صمتٌ يخفي الكثير: كيف تقرأ الزوجة ما وراء كلمات الرّجل الغائبة؟
الرجال أعمق تفكيرًا، ولا يعبِّرون عن مشاعرهم بسهولة، فإظهار المشاعر يعني الضعف بالنسبة لهم غالبًا، وفي خضم تفكير الرجل ومشاعره التي تدور في خاطره، يكون الصمت سيّد الموقف، وهُناك من يراقِب الزوج، ويفهم هذا الصمت على أنّه تجاهُل أو ازدراء أو عدم اهتمام أو غير ذلك.
لا تتعامل الزوجة مع صمت الرجل كما يتصور، فطبيعتها تميل إلى التعبير عن مشاعرها بسرعة، لذا غالبًا ما تفسّر الصمت المستمر للرجل بشكل سلبي.
ولا يمكن الإنكار أنّ الصمت أحيانًا يكون ذو دلالة سلبية في العلاقة الزوجية، لكن أليس هُناك بعض التفسيرات المقنعة لمَيل بعض الرجال إلى الصمت؟ فما تأثير صمت الرجل على العلاقة الزوجية وكيف تفهمه الزوجة؟
لماذا يلتزم بعض الرجال الصمت في الخلافات؟
يمكن تفسير ميل بعض الرجال إلى الصمت بناءً على عوامل نفسية، من بينها على سبيل المثال:
1. الثقافة المجتمعيّة والذكورة
يُحدّد المجتمع كيفية تعامل الرجال مع عواطفهم بطرقٍ مُعيّنة، إذ يتعلّم الأولاد الذكور مبكرًا أنّ إظهار المشاعر يعني الضعف. وهذه البرمجة الاجتماعية تخلق وضعًا معقدًا، إذ غالبًا ما يكون الرجال أكثر حذرًا في العلاقة، ويبحثون عن علامات عدم الرضا أو احتمال حدوث خلاف من قِبل الطرف الآخر.
بل تدلّ الدراسات على أنّ الرجال يشعرون بالخجل من احتياجاتهم العاطفية، لأنّ المُجتمع يعلّمهم الاعتماد على أنفسهم عاطفيًا. وهذا يخلق تناقضًا، إذ يراقب الرجل مشاعر الزوجة عن كثب، ولكنّه يتردّد في التعبير عن مشاعره.
2. أساليب المعالجة والتنظيم العاطفي
تختلف معالجة المشاعر عند الرجال مقارنةً بالنساء، فمثلا:
- يجد أغلب الرجال صعوبةً في التحدث أثناء شعورهم بعواطف قوية، فيفصلون بين التعبير اللفظي والمشاعر.
- يعبِّر الرجال عن مشاعرهم من خلال الأفعال لا الكلمات.
- يصمت الرجال لمعالجة مشاعرهم داخليًا أو التفكير قبل التعبير بالكلمات.
وهذه الأنماط النفسية قد تساعد على فهم سبب صمت الرجال، فهي طريقة طبيعية في معالجة العواطف بالنسبة لهم، وهذا يساعد الزوجة على فهم الزوج بشكلٍ أفضل من دون التعامل مع الصمت على أنّه إهمال لها أو أن تسيء الظن بزوجها.
صمت الرجل: هروب أم تفكير؟
قد يكون صمت الرجل لغزًا بالنسبة إلى الزوجة، بما يؤثر بدرجة ملحوظة في العلاقة الزوجية، لكن ثمّة أسباب محتملة وراء هذا الصمت، والتي قد تتمثّل في ما يلي:
1. التوتر أو هيمنة المشاعر
قد تجعل ضغوطات الحياة الزوج يميل إلى الصمت، كونه وسيلة للتأقلم مع تلك الضغوطات، وربّما يكون الصمت أكثر وضوحًا عندما يحاول الرجل الموازنة بين أدواره كأبٍ وزوجٍ وموظّف وغير ذلك.
فمثلا قد ترى الزوجة زوجها صامتًا في حالة:
- تراكُم المسؤوليات الأُسرية.
- زيادة أعباء العمل.
- القلق بشأن الأمور المالية.
- تحدّيات في العلاقة بين الزوجين.
اقرأ أيضًا:لماذا يخاف الرجال من البوح؟ العواقب الخفية للصمت العاطفي
2. الحاجة إلى مساحة ذهنية لمعالجة الأمور
قد تميل المرأة إلى مناقشة الأمور على الفور، فيما يحتاج الرجال إلى بعض الوقت لترتيب مشاعرهم بأنفسهم، وهذا ليس تجنبًا، فهي الطريقة الطبيعية التي يتعامل بها الرجال مع المعلومات العاطفية.
وقد يعني هذا الصمت أنّ الرجل يفكّر بشكلٍ جدّي، إذ تشير الأبحاث إلى أنّ الرجال يحتاجون إلى فترات من الوقت بمفردهم للتغلب على مشاكلهم في الحياة الواقعية، وهذا يفسّر لماذا دفْع الرجال للتحدّث على الفور لا يُجدِي نفعًا عادةً.
3. الخوف من الصراع أو الانتقاد
إنّ المُحفّز الأكبر لصمت الرجال يأتي من الخوف من الخلافات أو الانتقاد، إذ يميل الرجال إلى مراقبة الحالة العاطفية للزوجة عن كثب، بحثًا عن علامات الصراع أو النقد المحتمل.
وتؤدي هذه اليقظة إلى ما يطلق عليه الخبراء "متلازمة المشي على الزجاج"، إذ يكون الرجال حذرين في كلماتهم للحفاظ على الاستقرار وتجنّب الخلاف.
