي بين العظام، ما يؤدي إلى احتكاك المفاصل وتورمها وتقييد حركتها، الأمر الذي يُجبر أكثر من 100 ألف مريض سنويًا في المملكة المتحدة على انتظار جراحة استبدال المفصل.
اقرأ أيضا: تقارير طبية تكشف 6 خطوات بفعالية لتخفيف آلام الركبة (تعرف عليها)
الدراسة، التي استعرضت نتائج 217 تجربة سريرية شملت أكثر من 15,600 مريض في الفترة بين 1990 و2024، قارنت بين مجموعة واسعة من التمارين، بما في ذلك التمارين الهوائية وتمارين المرونة والتقوية والعقل والجسم، وكذلك التمارين المختلطة، ووجدت أن التمارين الهوائية قدّمت أفضل نتائج شاملة من حيث تخفيف الألم وتحسين الأداء الحركي وجودة الحياة.
وقال الباحثون في بيانهم: “التمارين الهوائية تُظهر باستمرار أعلى فعالية لتخفيف الألم في المدى القصير والمتوسط، وتحسين الوظيفة الحركية وجودة الحياة، دون أي آثار جانبية تذكر.”
وأشار الفريق إلى أن هذه النتائج تملأ فجوة مهمة في الإرشادات الطبية التي كانت “غامضة أو غير حاسمة” في السابق حول نوع التمارين الأنسب لعلاج آلام الركبة. وأضافوا أن المرضى الذين يمارسون أنشطة منتظمة مثل المشي السريع، أو ركوب الدراجات، أو السباحة، يُظهرون تحسّنًا ملحوظًا في الحركة اليومية وتقليل الحاجة إلى المسكنات.
كما أوصى الباحثون الأطباء بضرورة تبنّي التمارين الهوائية كخيار علاجي أول، مع إمكانية دمج أنواع أخرى من التمارين كدعم تكميلي، وليس كبديل. وأكدوا أن جميع أشكال التمارين، بما فيها الهوائية، آمنة تمامًا ولم تُسجّل أي آثار جانبية مقارنةً بالمجموعة الضابطة.
أهمية النظام الغذائي المتوسطي
وبجانب التمارين، تُشير الدراسة إلى أهمية النظام الغذائي المتوسطي — الغني بالبروتينات النباتية والحبوب الكاملة وزيت الزيتون والأسماك — لما له من خصائص مضادة للالتهابات تساعد في تهدئة تورم المفاصل وتحسين صحة القلب والتحكم في الوزن، وهما عاملان رئيسيان في الحد من تطور هشاشة العظام.
كما لفت الباحثون إلى أن الوخز بالإبر قد يُسهم بدور تكميلي، إذ أثبتت مراجعة حديثة شملت 18 دراسة تضم أكثر من 14 ألف شخص أن الوخز بالإبر ساعد في تخفيف الألم وتحسين الحركة لدى بعض المرضى، وإن كانت فوائده على المدى الطويل لا تزال محدودة.
ويأمل الفريق أن تُساعد نتائج هذه الدراسة الأطباء في اتخاذ قرارات علاجية أكثر دقة، ودفع المرضى إلى اعتماد النشاط البدني المنتظم كوسيلة آمنة وفعالة لإدارة الألم، قبل اللجوء إلى المسكنات أو الجراحة.
يختم الباحثون: “الرياضة هي الدواء، والمشي اليومي قد يكون أكثر فاعلية من أي وصفة طبية في استعادة جودة الحياة.”