كما أن الرجال يميلون إلى أن يظلّوا هادئين، لأنّهم يعتقدون أنّ التحدّث قد يجعل الأمور أسوأ، ليس فيما يتعلّق بالوضع الحالي فحسب، بل يرتبط بمخاوف أعمق من فقدان العلاقة.
تأثير صمت الرجل على العلاقة الزوجية وكيف تفهمه الزوجة؟
1. التأثير على القُرب العاطفي
يخلق الصمت حاجزًا غير مرئيًا بين الزوجين، كما أنّ الصمت المطوّل يمكن أن يجعل الزوجة تشعر بالعزلة والتخلِّي العاطفي. فالعلاقة العاطفية بين الزوجين، تمامًا مثل النبتة، تحتاج إلى رعاية مستمرّة من خلال التواصل الواضح بين الزوجين.
وقد ينعكس الصمت على القُرب بين الزوجين في:
- شعور أحد الشريكين بأنّه مُستبَعد باستمرار.
- الاحتياجات العاطفية لا تزال غير مُعبّر عنها.
- المحادثات اليومية تصبِح سطحية.
أمّا من ناحية الرجل، فالرجال الذين يكتمون مشاعرهم، هم أكثر عرضةً للإصابة بالاكتئاب والتوتر والقلق، وهذا لا يضرّ صحتهم النفسية فحسب، بل قد يمتد أثره ليضرّ العلاقة أيضًا.
2. فشل التواصل
غالبًا ما يؤدي صمت الرجل إلى إثارة حلقة مفرغة في العلاقة، إذ تبذل الزوجة جهدًا أكبر في التواصل، ما يدفع في النهاية إلى عدم الرضا عن العلاقة. وبينما قد يميل الرجل إلى الصمت خوفًا من الصراع، لكن هذا التجنّب غالبًا ما يخلق مشاكل أكبر في العلاقة مع الزوجة.
اقرأ أيضًا:الصمت العقابي بين الزوجين: كيفية كسر دائرة الصمت وبناء جسور التواصل
3. بناء أو كسْر الثّقة
الثقة هي أساس العلاقة بين الزوجين، والصمت يمكن أن يقوِّي أو يضعِف هذه الثقة، فالصمت المريح والمُتبادَل "أن يرغب الزوجان في تشارُك الهدوء" يعزّز الشعور بالأمان في العلاقة، أمّا استخدام الصمت تكتيكًا للسيطرة، فهو نمط مُدمِّر للعلاقة.
صحيح أنّ الرجل قد يحتاج إلى الصمت لفترة طويلة لمعالجة المشاعر، لكنّ ثمّة علامات تدلّ على أنّ الصمت مُدمّر للعلاقة، مثل:
- تحوّل الصمت إلى عقاب.
- التواصل فقط بشروط شريكٍ واحد.
- تحدّث الرجل مع الآخرين لكنه يظل صامتًا تجاه زوجته.
- أن يصبح الصمت نمطًا سلوكيًا منتظمًا في العلاقة.
كيف تتعامل الزوجة مع صمت زوجها؟
ختامًا، يمكِن للزوجة التعامل مع صمت الزوج بذكاءٍ بعد فهم سبب ميل الرجل إلى الصّمت عمومًا، وفيما يلي بعض النصائح المناسبة، حسب موقع "Marriage":
1. إرسال رسالة نصّية معبّرة عن الاهتمام
ربّما يقع الصمت بعد خلاف بين الزوجين، ولكن يمكن كسر حاجز الصمت بعد الخلاف برسالة نصية بسيطة، إذ يتِيح لك العالم الرقمي تجنّب التفاعل وجهًا لوجه برسالة مهما بدَت بسيطة.
الفكرة ببساطة تكمن في بدء المحادثة قبل اللقاء وجهًا لوجه، إذ قد يشعر الطرفان ببعض الإحراج. وربما تميل الزوجة إلى تجنّب استخدام الإيماءات الرومانسية أثناء المحادثة، خاصة إذا كان هناك خلاف كبير مع الزوج، لكن المهم هو التعبير عن أي شعور، حتى لو كان مجرد الاعتذار عما حدث وأدى إلى النزاع.
2. تجنّب التفاعل مع الصّمت السّام
إذا كان الصمت طويل الأمد ولا يعبّر عن الاحترام، بل يُستخدَم تكتيكًا للسيطرة، فالصمت هُنا تحوّل إلى أداة للإساءة.
فعندما يعود الزوج، ينبغي على الزوجة التحدث بهدوء وبشكل طبيعي، مع تذكيره بأن المعاقبة بالصمت ليست سلوكًا مناسبًا أو مقبولا، وأن الحل الأمثل لأي مشكلة هو النقاش المفتوح، مع تجنّب اللجوء إلى الصمت غير المبرر.
3. الاعتذار
بعيدًا من الإساءة العاطفية والتلاعب عن طريق الصمت، فالطريقة المباشرة لكسر الصمت في العلاقة هي الاعتذار، سواء كانت الزوجة السبب في الخلاف أم لا.
في حين أنّ نجاح العلاقة يتطلب جهود الطرفين، فإنّ مواجهة الصعوبات أيضًا تقع على عاتق كلاهما، فهي ليست منافسة لمعرفة من يعتذر أولا، بل كلّما عاد التفاهم إلى طبيعته بسرعة أكبر، كانت العلاقة أفضل.
اقرأ أيضًا:العلاقة الزوجية في عصر التكنولوجيا: تواصل أذكى أم فجوة أعمق؟
4. استشارة مُختص
قد لا تفلِح معظم الحلول في كسر الصمت، ومن الحكمة في تلك الحالة استشارة مهني أو مُختص في العلاقات الزوجية، إذ يساعد الخبراء على رؤية الجوانب المختلفة، وبحث أفضل الطرق لكسر الصمت واستعادة التواصل الطبيعي في العلاقة.
